ليبيا: إحباط محاولة ثانية لتهريب أسلحة من تركيا

اندلاع أزمة بين السراج ونوابه بسبب «الرقابة الإدارية»

وزير الداخلية الليبي المفوض مستقبلاً السفير الصيني لدى ليبيا في طرابلس أمس (مكتب الاعلام الأمني)
وزير الداخلية الليبي المفوض مستقبلاً السفير الصيني لدى ليبيا في طرابلس أمس (مكتب الاعلام الأمني)
TT

ليبيا: إحباط محاولة ثانية لتهريب أسلحة من تركيا

وزير الداخلية الليبي المفوض مستقبلاً السفير الصيني لدى ليبيا في طرابلس أمس (مكتب الاعلام الأمني)
وزير الداخلية الليبي المفوض مستقبلاً السفير الصيني لدى ليبيا في طرابلس أمس (مكتب الاعلام الأمني)

أعلنت مصلحة الجمارك في ليبيا ضبط أكثر من 20 ألف مسدس داخل حاوية بضائع قادمة من تركيا في ميناء مصراتة البحري، الواقع على بعد نحو 200 كلم شرق العاصمة طرابلس. وقال فرع مصلحة الجمارك بمصراتة في بيان إن الحاوية كانت تحتوي على بعض المواد المنزلية وألعاب الأطفال في مقدمة الحاوية للتمويه، لكن بعد فرز وجرد البضاعة تم تحديد 556 كرتونة، أي بواقع 36 مسدساً في كل كرتونة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، رداً على تهريب الأسلحة من تركيا إلى ليبيا، إن القاهرة ترصد «كل محاولات زعزعة استقرار ليبيا، وتغيير مراكز المنظمات المتطرفة، وتأثير ذلك على المواطن الليبي»، مشيراً إلى أن «التنظيمات الإرهابية والمتطرفة مستمرة في العمل لإعاقة جهود التسوية وتهديد الدول المجاورة».
وأضاف شكري في مؤتمر صحافي، أمس مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، أن «شركاء أوروبيين رصدوا أيضاً، واستطاعوا أن يوقفوا شحنات أسلحة قادمة من تركيا لدعم الميليشيات المتطرفة، وهو ما يؤثر على استقرار وأمن دول المنطقة. بالإضافة إلى ما تقوم به دول أخرى مثل قطر».
ومضى شكري قائلاً: «نحن نحذر من ذلك، ونسعى لأن يكون واضحاً للمجتمع الدولي أهمية المواجهة لكل من يوفر دعماً للتنظيمات المتطرفة واستغلالها لأغراض سياسية».
وحول الرؤية المغربية للترتيبات الأمنية التي أُقرت في اجتماع مدينة الزاوية بطرابلس برعاية أممية، قال بوريطة، إن بلاده تعتبر «أن الجانب الأمني له نفس الأهمية، مثل الجانب السياسي في الملف الليبي»، مشيراً إلى أن «الجوانب الأمنية لها تأثير مباشر على نجاح الجوانب السياسية، ولهذا تنسق المغرب مع كثير من الدول، ومنها مصر». وذهب إلى أن «الجوانب السياسية في (اتفاق الصخيرات) لم تطبق للأسف بشكل كامل، كما أن الترتيبات الأمنية لهذا الاتفاق لم تطبق أبداً».
ودخلت حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، في جدال سياسي مع هيئة الرقابة الإدارية. وذلك بعد أن طلب رئيسها نصر حسن بشكل مفاجئ، عدم التعامل مع قرارات اتخذتها الحكومة من دون إجماع أعضاء مجلسها الرئاسي. بالإضافة إلى طلب رفع الحصانة عن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس. جاء ذلك في وقت تعهد فيه السراج بالمضي قدماً في خطوات تعزيز الاستقرار الأمني في العاصمة طرابلس، وذلك «عبر استكمال الترتيبات المتفق عليها لتأمين الأرواح والممتلكات من قبل مختلف الجهات المعنية».
وقال محمد السلاك، الناطق باسم رئيس المجلس الرئاسي، في مؤتمر صحافي عقد في طرابلس أمس، إن حكومة الوفاق تضع الوضع الأمني كأولوية، مبرزاً أنها تعمل بشكل جاد لحل الصعوبات المتعلقة بالأمن رغم الصراع السياسي في البلاد.
وحول الاستحقاق الانتخابي والدستوري المتمثل في الاستفتاء المرتقب على الدستور الجديد للبلاد، قال السلاك إن هناك دعماً سيقدم للمفوضة الوطنية العليا للانتخابات، التي طالب رئيسها عماد السائح أول من أمس، بتخصيص ميزانية لها بقيمة 40 مليون دينار ليبي، مشيراً إلى أن أي عراقيل تحول دون إتمام هذه العملية «سيتم تجاوزها خلال الفترة المقبلة».
وتأتي هذه التطورات بعدما حذرت وزارة الداخلية في حكومة السراج من دعوات التحشيد العسكري باتجاه العاصمة طرابلس، مؤكدة أنها ستقوم بمواجهة أي تهديد لسكان طرابلس، إذ قالت وسائل إعلام محلية، إن مجموعات مسلحة من مدن مجاورة، تستعد لهجوم جديد يستهدف العاصمة طرابلس، بهدف طرد مسلحين مناوئين لهم.
في غضون ذلك، طلب نصر حسن، رئيس جهاز الرقابة الإدارية، في رسالة رسمية وجّهها إلى رئيس ديوان المحاسبة ومحافظ المصرف المركزي ووزراء ورؤساء الهيئات بحكومة السراج، ونشرتها وسائل إعلام محلية بعد تسريبها أول من أمس، عدم الاعتداد بقرارات اتخذتها سابقاً، معتبراً أنه «لا يجوز للمجلس الرئاسي للحكومة استحداث كيانات إدارية أو إصدار تكليفات بوظائف قيادية».
وكان 3 من أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة السراج، وهم أحمد معيتيق، وعبد السلام كاجمان، وفتحي المجبري قد انضموا إلى طلب الرقابة الإدارية، ووجّهوا أيضاً رسالة رسمية إلى مختلف الجهات الحكومية والرسمية، أكدوا فيها على ضرورة عدم الاعتداد بقرار سابق أصدره المشري وأيده السراج، استندا فيه إلى ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات وتنفيذا للاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015، الذي نصّ على التشاور بين مجلسي النواب والدولة بشأن شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية.
وصعّدت هيئة الرقابة الإدارية في طرابلس من موقفها تجاه خالد المشري، أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين الليبية، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، وطلبت في رسالة وجهتها إلى مقرر مجلس الدولة برفع الحصانة عن المشري، على خلفية التحقيقات الجارية في قضية تتعلق بمخالفات وتجاوزات مالية وإدارية، ارتكبها الأخير خلال العام الماضي عندما كان يتولى منصب رئيس اللجنة المالية بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق.
من جهة ثانية، بحث فتحي باشا أغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق، مع ريتشارد كلارك، مندوب شرطة اسكتلانديار لشؤون الإرهاب والتدريب، أوجه التعاون الأمني بين ليبيا والمملكة المتحدة، وذلك وفقاً لبيان أصدره مكتبه، كما جدد لدى اجتماعه أيضاً مع سفير الصين لدى ليبيا، أمس، الرغبة في التعاون مع الجانب الصيني في المجالات الأمنية لرفع كفاءة منتسبي وزارة الداخلية على الأصعدة كافة. ومن جانبه عبّر السفير الصيني عن رغبة بلاده في عودة الشركات الصينية العاملة في ليبيا خلال الفترة المقبلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.