نجوى كرم وروتانا يجددان تعاقدهما ليكون بمثابة عهد بينهما

شكّل عودة مدوية لها بعد انفصال عنها دام 8 سنوات

نجوى كرم وروتانا يجددان تعاقدهما ليكون بمثابة عهد بينهما
TT

نجوى كرم وروتانا يجددان تعاقدهما ليكون بمثابة عهد بينهما

نجوى كرم وروتانا يجددان تعاقدهما ليكون بمثابة عهد بينهما

«دق الجرس وخلصت الفرصة» بهذه الكلمات وصفت الفنانة نجوى كرم عودتها إلى أحضان شركة الإنتاج الفنية روتانا بعد انفصال عنها دام 8 سنوات. وقالت: «البعد عن روتانا عذاب وهذا العقد هو بمثابة عهد والتزام جديد بيننا».
ففي مؤتمر صحافي عقد في «فندق فينيسيا» وسط بيروت حضره حشد من إعلاميين وفنانين وشعراء وملحنين تتقدمهم نوال الزغبي ونزار فرنسيس وسيرين عبد النور ووسام الأمير، أعلنت الفنانة كرم عن عودة المياه إلى مجاريها بينها وبين روتانا بحضور رئيسها التنفيذي سالم الهندي. ووصفتها «روتانا» بسماء الفن وقمره ونجومه، وبأنّ الفنانين مهما حاولوا التحليق بعيداً عنها إلا أنهم لا يرتفعون كثيراً.
وكانت نجوى كرم في 7 يناير (كانون الثاني) من عام 2011، قد وقّعت آخر عقد لها مع شركة روتانا للصوتيات والمرئيات. وبعده مباشرة شهدت العلاقة بينهما توتراً أدّى إلى انفصالها عنها، وذلك بعد تاريخ حافل من الإنتاجات بينهما تضمّن نحو 20 ألبوماً غنائياً على مدى سنوات امتدت من عام 1994 لغاية بدايات 2012.
واستهل المؤتمر بأسئلة الصحافيين لتتبعه مأدبة عشاء تنقلت خلالها صاحبة لقب شمس الأغنية اللبنانية بين ضيوفها لتسلم عليهم وتشكرهم على حضورهم وكذلك لالتقاط صور تذكارية معها.
وبعد تقرير مصور عرض تاريخ العلاقة الوطيدة بين نجوى كرم وروتانا، قدم لها سالم الهندي (الرّئيس التنفيذي لروتانا) درعا تكريمية عربون تعاونهما معا لمدة 25 عاما.
وتأتي عودة نجوى كرم إلى أحضان روتانا بعد انفصال بينهما دام نحو 8 سنوات، ولتشكل في الوقت نفسه رجعة مدوية لروتانا على الساحة الفنية، بعد أن شهدت إنتاجاتها بعض التراجع في السنوات الأخيرة. وأكّد الهندي أنّه شخصيا لا يستطيع أن يتصور نجوى من دون روتانا وبأنّ علاقتهما لم تنقطع يوما. وعمّا إذا كانت عودة نجوى تشكل صمام الأمان لفنانين آخرين؟ ردّ يقول: «الأمان والاستقرار يخيمان على روتانا ولا زلنا مستمرين». وردّت نجوى كرم من ناحيتها، واصفة روتانا بالحديقة الغنّاء وبأنّه ليس من المفروض أن تكون الوردة الوحيدة الموجودة فيها. وقالت: «لم يتم تأسيس روتانا من أجلي فقط بل لتكون صمام أمان للفنانين بشكل عام».
وتلونت السهرة بأغانٍ مسجلة للمحتفى بها وبلوحات موسيقية وأخرى راقصة، وكذلك تم بث رسالة صوتية للشاعر طلال حيدر يهنئ فيها نجوى كرم قائلاً: «إذا كانت الشّمس تشرق وتغيب فإنّ شمس الأغنية تشرق ولا تغيب. في صوتها رائحة الأرز وعواصف ثلج جبال صنين وليل كروم زحلة ويمر فوق أعمدة قلعة بعلبك ويسلم على باخوس».
وعن الشّراكة الجديدة التي تربط ما بين روتانا والشركة الأميركية «ديزر» للتسويق الفني التي أُعلن عنها منذ عدة شهور، أكد سالم الهندي أنّها عملية شراكة منتظمة بينهما تحدّد عملية الإنتاجات الفنية لروتنا فيما تتسلم «ديزر» عملية التسويق لتلك الأعمال.
وعندما سئل سالم الهندي عن التقديمات من قبلهم التي رافقت عودة نجوى ردّ يقول: «ولا مرة كان هناك شروط بيننا، ونحن نلبي جميع رغبات الفنانين ولا سيما نجوى وهو ما ينعكس إيجابا على المستمعين».
وتردّد بأنّ الفنانة نجوى كرم تلقت مبلغا ماليا عاليا من قبل روتانا يفوق المليون دولار. فيما أكدت من ناحيتها بأنّها تحضّر لإصدار «ميني ألبوم» في فبراير (شباط) المقبل، بمناسبة عيد الحب ليشكل باكورة هذه العودة. وترتكز خطة العمل الجديدة لروتانا على تقديم إنتاجات فنية متتالية لنجومها تتمثل بألبومات صغيرة من نوع «ميني ألبوم» ليتبعها بعد أشهر قليلة ألبومات أخرى مماثلة.
وعدا الفنانة نوال الزغبي التي أشارت خلال حضورها المؤتمر بأنّها هي أيضا وقّعت على عقد عمل مع روتانا، فإن لائحة طويلة من الفنانين أمثال وائل كفوري وعاصي الحلاني وغيرهما من المنتظر أن يجددوا عقود عملهم معها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».