تركيا تتحدث عن «صعوبات» في الانسحاب الأميركي

TT

تركيا تتحدث عن «صعوبات» في الانسحاب الأميركي

جددت تركيا عزمها على تنفيذ خطتها لعملية عسكرية تستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية الحليفة للولايات المتحدة في شرق الفرات، عادّة أن علاقة أميركا مع «التنظيمات الإرهابية» وتناقض أجنحة الإدارة الأميركية، شكلا صعوبات أمام خطة الانسحاب من سوريا، وأنها ترى فائدة من التعاون مع روسيا وإيران فيما يتعلق بالملف السوري.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في كلمة أمام البرلمان في أنقرة أمس غداة زيارة وفد أميركي برئاسة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون لبحث قرار الانسحاب الأميركي، عدّها مراقبون مقدمة لتوتر جديد على محور أنقرة - واشنطن، إن الولايات المتحدة تواجه صعوبات في الانسحاب من سوريا، وإن تركيا تدعم وحدة الأراضي السورية، ولا تتردد في اتخاذ الخطوات اللازمة شرق نهر الفرات. وأضاف: «نرى أن الولايات المتحدة تواجه صعوبات في الانسحاب من سوريا... الخروج يكون صعبا بعد كل هذا التقارب مع (وحدات حماية الشعب) الكردية وحزب العمال الكردستاني».
ولفت الوزير التركي إلى صدور أصوات مختلفة من مؤسسات أميركية كثيرة بخصوص الانسحاب من سوريا، موضحا أن هناك صعوبات ميدانية، وقال: «لكننا نتغلب عليها، ولا نتردد في تنفيذ خطواتنا شرق الفرات».
وأكد جاويش أوغلو عدم وجود مشكلات في تطبيق اتفاق سوتشي التركي - الروسي الموقع في سبتمبر (أيلول) الماضي بخصوص إقامة منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية ومحيطها، حتى اليوم، قائلا إن «تركيا لا تتمنى أن تحدث مشكلات في المرحلة المقبلة بشأن تطبيق الاتفاق». وعبّر عن دعم بلاده وحدة أراضي وحدود سوريا.
ولفت إلى استمرار التحضيرات لعقد قمة ثلاثية جديدة بين رؤساء تركيا رجب طيب إردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران حسن روحاني، في روسيا، مشيرا إلى أن إيران لها دور مهم في التسوية السلمية للأزمة السورية، وأن تركيا ستواصل التعاون معها في هذا الصدد.
في السياق ذاته، عبرت أنقرة عن غضبها تجاه تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن ضمان حماية «الوحدات» الكردية في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية، وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، إن «الأمن القومي التركي غير قابل للتفاوض عليه».
وأضاف في تعليق على مباحثات الوفد الأميركي في أنقرة، أول من أمس، أن «إظهار الأكراد السوريين و(الجماعات الإرهابية) المدعومة من الولايات المتحدة كأنهما شيء واحد؛ إهانة للشعب الكردي ولذكائنا».
كان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، قال في مؤتمر صحافي عقب المباحثات مع الوفد الأميركي برئاسة بولتون، إن تركيا ستواصل تنفيذ ما يقع على عاتقها من أجل حماية المدنيين في سوريا، بمن فيهم الأكراد، عادّا أن «الزعم بأن تركيا ستقتل الأكراد في حال دخولها شرق الفرات، وبأنهم سيتضررون، ليس سوى دعاية يطلقها حزب العمال الكردستاني (المحظور)».
من جانبه، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، إن ملفات بلاده الأمنية «لا تخضع لمساومات السياسة بأي شكل من الأشكال»، مشيرا إلى أن الجيش التركي قد يدخل فجأة إلى منطقة شرق الفرات في عملية يستعد لتنفيذها منذ أسابيع ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وبشأن تصريحات المسؤولين الأميركيين التي عبروا فيها عن مخاوف من استهداف تركيا الأكراد، قال تشيليك، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع للجنة المركزية للحزب في أنقرة برئاسة إردوغان، ليل أول من أمس، إن تركيا هي «الصديق الوحيد للأكراد»، عادّاً أنه لا أحد يمكنه إعطاء دروس لتركيا بشأن الدفاع عن الأكراد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.