«نورما» هو الاسم الذي أطلقه المرصد الجوي في مطار بيروت على العاصفة التي تضرب لبنان وعدداً من دول بلاد الشام في الوقت نفسه. ولم يتفاجأ اللبنانيون بوصولها، إذ تكثفت التحذيرات حول مفاعيلها على الأرض وضرورة ملازمة المواطنين منازلهم، لا سيما أنها تحمل ريحاً تصل سرعتها إلى 100 كلم في الساعة. وهي إضافة إلى موجة البرد والصقيع التي تصطحبهما معها بحيث تصل درجات الحرارة المتدنية إلى نحو 6 و7 درجات مئوية في العاصمة بيروت، فإنها تتسبب بسيول جارفة وأمواج بحر مرتفعة بحدود الـ5 أمتار.
أما تساقط الثلوج الذي غطّى المناطق الواقعة على ارتفاع 1200 متر، فمن المتوقع أن تغطي غداً المناطق اللبنانية على ارتفاع 800 متر.
«إنّها نتيجة منخفض جوي يصلنا من دول أوروبا الشرقية ومفاعيلها ضربت تركيا وكذلك الشواطئ المصرية وبلاد الشام كسوريا والأردن». يوضح وسام أبو خشفة الرئيس المناوب لمصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «نتوقّع أن تزداد قوة هذه العاصفة غداً الثلاثاء وبعده لتنتهي مساء الأربعاء مع سقوط ثلوج على ارتفاع 800 متر، مما قد يؤدي إلى إقفال بعض الطرقات الجبلية. أمّا سرعة الرياح فقد تزداد لتتجاوز الـ110 كيلومترات في الساعة».
وتأتي تسمية العاصفة بـ«نورما» التزاما بقاموس الأسماء المتبع للعواصف في مركز الرصد الجوي في مطار بيروت الذي التزم كغيره من الدول الأوروبية والأميركية بإطلاق هذه التسميات وفقا للأحرف الأبجدية في عدّها العكسي. ولكنّ البعض أطلق على هذه العاصفة اسم «غطّاس»؟ يرد: «إن لبنان يتقيد فقط بأسماء العواصف الصادرة عن مركزنا وهي الوحيدة التي تأخذ الصفة الرسمية في هذا الصّدد. أمّا اسم «غطّاس» الذي راح يطلقه البعض على هذه العاصفة فقد يعود إلى الأعياد التي يحتفل بها لبنان حاليا وتحمل اسم «عيد الغطاس».
وكان لبنان قد شهد منذ مطلع هذه السنة طقساً ممطراً على عكس السنوات الماضية، مما رفع من نسبتها لتتجاوز المعدل العام لها. «لقد لامسنا نسبة 392.4 ملمتر من الأمطار مقابل 362 ملمترا للمعدل العام». يوضح أبو خشفة ويتابع: «أمّا في طرابلس فتعدّت نسبة تساقط الأمطار الـ572 ملمترا مقابل معدلها العام الذي يبلغ 370 ملمترا».
ومن المتوقع أن تتدنى درجات الحرارة في العاصمة بيروت لتلامس الـ6 درجات مئوية في الليل في اليومين المقبلين ولتبلغ أقصاها خلال النهار 13 درجة مئوية.
وقد يؤدي تساقط الثلوج على ارتفاع 700 و800 متر إلى إقفال الطرقات الجبلية، وبالتالي إغلاق المدارس أبوابها. وكان وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال في لبنان مروان حمادة، قد أكّد أنّ لا تمديد لعطلة المدارس بسبب العاصفة خلافا لما يتم الترويج له، مشيرا إلى أنّ ما نسب إليه عن نيته إقفال المدارس أثناء العاصفة هي مجرد أخبار وسائل تواصل اجتماعي يتداولها التلاميذ. ولفت إلى أنّ العطلة تنتهي مساء الاثنين مع انتهاء عيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية، على أن يكون غدا الثلاثاء يوم تدريس عادياً في كل لبنان.
«لا نريد أن نبثّ الذّعر والخوف في قلوب اللبنانيين بسبب هذه العاصفة، ولكن كان علينا بالتعاون مع مركز حال الطرق أن نحذّرهم من نتائجها على الأرض للتّخفيف من ضررها عليهم في حال تجوالهم. فهناك انهيارات جدران واقتلاع أشجار أحدثتها هذه العاصفة، وكان علينا التنبيه لذلك». يوضح وسام أبو خشفة في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط».
وحسب أبو خشفة فإنّ لبنان عاش مثل أجواء الطقس العاصف هذه منذ نحو 4 سنوات، أي في عام 2015، عندما أُطلقت تسميات رسمية لها من خلال استحداث قاموس أسماء خاص بالعواصف. والقاموس الموضوع حديثاً يتضمن أسماء للنساء وأخرى للرجال تماما، كما تجري العادة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في الغرب. فيما اعتبر العام الماضي جافا لتدني نسبة سقوط الأمطار فيه وصنّف يومها في المرتبة 8 على 80 من السنوات التي شهدت شحا في تساقط الأمطار في لبنان، وهي شبيهة إلى حدّ كبير بفترة القحط التي شهدتها البلاد ما بين أعوام 1953 و1958.
وترى شريحة من اللبنانيين أنّ الطقس الذي يشهده لبنان حالياً، هو بمثابة الوضع الطبيعي في شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني)، وبأنّه من المفروض أن يكون على هذه الحالة في موعده من كل سنة. والمعروف أنّ أقوالا لبنانية مأثورة ترافق عادة هذين الشهرين وبينها ما يقول: «في كانون كِنّ ببيتك وكثر من حطبك وزيتك» و«إجا كانون لفّ الفحم وحضّر الكانون (التدفئة)»، فيما يعدّ أيضا نهاية لفصل الشتاء إذ يقال «بعد كانون الشتاء بهون».
«نورما» تضرب لبنان والتلامذة يطالبون بتمديد العطلة
«نورما» تضرب لبنان والتلامذة يطالبون بتمديد العطلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة