أي مثقف نحتاج؟

أي مثقف نحتاج؟
TT

أي مثقف نحتاج؟

أي مثقف نحتاج؟

لا ينتهي النقاش حول من هو المثقف، ولا نحتاج هنا أن نضيف صفة «الحقيقي»، فكلمة «مثقف» تتضمن في ذاتها معناها، أو هذا هو المفروض. ولكن في الواقع تهلهلت الكلمة، وتفضفض ثوبها حتى بات يلبسه كل من نطق حرفاً. وربما لم تعد تعني شيئا لكثرة سوء الاستعمال والاستخدام خاصة في منطقتنا العربية، كغيرها من الألقاب التي نتعامل معها بكل خفة واستسهال.
في الثقافات الحية الأخرى، الحريصة على إعطاء المصطلحات أو الكلمات دلالاتها الدقيقة، ارتباطاً بتطورها الحضاري والثقافي، أشبعوا مفهوم المثقف بحثاً، ونقاشاً، واتفاقاً، واختلافاً منذ أمد بعيد، وفصلوا بين التعليم والثقافة، والكتابة والثقافة، فليس كل من تعلم أو وصل إلى أعلى مراتب التعليم مثقفاً، وليس كل من كتب شعرا أو رواية أو نقداً عد مثقفاً.
وبالطبع، تغير مفهوم المثقف عبر العصور. إنه العارف، الذي حصل على أفضل الأفكار في زمنه، حسب تعريف تي. إس. أليوت بداية القرن العشرين - من يقرر أنها أفضل الأفكار؟ - أو «ذاك الذي همه الأول البحث عن الحقيقة؟ - ولكن أي حقيقة؟ من يحددها؟ - أم أنه الذي ينتج معرفة تساعدنا على فهم أنفسنا وعالمنا وتصوراتنا ودواخلنا، كما يحصل الآن في الغرب، الذي تراجعت فيه حدة القضايا الاجتماعية والطبقية؟
أيا كان التعريف، فقد بقي الأمر، حتى بدايات القرن الماضي، محصوراً تقريباً في المثقف كفرد، وليس عضواً مؤثرا في جماعة، وأكثر من ذلك أن يكون «ضميرها»، بتعبير جان بول سارتر. التنظير لضرورة أن يكون للمثقف دور لم يعرف زخمه إلا في بداية القرن الماضي.
فحتى في قضية دريفوس، الضابط اليهودي الذي اتهم بالخيانة زوراً عام 1894، والتي أطلق الروائي الفرنسي أميل زولا صرخته الشهيرة احتجاجاً عليها: «إني أتهم» مما حرك الرأي العام، كانت تحركاً فرديا من مثقف انتصر لفكرة العدالة.
فقط في القرن العشرين، بسبب التحولات الثقافية الهائلة، وتنامي الصراع الطبقي، وصعود الحركات الثورية، وخاصة الماركسية اليسارية عموماً، وامتداداتها لأجزاء كثيرة في المعمورة، ارتبط مفهوم المثقف بالجماعة، أو صودر لمصلحة «الجماعة»، وبكلمة أخرى صادرته الأيديولوجيا لمصلحتها. ثم حدثت المذبحة الكبرى في فترة جوزيف ستالين بحق كل من لا يعكس أدبياً وفكريا هذه الأيديولوجيا، حسب مفهوم «الواقعية الاشتراكية»، الذي أطلقه مكسيم غوركي، وندم عليه لاحقاً، أو مصطلح «أدب بروليتاري»، حسب تنظير نيكولا بوخارين، القائد والمنظر الشيوعي - هو ليس روائيا كما ذكر الدكتوران علي وطفة وصالح هويدي في كتاب «الثقافة والمثقف العربي»، فلم يكتب في حياته رواية واحدة - الذي أعدمه ستالين لاحقاً بسبب خلافه الفكري معه. وهي مذبحة امتدت طويلا في الزمن حتى وصلتنا، وأبدع في تطبيقها حزب البعث العربي الاشتراكي، وخاصة في العراق وسوريا.
والآن، أي نوع من المثقفين تحتاجه منطقتنا العربية المنكوبة؟ في الكتاب المهم «الثقافة والمثقف العربي»، الذي قدم له وحرره د. صالح هويدي - دار نينوى - يكاد يجمع المساهمون، الدكاترة: علي وطفة وفهد حسن، ومبروك دريدي، وليليا بن صويلح، بالإضافة إلى المحرر نفسه، على أن المثقف النقدي، ذاك الذي يحفر في العمق، ويحاكم الماضي والحاضر، فيشخص ويشير للعلة بشجاعة، والذي لا يهادن ولا يستكين لأي سلطة، ولا سيد له سوى عقله، هو وحده القادر على إخراجنا من الكهف الذي لا نزال هامدين فيه منذ زمن طويل، طال أكثر مما ينبغي.
لكن كم مثقفا نقديا هناك في ثقافتنا العربية؟



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».