عقوبات أوروبية على إيران... وهولندا تتهمها بتنفيذ اغتيالين سياسيين

طهران تحمّل أوروبا مسؤولية إيواء معارضيها

وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك يتحدث في مقر البرلمان لوسائل الإعلام بعد تسليم رسالة أمس حول اغتيالين سياسيين (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك يتحدث في مقر البرلمان لوسائل الإعلام بعد تسليم رسالة أمس حول اغتيالين سياسيين (أ.ف.ب)
TT

عقوبات أوروبية على إيران... وهولندا تتهمها بتنفيذ اغتيالين سياسيين

وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك يتحدث في مقر البرلمان لوسائل الإعلام بعد تسليم رسالة أمس حول اغتيالين سياسيين (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك يتحدث في مقر البرلمان لوسائل الإعلام بعد تسليم رسالة أمس حول اغتيالين سياسيين (أ.ف.ب)

وافق الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على أجهزة الاستخبارات الإيرانية أمس، ردا على مخططات لاغتيال معارضين سياسيين في الدنمارك وفرنسا وهولندا العام الماضي. وبالتزامن، اتهم وزير الخارجية الهولندي طهران رسميا بالوقوف وراء اغتيالين سياسيين؛ وذلك في وقت تنتظر فيه حكومة حسن روحاني تفعيل آلية أوروبية لمواجهة العقوبات الأميركية.
وقال وزير الخارجية الدنماركي آندرسون سامويلسون، أمس، إن الاتحاد الأوروبي أقر عقوبات على جهاز الاستخبارات الإيراني للتخطيط لاعتداءات واغتيالات في أوروبا.
وبحسب تغريدة لسامويلسون على «تويتر»؛ فإن الاتحاد الأوروبي وافق أمس على فرض عقوبات ضد أجهزة الاستخبارات الإيرانية، بسبب مؤامرات اغتيالات على أراض أوروبية، في إشارة قوية من جانب الاتحاد الأوروبي «إلى أننا لن نقبل بمثل هذا السلوك في أوروبا» بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وهي الخطوة الثانية من نوعها بعد موافقة أوروبية على عقوبات فرنسية مماثلة في غضون 3 أشهر.
في وقت لاحق، رحب رئيس الوزراء الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، بالخطوة الأوروبية، وقال عبر «تويتر»: «إنه أمر مشجع للغاية أن يوافق الاتحاد الأوروبي للتو على فرض عقوبات جديدة ضد إيران، ردا على الأنشطة العدائية والمؤامرات التي يتم التخطيط لها، وتنفيذها في أوروبا، بما في ذلك في الدنمارك».
وتشمل العقوبات تجميد أموال وأصول مالية أخرى تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية وأفراد تابعين لها، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين.
العقوبات الأوروبية تأتي ردا على طلب رسمي من كوبنهاغن في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دعت فيه شركاءها في الكتلة الأوروبية لفرض عقوبات على طهران، بعد اتهامها بالتحضير لسلسلة اغتيالات تستهدف شخصيات في المعارضة العربية للنظام التي حمّلتها طهران جزئياً مسؤولية هجوم دامٍ بمدينة الأحواز جنوب غربي إيران في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفي 28 سبتمبر تسببت عملية مطاردة أمنية لها ارتباط بالمخطط الذي يستهدف رئيس «حركة النضال العربي من أجل تحرير الأحواز» حبيب جبر، في إغلاق الجسور وتعليق الرحلات البحرية بين الدنمارك والسويد.
وفي 20 نوفمبر، كشف دبلوماسيون أوروبيون عن أن وزير الخارجية الدنماركي الذي ساندته الدول الاسكندنافية، عمل على حشد الدعم فرض عقوبات من جميع دول الاتحاد الأوروبي فور اكتمال تحقيقها. تزامن التحرك الدنماركي مع تأييد وزير خارجية دول الاتحاد الأوروبي قرارا للحكومة الفرنسية بفرض عقوبات على كيانات إيرانية ردا على مخطط التفجير ضد مؤتمر للمعارضة الإيرانية (مجاهدين خلق) في فيليبت بضواحي باريس. في اليوم نفسه قال وزير الخارجية الدنماركي إن تحركه لاقى ترحيبا من نظيريه الألماني هايكو ماس والفرنسي جان إيف لودريان.
وكانت وزارتا الخارجية والمالية الفرنسيتين أمرتا بإدراج إدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية والقيادي في الاستخبارات الإيرانية سعيد هاشمي مقدم إضافة إلى الدبلوماسي الإيراني في النمسا والموقوف حاليا في بلجيكا أسد الله أسدي، ضمن لائحة العقوبات.
في المقابل، رفضت طهران التقارير التي ظهرت عن إحباط عملية الاغتيالات، واتهمت «أعداءها» بتدبير مؤامرة ضدها لتقويض علاقاتها بأوروبا. حينذاك قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «أجهزة الاستخبارات الأوروبية أحبطت 10 محاولات اغتيال تستهدف معارضين للنظام الإيراني على مدى العام الماضي».
وتملك إيران عدة أجهزة استخبارات موازية لوزارة للاستخبارات تسمى «الإطلاعات»، وهي تملك ذراعها للعمليات الخارجية. وأبرز الأجهزة الموازية جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، الذي تشكل نخبته نواة «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني. وتنشط أجهزة استخبارات أخرى تركز على العمل في الداخل الإيراني وهي تابعة للجيش وقوات الشرطة إضافة إلى القضاء الإيراني.
والملاحظ أن إحباط مخططات أجهزة الاستخبارات الإيرانية، أدى نسبيا إلى إنهاء الانقسام بشأن كيفية معاقبة الإيرانيين الذين يشتبه بتورطهم في عمليات إرهابية في أوروبا والشرق الأوسط وذلك رغم تمسك الاتحاد الأوروبي بالاتفاق النووي.
ولم تمض فترة على إعلان فرنسا والدنمارك إحباط عمليات للاستخبارات الإيرانية حتى طردت ألبانيا السفير الإيراني الشهر الماضي بعد إحباط مخطط للقيام بعمل إرهابي، قالت وسائل إعلام ألبانية إنه يعود لعامين قبل الآن وكان يستهدف مباراة كرة قدم بين المنتخبين الألباني والإسرائيلي.
وتطالب طهران بتفعيل آلية أوروبية لمواصلة التجارة بعد بدء المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية في بداية نوفمبر الماضي، لكن الآلية الأوروبية لم تدخل حيز التنفيذ رغم تأكيدات رسمية من الجانبين بجاهزيتها قبل نهاية العام الماضي.
وقال سامويلسون قبل اجتماع لوزراء الاتحاد الأوروبي للشؤون الأوروبية في بروكسل، حيث تم وضع قرار فرض العقوبات في صورة رسمية، إن الاتحاد الأوروبي تمكن من إحداث «اختلاف واضح» بين القضيتين، مضيفا: «إننا نتمسك بالاتفاق (النووي)، ولكن من ناحية أخرى، يجب أن تكون لدينا سياسة خارجية قوية عندما نرسل إشارات واضحة بأننا لن نقبل بهذا النوع من التدخل على الأراضي الأوروبية».
في سياق متصل، قال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك أمس إن إيران لعبت دورا في واقعتي اغتيال سياسي مما دفع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة عليها.
وجاء في رسالة وقعها وزيرا الخارجية والداخلية الهولنديان وموجهة إلى البرلمان، أن أجهزة الاستخبارات الهولندية تملك «مؤشرات قوية على ضلوع إيران في تصفية مواطنين هولنديين من أصل إيراني في عامي 2015 و2017».
وعن العقوبات الأوروبية، أوضح بلوك أنه «عندما أُعلن عن العقوبات، اجتمعت هولندا إلى جانب كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والدنمارك وبلجيكا، بالسلطات الإيرانية». وأفاد في رسالة موجهة إلى البرلمان وقعتها كذلك وزيرة الداخلية كايسا أولونغرن بأن الاجتماع أشار إلى «قلق جدي بشأن تورط إيران المحتمل في هذه الأعمال العدائية على أراضي الاتحاد الأوروبي».
وقال بلوك إنه ينتظر «من إيران أن تتعاون بشكل كامل في تبديد بواعث القلق الحالية والمساعدة في التحقيقات الجنائية عند الضرورة» مضيفا: «في حال لم يتم تعاون من هذا النوع في الوقت القريب، فلا يمكن استبعاد (فرض) عقوبات إضافية». وعدّ الوزير الاغتيالات الإيرانية «انتهاكا صارخا للسيادة ومرفوضة»، مشددا على أنه يحافظ على سرية الأدلة بهدف تسهيل العمل المشترك في الاتحاد الأوروبي ضد إيران.
وقال الوزيران الهولنديان إنه تم التأكيد خلال لقاء مع مسؤولين إيرانيين أن «الإجراءات غير مرتبطة» بالاتفاق النووي الإيراني. وورد في الرسالة أنه «مع ذلك، ستحاسَب إيران على جميع الأمور التي تؤثر على الاتحاد الأوروبي والمصالح الأمنية الدولية» بما في ذلك عمليتا الاغتيال في هولندا.
ووجهت أصابع الاتهام إلى الاستخبارات الإيرانية بعد اغتيال الناشط السياسي الأحوازي أحمد مولى نيسي على يد مجهولين أمام منزله في لاهاي في نوفمبر 2017. ويعود ثاني اغتيال سياسي للمعارض محمد رضا كلاهي في 2015 الذي تدّعي إيران أنه وراء تفجير مقر حزب «جمهوري إسلامي» في 27 يونيو (حزيران) 1981.
وبهذا تكشف هولندا عن تقدم كبير في عمليات التحقيق بعد الغموض.
وهذه أول مرة تعلن فيها هولندا بوضوح مسؤولية إيران عن الاغتيالين. وخرج المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في مؤتمر صحافي ووجه انتقادات لاذعة للخارجية الهولندية بسبب طردها اثنين من كبار الدبلوماسيين الإيرانيين، قبل أن تستدعي طهران السفير الهولندي للاحتجاج.
في المقابل، ردت طهران على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي كتب عبر حسابه في «تويتر»: «عقوبات الاتحاد الأوروبي على إيران بشأن مخططات لهجمات في أوروبا لن تعفي أوروبا من مسؤولية إيواء إرهابيين».
ووفقا لتقرير صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، فإنه يشتبه بأن إيران قامت بتوظيف عصابة مخدرات هولندية في محاولة للتستر على تورطها في الجريمة. ونقلت الصحيفة «ترجيحات» بأن إيران «اتصلت بعصابة جرائم محلية بواسطة (حزب الله) اللبناني الذي ينشط في التهريب الدولي المخدرات». ونقلت عن الادعاء العام الهولندي اعتقاده بأنه «تم التقاعد من قبل رجل أعمال من أصل مغربي شهير في أمستردام». وقالت الحكومة الهولندية إنه في حين أن لديها أدلة استخباراتية على تورط إيران، فإنها لم يكن لديها دليل يمكن استخدامه في المحكمة.



خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم (الأربعاء)، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً تراجع دور إيران في المنطقة.

وأضاف أن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور أيضاً». ولم يذكر تلك الدولة بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا التي تدعم معارضين مسلحين مناهضين للأسد. ويُنظر للإطاحة بالأسد على نطاق واسع على أنها ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري المسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، الذي يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وقال خامنئي في كلمة نشرها موقعه الرسمي إن «ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف عمليات بأميركا وإسرائيل. لدينا دليل على ذلك. كما شاركت حكومة مجاورة لسوريا في الأمر»، وأضاف أن تلك الدولة الجارة كان لها «دور واضح ومتواصل للقيام بذلك» في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة. وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على «نهج بعيد النظر وحكيم» للبلدين، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري.

وقال خامنئي في كلمته أيضاً إن التحالف الذي تقوده إيران سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

كما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن خامنئي قوله إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية بوجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفاً أن دمشق «تجاهلت العدو».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي إن «الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك»، لافتاً إلى أن طهران «كانت تتوقع حدوث هذا السيناريو» بناءً على المعلومات التي وصلت إليها.

وأشار عراقجي إلى أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.

ونفى مكتب علي لاريجاني، ما قاله محلل مقرب من السلطات للتلفزيون الرسمي بشأن عرض إيراني للأسد في اللحظات الأخيرة، يقضي بحض جيشه على الوقوف بوجه المعارضة السورية لمدة 48 ساعة، حتى تصل قوات إيرانية إلى سوريا.

وقال المحلل، مصطفى خوش جشم، في تصريح لـ«القناة الرسمية الثانية»، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا. وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش»، وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».