أحداث علمية تستحق المتابعة في 2019

بعثات لاستكشاف القمر وتعديل وحدات القياس

رسم تخيلي لرواد صينيين على سطح القمر
رسم تخيلي لرواد صينيين على سطح القمر
TT

أحداث علمية تستحق المتابعة في 2019

رسم تخيلي لرواد صينيين على سطح القمر
رسم تخيلي لرواد صينيين على سطح القمر

من حافة الأرض إلى حدود النظام الشمسي، تنتظرنا أحداث علمية كثيرة في عام 2019. وبينما تستمر بعض المشروعات منذ سنوات كثيرة، وتتصدر الأخرى المشهد مدفوعة بالطلبات المتزايدة لهذا العالم سريع التغيّر. وفي الحالتين، تعد هذه المشروعات بتغيير نظرتنا للعالم، وتلهمنا لطرح أسئلة جديدة لم يفكّر أحدهم يوماً أنّه سيطرحها.
وفيما يلي، سنعرض لكم بعضاً من القصص العلمية التي ستبرز في العام المقبل:

استكشاف القمر
> زحمة سير على القمر. إن كنتم تظنون أنّ الصعود إلى القمر أصبح من الماضي، إذن يجب أن تعيدوا التفكير بالأمر. ومن المتوقع أن تعمد الصين والهند ودول أخرى إلى إطلاق مركبات لتهبط على سطح القمر في عام 2019. في حين تكثّف وكالة «ناسا» الأميركية جهودها لإرسال بعثة بشرية جديدة إلى القمر بحلول 2028.
البعثة الصينية ستكون أول الواصلين، بعد أن أطلقت إدارة الفضاء الوطنية الصينية مركبة «تشانغ إي 4» إلى الجهة البعيدة من القمر في أوائل ديسمبر (كانون الأول). تدور هذه المركبة اليوم في الفلك القمري، وقد هبطت على سطح القمر في أوائل يناير (كانون الثاني). وفي حال سارت الأمور حسب الخطّة، ستكون البعثة الأولى التي تطأ القمر في الجهة التي لا تقابل الأرض، وقد تساهم في كشف تفاصيل جديدة حول الحفرة البركانية الأكبر والأعمق في القمر.
من جهتها، تخطط منظمة البحوث الفضائية الهندية لإطلاق بعثتها الثانية إلى القمر في 31 يناير. وستضمّ البعثة التي تحمل اسم «تشاندرايان 2» مسباراً وسفينة هبوط وعربة جوالة بستّ عجلات. وستعمل هذه السفن الفضائية مجتمعة على قياس الهزّات القمرية ودراسة الغلاف الجوّي القمري وتحديد درجة حرارة القمر الداخلية.
أمّا «ناسا»، فلم تضع أي خطط لإرسال سفينة فضائية إلى القمر هذا العام، ولكنّها ستبدأ البحث عن عروض لتطوير نظام قادر على نقل بعثة بشرية إلى سطح القمر للمرّة الأولى منذ بعثة «أبولو 11» عام 1972. ومن المزمع أن يصدر طلب الوكالة الرسمي لتلقي المساعدة من شركائها في هذا المجال في السابع من يناير.

تعديل جيني
> التقدّم في مجال التعديل الجيني. قلّة هم الذين توقعوا أن يشهد عام 2018 ولادة فتاتين توأم بعد تعديل حمضهما النووي في المختبر وهما لا تزالان جنينين في أيامهما الأولى. ولكنّ الأمر حصل فعلاً، واليوم، تعد الأسئلة العلمية والأخلاقية التي أثارها التعديل الجيني بتصدّر هذا الموضوع للمشهد العلمي عام 2019. فقد دفع ادعاء هي جيانكوي، عالم الفيزياء الحيوية الصيني، بأنّه عدّل حمض الفتاتين النووي لحمايتهما من فيروس نقص المناعة المكتسبة، الوزارات الصينية المعنية بالصحة والعلوم والتقنية، إلى استنكار مبادرته ووصفها بالعمل «البغيض للغاية». كما عمدت إلى إقفال المختبرات التي ارتبط اسمها ببحثه، في حين لم يظهر هو للعلن منذ ذلك الحين.
في الوقت الحالي، ستستمرّ أبحاث التعديل الجيني. فقد أصدرت اليابان أخيراً إرشاداتها الوطنية الأولى من نوعها حول هذا الموضوع، سامحة، بل مشجعة، باحثيها على استخدام أدوات التعديل الجيني على أجنة البشر.
تحدّ هذه الإرشادات من إمكانية التلاعب بالأجنّة وتحصرها بموضوع الإنجاب، ولكنّ هذه الحدود ليست ملزمة قانونياً بالفعل.
من جهة أخرى، تتمتع بعض أهداف التعديل الجيني بالأخلاقية العلمية. فقد منحت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» موافقتها لعلاج «لوكستورنا» الجيني لشفاء نوع نادر من فقدان البصر تسببه طفرة جينية، في حين تسعى علاجات أخرى للحصول على الترخيص. تتضمّن هذه العلاجات أدوات أخرى لعلاج العمى، إلى جانب حالات كضمور العضلات الشوكي، والتليّف الكيسي، ونزف الدم الوراثي (الهيموفيليا).

الجدول الدوري
> الجدول الدوري يكمل عامه الخمسين. حان وقت التوقف لتقدير واحدة من أعظم المعجزات العلمية. لهذا السبب، حددت الأمم المتحدة عام 2019 «سنة عالمية للجدول الدوري». هذا الاختيار لم يكن اعتباطياً، لأن عام 2019 هو الذكرى الـ150 لوضع النظرية التي اعتمد تنظيم الجدول عليها.
اكتشف العالم الكيميائي الروسي ديمتري ميندليف النمط الدوري أو «الدورية» في كيفية تفاعل العناصر مع تزايدها في الوزن الذري، ومنها تشكيل العناصر في آخر كلّ صفّ لغازات نبيلة خاملة مثلاً، أو زيادة المعادن الموجودة في وسط الجدول صلابة وذوباناً من اليسار إلى اليمين.
> إعادة تعريف النظام المتري. في العشرين من مايو (أيار)، ستعمل هيئة المقاييس (المترولوجيا) الدولية على تغيير تعريفات أربع وحدات قياس أساسية: الكيلوغرام (كتلة)، والكلفن (الحرارة)، والمول (الكمية)، والأمبير (التيار الكهربائي). لن تغيّر هذه التعديلات حياتكم فوراً، إذ إنّ كيلو القهوة سيبقى نفسه، ولكنّ علماء من المعهد الوطني للمقاييس والتقنية في غايثرسبيرغ يقولون إن هذا التغيير سيمثّل «نقطة تحوّل للبشرية». إذ ومن اليوم الذي سيلي التعديل، ستعتمد هذه المكونات الأربعة من نظام الوحدات العالمي، التي تشتهر بالنظام المتري (القياسي)، على خصائص فيزيائية أساسية ثابتة في الكون.
شهد هذا النظام التعديلات الأخيرة في عام 1967، عندما تمّ تغيير تعريف الثانية لتصبح طول الوقت المطلوب لتكمل ذرة نظير السيزيوم - 133 9.192.631.770 ذبذبة. وفي عام 1983 عند تعديل وحدة المتر ليصبح المسافة التي ينتقل بها الضوء خلال واحد من ـ 299. 792. 458 من الثانية.
هاتان الوحدتان القياسيتان ستبقيان نفسهما في أي مكان في هذا الكون، وتعتمد التعريفات الجديدة المزمع إطلاقها العام المقبل على مبادئ مشابهة. إذ سيعاد تعريف الكيلوغرام بناء على ثابت «بلانك»، والأمبير سيصبح مقياساً لعدد الإلكترونات التي تمرّ بنقطة واحدة في ثانية واحدة.
ويقول ستيفان شلامينجر، عالم الفيزياء من المعهد الوطني للمقاييس والتقنية، إن «الفكرة هي بناء نظام قياس لجميع الحضارات، وحتى الفضائية منها».

دعوى قضائية لشباب أميركيين حول التغيرات المناخية

> قد تحال دعوى الشباب المناخية في أميركا أخيراً إلى المحكمة. خلال السنوات الأربع الماضية، كانت دعوى الشباب الخاصة بتغيّر المناخ تقترب ببطء من المحاكمة. وفي عام 2019 قد نشهد فعلاً وصولها إلى المحكمة الفيدرالية، إلّا في حال ردّها القضاة للمرّة الأخيرة وإلى الأبد. تقدّم بهذه الدعوى 21 شاباً وشابة يقولون إن حكومة الولايات المتحدة تتعدّى على حقوقهم الدستورية من خلال الترويج لاستخدام الوقود الأحفوري رغم المخاطر المحيطة بالتغيّر المناخي. وفي آخر شكاويهم، يحاجج المدعون بأنّ السلطات الفيدرالية مجبرة بموجب القانون على حماية الجوّ في إطار الثقة العامّة الممنوحة لها.

* «لوس أنجليس تايمز»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظم تقنية عسكرية صينية جديدة لـ«أتمتة المعارك»

نظم تقنية عسكرية صينية جديدة لـ«أتمتة المعارك»
TT

نظم تقنية عسكرية صينية جديدة لـ«أتمتة المعارك»

نظم تقنية عسكرية صينية جديدة لـ«أتمتة المعارك»

خلال مناورات أجراها أخيراً جيش التحرير الشعبي الصيني، حلقت طائرات من دون طيار منتشرة بإشراف «نظام الضربة الدقيقة الذكي»، وهو نظام جديد من شركة الدفاع الصينية العملاقة «نورينكو» الذي استخدم بيانات الطائرات من دون طيار في الوقت الفعلي لنمذجة ساحة المعركة، وتتبع الأهداف، ووضع خطط الضرب، وتوزيع معلومات إطلاق النار، وتنفيذ الضربات المتابعة، كما كتب بيتر دبليو سينغر وتاي غراهام (*).

استخبارات ميدانية لنمذجة المعارك

ووفقاً للفيديو الذي تم عرضه في كشك «نورينكو» في أحدث معرض جوي في تشوهاي، تم تنفيذ كل هذا تقريباً بشكل مستقل باستثناء إعطاء الأوامر بإطلاق النار. كما لاحظ المراقبون الصينيون كيف دمج النظام معلومات استخبارات ساحة المعركة من مصادر متعددة.

وهذا يجسد هدف جيش التحرير الشعبي إلى ضمان الهيمنة في العصر المقبل من الصراع: بقدرات مستقلة تطمس الخط الفاصل بين الإشراف البشري والتنفيذ الآلي.

نظام الضربة الدقيقة الذكي

إن نظام الضربة الدقيقة الذكي من شركة «نورينكو» هو من الطرق التي تستخدمها قوة دعم المعلومات التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني لبناء «نظام معلومات الشبكة» الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وتقنيات البيانات الضخمة لدمج البيانات من الوحدات العملياتية، وإنشاء «شبكات قتل ديناميكية» عبر المجالات. ويؤكد معلقو جيش التحرير الشعبي الصيني على الدور الحاسم الذي يلعبه نظام المعلومات الشبكي في الحرب الحديثة.

كل هذا جزء من جهود جيش التحرير الشعبي الصيني نحو «الحرب الذكية»، التي تسعى إلى دمج الوعي بساحة المعركة في الوقت الحقيقي، والضربات الدقيقة، والعمليات النفسية.

توظيف الذكاء الاصطناعي

وتحقيقاً لهذه الغاية، يسلط الباحثون في جامعة الدفاع الوطني التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني الضوء على نماذج اللغة الكبيرة للذكاء الاصطناعي بوصفها محورية للعمليات العسكرية. ومن خلال معالجة مجموعات البيانات الضخمة بسرعة، يمكنهم تبسيط تحليل المعلومات الاستخباراتية، وإنشاء التعليمات البرمجية، وتسريع تطوير الأسلحة.

محاكاة عملياتية وسيناريوهات تدريبية

كما يهدف جيش التحرير الشعبي الصيني إلى استخدام تلك الأدوات الذكية لإنتاج محاكاة عملياتية وسيناريوهات تدريبية مفصلة وواقعية في جزء بسيط من الوقت والقوى العاملة المطلوبة اليوم. وقد لفت معهد تايوان لأبحاث الدفاع الوطني والأمن الانتباه إلى نظام ألعاب الحرب «War Skull» التابع لجيش التحرير الشعبي، الذي يستخدم الجيل الثاني منه، الذي أطلق في عام 2020 استراتيجيات معيارية للتكيف مع مختلف الخصوم، على الرغم من أن تطبيقه على القتال في العالم الحقيقي لا يزال غير مؤكد بسبب التحديات، مثل السلوكيات الناشئة، وعدم القدرة على التنبؤ في السيناريوهات المعقدة.

وعلى نحو مماثل، تسعى الصين إلى تضمين الذكاء الاصطناعي في الاستخبارات العسكرية والتخطيط واتخاذ القرار. ويجمع نظام «Aiwu LLM +»، الذي طوره مختبر في جامعة هندسة الشرطة المسلحة الشعبية، بين نماذج لغوية كبيرة وتحليل البيانات الضخمة متعدد الوسائط وواجهات المساعد الافتراضي لتوفير التفاعل الذكي، وتخطيط المهام داخل أنظمة معلومات القيادة. كما يتصور جيش التحرير الشعبي أن دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة استخبارات متعددة المصادر يوفر للقادة رؤى وتسريع عملية اتخاذ القرار.

الحرب الذكية المقبلة

يُنظر إلى كل هذا على أنه يساعد جيش التحرير الشعبي على الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب الذكية، حيث يمكن للتعلم العميق ومعالجة البيانات متعددة الوسائط تحسين التعرف على الهدف وتقييم الموقف وقرارات القيادة. وبحسب المعلقين في جيش التحرير الشعبي الصيني، فإن هذه التطورات تسهل حلقات التغذية الراجعة التكرارية، وتحسين تكامل البيانات عبر المجالات، والتحليلات التنبؤية، والتكيف مع ساحة المعركة في الوقت الحقيقي - وفي نهاية المطاف تشكيل ما يسميه جيش التحرير الشعبي الصيني «القيادة العملياتية الذكية». وفي الوقت نفسه، يعزز دمج «الذكاء الاصطناعي الخفيف» في المنصات غير المأهولة الاستطلاع والضربات الدقيقة مع تضمين الاستقلالية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي في الأسلحة الموجودة.

الحرب المعرفية النفسية والسيبرانية

لا تقتصر المكاسب على التأثيرات الحركية. يلاحظ اللواء في جيش التحرير الشعبي الصيني زينغ هايكينغ أن أنظمة القيادة غير المأهولة يمكن استخدامها أيضاً في الحرب المعرفية، التي تصفها عقيدة جيش التحرير الشعبي الصيني بأنها المفتاح للفوز بالحروب، بما في ذلك عدم الاضطرار إلى خوضها. تدمج العمليات في المجال المعرفي التكتيكات النفسية والسيبرانية، سعياً إلى التلاعب بإدراكات الخصم واتخاذ القرار والسلوك. تمكن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي جيش التحرير الشعبي الصيني من صياغة معلومات مضللة قابلة للتكيف ومحددة السياق وتنفيذ العمليات النفسية بدقة. إن النماذج اللغوية المتقدمة قادرة على توليد السرديات المرغوبة في الوقت الحقيقي، باستخدام المنصات الرقمية للتأثير على التصورات، وزرع الفتنة، وتآكل الروح المعنوية.

وهذا يخدم تكتيك «المواجهة المعرفية» الذي يتبناه جيش التحرير الشعبي، والذي يهدف إلى التحكم في تدفقات المعلومات لتعطيل عملية اتخاذ القرار لدى الخصم. ويمكن لتحليل المشاعر المدعوم بالذكاء الاصطناعي والنماذج السلوكية التنبؤية أن تعمل على تعظيم التأثير النفسي والعملياتي لهذه الاستراتيجيات.

وتصاحب مبادرات الذكاء الاصطناعي هذه التكامل الزائد لجيش التحرير الشعبي لبرامج البيانات الضخمة التي يمكنها توسيع الوعي بساحة المعركة، وتحسين التحليلات التنبؤية، والحد من «ضباب الحرب». ويمكن للخوارزميات الذكية معالجة مجموعات بيانات ضخمة للكشف عن الأنماط التشغيلية، وتحسين الخدمات اللوجيستية، واتخاذ القرارات التكتيكية بشكل أفضل.

نمو الصناعات العسكرية للذكاء الاصطناعي

في ظل استراتيجية الصين للاندماج العسكري المدني، تعمل شركات المقاولات الدفاعية الكبيرة والصغيرة على ضمان قدرة التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي المدني على تشغيل التطبيقات العسكرية.

على سبيل المثال، عرضت شركة «نورينكو» أكثر من نظام من أنظمة الضربة الدقيقة الذكية في معرض تشوهاي الجوي لعام 2024، حيث تم عرض تسعة أنظمة قتالية جديدة أخرى ذات قدرات حربية متطورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وشملت هذه الأنظمة اللواء الاصطناعي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي يجمع بين المركبات المدرعة من الجيل التالي، والطائرات من دون طيار، والذخائر المتسكعة، وأدوات الحرب الإلكترونية، ونظام القيادة والتحكم الذكي المدعوم رقمياً، الذي يتيح الوعي الظرفي في الوقت الفعلي. وقد تم الشعور بتأثيرها بالفعل في مستويات الثقة البشرية.

رقمنة ساحة المعركة

ويزعم المحللون العسكريون الصينيون أن هذه الألوية الميكانيكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تتفوق على نظيراتها الأميركية في رقمنة ساحة المعركة، ما يعزز زعامة الصين في الحرب البرية من الجيل التالي.

وتسهم أيضاً شركات التكنولوجيا الأصغر حجماً. على سبيل المثال، طورت شركة «يو - تينيت» نماذج وأنظمة ذكاء اصطناعي تركز على المجال العسكري وتدعم عملية اتخاذ القرار الاستراتيجي والعمليات المستقلة. وتشمل هذه الأنظمة «تيانغي»، وهو «دماغ اتخاذ القرار» القائم على السحابة للتخطيط العملياتي وتحليل المعلومات الاستخباراتية، و«تيانوانغ»، وهو مستودع استخبارات في الوقت الفعلي يدمج بيانات متعددة المصادر للوعي بالموقف؛ و«تيانغيان»، وهو نظام استخبارات ميداني متكامل.

وقد بنت «يو - تينيت» تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها باستخدام قاعدة بيانات استخبارات عسكرية خاصة تحتوي على أكثر من مليون وثيقة عالية الجودة وأكثر من 300 تيرابايت من الصور العسكرية، وفقاً لشركة «إيفينكسي»، وهي شركة صينية للأبحاث والاستشارات الرقمية. ويمكن لنموذج «تيانغي» دمج بيانات الصراع في الوقت الفعلي، بما في ذلك بيانات الحرب في أوكرانيا، وفقاً لتقارير المعلقين العسكريين الصينيين.

وسوف يتوقف نجاح الاستثمار الضخم لجيش التحرير الشعبي في الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على قدرته على التحقق من صحة هذه التقنيات وتحسينها في ظل ظروف العالم الحقيقي. وتشمل التحديات، التي تواجهها ضمان عملها بشكل موثوق، السيناريوهات المعقدة ودمجها في هيكل تحكم مركزي.

*مجلة «ديفينس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».