الهيئة العربية للمسرح تكرم 25 فناناً وفنانة من الرواد

الدورة الـ11 تحتفي بتاريخ المسرح المصري

الهيئة العربية للمسرح  تكرم 25 فناناً وفنانة من الرواد
TT

الهيئة العربية للمسرح تكرم 25 فناناً وفنانة من الرواد

الهيئة العربية للمسرح  تكرم 25 فناناً وفنانة من الرواد

عقد مهرجان المسرح العربي ندوة تكريم 25 من نجوم المسرح؛ وذلك تمهيداً لبدء فعاليات الدورة الـ11 من فعاليات المهرجان في القاهرة غداً (الخميس) على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية.
تأتي الدورة الجديدة للمهرجان لتعقد في القاهرة من 10 إلى 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، ويشهد المهرجان مشاركة 27 عرضاً مسرحياً في القاهرة ومدن مصرية أخرى. في حين تتنافس 8 مسرحيات في المرحلة النهائية في النسخة الثامنة من جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي التي انطلقت عام 2012.
وعقدت الندوة التكريمية في فندق «غراند حياة» بالقاهرة بحضور مستشار الهيئة العربية للمسرح دكتور يوسف عايدابي، وأمين عام الهيئة العربية للمسرح الكاتب المسرحي إسماعيل عبد الله، والمخرج المصري خالد جلال، والمخرج غنام غنام، مسؤول الإعلام والنشر في الهيئة العربية للمسرح، وأعضاء اللجنة العليا للمهرجان، وحشد من المسرحيين والإعلاميين المصريين والعرب.
ومن المكرمين في المهرجان، أشرف عبد الغفور، وآمال بكير، وجلال الشرقاوي، ورشوان توفيق، وسميحة أيوب، وسمير أحمد، وسمير العصفوري، وسميرة عبد العزيز، وسمير غانم، وسناء شافع، وسهير المرشدي، وعبد الرحمن أبو زهرة، وعزت العلايلي، وفهمي الخولي، وكمال عيد، ولينين الرملي، ومحمود الحديني، ومحمود ياسين، ونبيل الحلفاوي، ونبيل منيب، ونجاة علي، ونعيمة عجمي، وهدى وصفي، ويسري الجندي، ويحيى الفخراني.
وقال الفنان عزت العلايلي، معرباً عن سعادته بالتكريم: «إن الثقافة والفن من علامات نهضة الشعوب، وهما أساس الحضارة إلى جانب الاقتصاد والوعي السياسي والاجتماعي»، مؤكداً سعيه وعدد من الفنانين لتقديم المسرح المجاني لأهميته في الارتقاء بالفكر والوعي.
من جانبها، قالت الفنانة سميحة أيوب الملقَّبة بـ«سيدة المسرح العربي»: «أشكر الشيخ الدكتور سلطان القاسمي والهيئة العربية للمسرح على المجهود التي تقوم به لنشر الثقافة والحضارة والجمال والرقي، حيث تجتمع في كل بلد لإحداث تناغم ورقي». معربة عن عرفانها لتذكر المهرجان جيل الرواد وتكريمهم، مؤكدة بنبرة مؤثرة، أن «هذا الجيل ضحى بالكثير والنفيس من أجل المسرح».
وقال المخرج جلال الشرقاوي: «المسرح هو الوحيد القادر على توحيد الأمة العربية». وطالب المسؤولين بالاهتمام بالفن والثقافة، مؤكداً أنهما «الطريق لتحقيق الوحدة العربية مع الاقتصاد، وأنهما السلاح الأمثل لمحاربة الفكر المتطرف والإرهاب».
وكان المهرجان قد أقام مؤتمراً صحافياً للكشف عن تفاصيل دورته الجديدة، وأكدت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، أن هذه الدورة تحظى باهتمام خاص من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأعربت عن أملها بأن تضمّ عروض هذه الدورة أعمالاً تعكس الحراك المسرحي الذي يشهده الوطن العربي. متحدثة عن وجود خطة لتوثيق العروض المسرحية كافة بشكل تلفزيوني.
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قال الكاتب المسرحي إسماعيل عبد الله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إن المهرجان ينطلق من رؤية وحكمة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، للنهوض بالمسرح العربي. ولفت إلى أن لجنة المهرجان قد حرصت على أن تكون العروض المتنافسة في المسابقة الرسمية كلها تستند إلى نصوص عربية.
وعن القطيعة بين المسرح والنصوص الأدبية العربية، قال أمين الهيئة العربية للمسرح، إن «الهيئة تسعى عبر مسابقات تأليف النصوص الجديدة لتكون المسابقات محفزاً للكتّاب العرب لمواصلة تقديم نصوص تناسب الثقافة والتراث العربي وتحقق خصوصية المسرح العربي، وقد حرصت الهيئة على أن تشارك هذا العام مسرحية مأخوذة عن نص قصة يحيى الطاهر عبد الله (الطوق والأسورة)» التي اعتبرها «نصاً مسرحياً أيقونياً ينبغي أن يقدم للأجيال الجديدة». وأعلن عن خطة طويلة الأمد تنفذها الهيئة لتأسيس مراكز للفنون الأدائية بمختلف أنحاء العالم العربي تبدأ من السودان.
وقال مستشار الهيئة العربية للمسرح دكتور يوسف عايدابي، لـ«الشرق الأوسط»، «إن الدورة الحالية تحتفي بتجربة المسرح المصري الممتدة منذ عام 1905 إلى 1952 بمشاركة 60 مسرحياً وأكاديمياً وباحثاً يشاركون في ندوة فكرية تقدم مراجعة نقدية}.
وأضاف أن {هذا في سياق التأسيس لندوات ممتدة في السنوات المقبلة تتناول واقع المسرح العربي الراهن، فضلاً عن تخصيص 11 كتاباً عن المسرح المصري». ولفت إلى أن الورش المصاحبة للمهرجان ستتضمن التطرق لواقع المسرح العربي ومستقبله وألوانه كافة من ميلودراما إلى الكوميديا والمسرح الغنائي والاستعراضي، فضلاً عن تسليط الضوء على تجارب المرأة، في محاولة للوقوف على خصوصية المسرح العربي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».