أجهزة ذكية لمراقبة صحة الأطفال

جورب يقيس مستويات الأكسجين ونبضات القلب

أجهزة ذكية لمراقبة صحة الأطفال
TT

أجهزة ذكية لمراقبة صحة الأطفال

أجهزة ذكية لمراقبة صحة الأطفال

عندما قرّر الأميركي كيرت ووركمان وزوجته، أنّ الوقت قد حان ليؤسسا عائلة، كان خوفهما الأوّل أنّ يرث طفلهما الحالة المرضية في القلب، التي تعاني منها والدته. ولم يكن جهاز مراقبة القلب التقليدي ليفيدهما في معرفة ما إذا كان نبض قلب طفلهما مضطرباً، أو لينذرهم عند وجود خطر ما.

- جورب ذكي
ولذا فقد طور جهاز «سمارت سوك» (Smart Sock) (الجورب الذكي)، وهو جهاز غير تدخّلي يقيس معدّل ضربات قلب الطفل، ويراقب تنفسه، ويطلع الأهل عندما تتعدّى هذه المعدلات المستويات الطبيعية.
عندما لم يملك كيرت ووركمان (23 عاماً) المهارات التقنية والطبية اللازمة لتصميم «سمارت سوك»، تعاون مع زملائه من جامعة «بريغهام يونغ»، لتطوير الجهاز، وتأسيس الشركة الناشئة التي ستطلقه، والتي أسموها «أوليت».
بدأت «أوليت» في بيع أجهزة «سمارت سوك» في سبتمبر (أيلول) 2015، ومع نهاية العام، حققت عائدات بقيمة مليوني دولار. وأنهت الشركة التي تضمّ 115 موظّفاً ومقرّها ليهي في ولاية يوتاه، عام 2017، بعائدات وصلت إلى 25 مليون دولار، وتتوقع أن تصل أرباحها إلى الضعف مع نهاية العام الجاري.
ويباع جهاز «سمارت سوك» بـ300 دولار، عبر موقع الشركة الإلكتروني، وهو يناسب جميع الأطفال حتى سنّ 18 شهراً. ويلتفّ الجهاز حول قدم الطفل، ويستخدم تقنية قياس التأكسج، وهي وسيلة غير تدخلية لمراقبة مستويات الأكسجين وضربات القلب. أمّا للأهل، فتقدّم الشركة قاعدة تتصل لاسلكياً بالجهاز، تضيء باللون الأخضر عندما تكون صحّة الطفل على ما يرام، أو تعلمهما عبر أضواء وأصوات أخرى إذا ما كان الصغير يعاني من أي مشكلة. ويمكن للوالدين أيضاً أن يستخدما تطبيق الشركة الهاتفي، للحصول على قراءات في الوقت الحقيقي، بالإضافة إلى كاميرا «أوليت» التي تأتي مع الجهاز للتحقق من وضع الطفل عن بعد.

- أجهزة راقية
يتحمّس المستهلكون جداً لشراء أجهزة تساعدهم في مراقبة خصوبتهم، وتسهيل الرضاعة الطبيعية، والمساعدة في تحفيز الطفل على النوم. حققت صناعة منتجات الأطفال هذه أرباحاً وصلت إلى 7.4 مليار دولار العام الماضي، بزيادة بمعدّل 84 في المائة، مقارنة بعام 2012، حسب شركة «IBISWorld» للأبحاث السوقية. وتتوقع الشركة أن تستمرّ هذه السوق بالنمو سريعاً، لتحقق عائداً يصل إلى 10.4 مليار دولار، بحلول 2023.
تتنافس شركة «أوليت»، الوحيدة التي قدمت منتجاً يعمل بتقنية قياس التأكسج، مع شركة «إينجل كير» التي تصنع حشية توضع أسفل الفراش لمراقبة تنفس وحركة الطفل، وجهاز «سنوزا» القابل للارتداء، والذي يُشبك بحفاض الطفل ويراقب تنفسه.
صممت شركة «أوليت» جهازها الأول للأطفال، وهي حالياً تعمل على تطوير تقنية تستهدف فترة الحمل، حتى تتمكّن من البدء في العمل مع الزبائن الجدد باكراً. ويتوقع أن تطرح «أوليت» المنتج الجديد في 2019.
يقول أحد المراقبين إنّ أحد التحديات التي تواجه هذه الصناعة هو دفع الناس إلى إنفاق مبالغ مالية لشراء تقنية سيستخدمونها لفترة محددة. لذا، تحتاج الشركات الناشئة في هذا المجال إلى صناعة نماذج تجارية كمنتج «أوليت»، يستفيد منه الزبائن في مراحل مختلفة في تربية الطفل، أو يتوجب عليها أن تجد مرتكزاً قوياً للاستثمار في صناعة منتج قد لا يستخدمه الناس لفترات طويلة.
وكان ووركمان وشركاؤه قد صنعوا بعض النماذج التجريبية لـ«سمارت سوك» قبل تلقي مبلغ 50000 دولار من مستثمر، والفوز بجائزة مالية في مسابقة للابتكار عن طريق الجامعة. وخلال مرحلة التطوير، كان لووركمان وزوجته ولدان، اختبر عليهما نماذج «سمارت سوك».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».