منحوتات تنطق رغم التّكميم في معرض فنانة عراقية

سُرى مؤيد عبّرت عن محنة الصامتات بالإبرة وبقايا الأقمشة

دمية محجوبة العينين تعبر عن معاناة النساء في بقاع واسعة من العالم العربي - من أعمال الفنانة العراقية سُرى مؤيد في معرضها بدكانة «رؤيا» في شارع المتنبي - سرى مؤيد جعلت الدمى تصرخ وهي مكممة الأفواه - ببقايا القماش خاطت الفنانة العراقية أشكالاً ملونة تنطوي على أفكار جريئة
دمية محجوبة العينين تعبر عن معاناة النساء في بقاع واسعة من العالم العربي - من أعمال الفنانة العراقية سُرى مؤيد في معرضها بدكانة «رؤيا» في شارع المتنبي - سرى مؤيد جعلت الدمى تصرخ وهي مكممة الأفواه - ببقايا القماش خاطت الفنانة العراقية أشكالاً ملونة تنطوي على أفكار جريئة
TT

منحوتات تنطق رغم التّكميم في معرض فنانة عراقية

دمية محجوبة العينين تعبر عن معاناة النساء في بقاع واسعة من العالم العربي - من أعمال الفنانة العراقية سُرى مؤيد في معرضها بدكانة «رؤيا» في شارع المتنبي - سرى مؤيد جعلت الدمى تصرخ وهي مكممة الأفواه - ببقايا القماش خاطت الفنانة العراقية أشكالاً ملونة تنطوي على أفكار جريئة
دمية محجوبة العينين تعبر عن معاناة النساء في بقاع واسعة من العالم العربي - من أعمال الفنانة العراقية سُرى مؤيد في معرضها بدكانة «رؤيا» في شارع المتنبي - سرى مؤيد جعلت الدمى تصرخ وهي مكممة الأفواه - ببقايا القماش خاطت الفنانة العراقية أشكالاً ملونة تنطوي على أفكار جريئة

هذه أعمال لم نرها رؤيا العين، لكنّ صورها وصلتنا من بغداد بعد أن لفتت الانتباه إلى موهبة صاحبتها، الفنانة سرى محمد. وحين اتصلنا بها للسؤال عن معرضها الذي أقيم في دكانة «رؤيا» بشارع المتنبي، فوجئنا بأنّها مثلنا لم تكن قد زارت المعرض، لأنّها ليست من أهل العاصمة بل تقيم وتعمل في مدينة الديوانية.
ما الذي جعل شهرة تلك المعروضات البسيطة، بل شبه البدائية، تخترق الحدود وتبشر بموهبة مختلفة؟ إنّ مراوحتها بين النّحت والأشغال اليدوية ليس هو الجديد بل الموضوع الجريء المهيمن على تلك المعروضات الذي جعل الدّمى تنطق، بل تصرخ وهي مكممة الأفواه، كسيرة الأضلاع، محجوبة الأعين، أسيرة واقع تعاني منه النّساء في بقاع واسعة من عالمنا العربي.
لا يزيد عمر سرى مؤيد الإبراهيمي عن 22 ربيعاً. وهي حاصلة على البكالوريوس في الفنون الجميلة وتعمل مُحاضرة للتربية الفنية في إحدى مدارس محافظتها، إلى الجنوب من بغداد. وفيه استخدمت بقايا القماش وقامت بخياطة أشكال ورؤوس ملونة، أو من لون واحد، ينطوي كلٌّ منها على فكرة توحي بما تتعرض له من قمع وتكميم ومسح للشّخصية. وهذا هو معرضها الأول الحقيقي. وكانت قبل ذلك قد شاركت في معرض محلّي أقيم ضمن ملتقى الديوانية السادس للإبداع. ورغم صغر سنّها وظروف مجتمعها الرّيفي، فإنّ سرى تقول: إنّ «أعمالي هي بمثابة الثورة على ما تتعرّض له المرأة اليوم من إجحاف وتهميش وتقييد واعتداءات». ومن الواضح أنّ السّبب في ذلك هو تراجع دور الدّولة وسيطرة الأحكام العشائرية.
تلقفت سرى قصاصات القماش المتبقية من عمل والدتها في الخياطة ومنها تعلمت تلك المهارة. لكنّ البنت لا تخيط الثياب بل تستخدم الإبرة والخيوط لكي ترقع البقايا المهملة و«تنحت» منها أشكالاً لا تبلغ فخامة الخشب أو الحجر، لكنّها لا تقل عن تلك المواد النبيلة تعبيراً فنياً. وهي قد تقصدت تلك البساطة بهدف تعميق الفكرة، حسب قولها. ومن يتفحص أعمالها يلاحظ أنّها تقصدت أيضاً أن تكون وجوهها مرقّعة ومشوهة، وأركان الكراسي ممزقة وملفوفة بالضّمادات، لأنّها ترى أنّ ترقيع القماش فن. وهو ليس «الباتشوورك» المعروف عالمياً بل ممارسة ذات خصائص علاجية. وفي حوار أجرته معها دار «رؤيا» التي استضافت أعمالها، أوضحت سرى أنّها تسعى من خلال فنها إلى «إصلاح الفكر المريض».
والسؤال هو: كيف تقبّل محيطها المحافظ تلك الأعمال؟ هل اعتبرها مجرد أشغال وتطريزات نسائية وبالتالي لا تستحق أكثر مما تستحق؟ تقول سرى: «بصراحة، هم لا يعرفون ما أقصد من هذه الأعمال فلم يهتموا بها، وحتى إذا اهتموا فلن يجدوا عيباً فيما أقوم به». أي عيب في أن تمارس الشابة الخياطة؟ لكن الفنانة التي أنطقت القماش من دون لسان، تكشف أيضاً عن هواية ثانية، وتخبرنا بأنّها تحب التمثيل. لكن هذه الهواية تحتاج جرأة من نوع أبعد.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».