طالب مصري يحترف دور المهرج لإسعاد الأطفال الفقراء

تحدى نظرة المجتمع السلبية تجاه هوايته

طالب مصري يحترف دور المهرج لإسعاد الأطفال الفقراء
TT

طالب مصري يحترف دور المهرج لإسعاد الأطفال الفقراء

طالب مصري يحترف دور المهرج لإسعاد الأطفال الفقراء

عرفت الإنسانية المهرج على مدى التاريخ ورغم تغير دوره وسماته بين الحضارات والثقافات المختلفة، فإنه يظل أهم ما يميزه هو إضفاء أجواء من المرح والمتعة، عبر مظهره المبهج وحركاته البهلوانية ونكاته وحكاياته. وظل المهرج يمارس دوره في المجتمع المصري، لكسر روتين الحياة وإدخال الفرحة في النفوس، ونجح مؤخرا، أحمد ناصر، الطالب بكلية الهندسة في اجتذاب الشباب والأطفال بعدما لعب دور المهرج بشوارع مدينة القاهرة الشعبية والمناطق الريفية المتواضعة.
يطل أحمد أسبوعيا على جمهوره، بالأحياء القديمة، بثياب غير مألوفة، زاخرة بالألوان المبهجة، واضعاً الأنف الأحمر الكبير، الشبيه بحبة التفاح، أو الكرز على وجهه المكسو بكمية كثيفة من الألوان المائية، والشعر المستعار غريب الشكل، فاقع اللون، إضافة إلى أشياء أخرى كثيرة تأخذ طريقها إليه مثل القبعات غير التقليدية، والعصا، ليبدو وكأنه لوحة، متعددة الأشكال والألوان.
يلقب بعض أهالي وأطفال المناطق الشعبية المهرج الشاب بـ«صانع السعادة» لأنه يضفي لحظات نادرة من البهجة على حياتهم البسيطة، التي قد تخلو من رفاهية ودلال أبناء الأسر الثرية بالأحياء الراقية، لكنها في الوقت نفسه حياة تنعم بصدق المشاعر، وعمق الإحساس بالسعادة.
بلا مقابل يقتطع طالب كلية الهندسة من وقته هذه اللحظات، التي لا تقدر بثمن عند الصغار وأسرهم، ليقدم للجميع فقرات فنية ضاحكة، مستخدما وسائل القص والحكي والتمثيل، وإلقاء النوادر، والقيام بالحركات والإيماءات المثيرة للضحك.
في سبيل تحقيق شغفه، تحدى أحمد الصورة النمطية التي يشوبها كثير من السخرية والنظرة الاستعلائية من بعض أفراد المجتمع تجاه المهرج، فقط من أجل «عيون الصغار».
يروي أحمد ناصر، الذي يبلغ من العمر 21 عاما، والطالب بكلية الهندسة، جامعة حلوان، بداية حكايته مع أداء دور المهرج لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «انضممت منذ سنوات قليلة إلى مجموعة (في حب الفوتوغرافيا) لمؤسسها المصور مصطفي الشرشابي، وهي مجموعة تنظم إلى جانب الفعاليات المرتبطة بالتصوير، أنشطة فنية وتوفر المراجيح والهدايا والبالونات لأطفال الأحياء القديمة والمتواضعة الحال».
ويضيف: «بمرور الوقت أردت أن أقدم لهم أفكارا وفقرات جديدة وجذابة ومجنونة، بعدما شعرت أن الأطفال يتعلقون بي وينتظرون مني مفاجآت، وحفزني ذلك أن أكون عند حسن ظنهم».
ويتابع: «من هنا اطلعت على الفنون الموجهة للأطفال في العالم، وأدركت إلى أي مدى يحبون الألوان والفكاهة، فحرصت على الإكثار منها، حتى قادتني خطواتي إلى المهرج».
ويتابع: «قمت بالغوص في عالم المهرج وتاريخه في الأدب العربي والغربي، حتى أصبحت على دراية كافية بكل ما يتعلق به، وبفنونه ومظهره، وفي هذه اللحظة شعرت بأنني أصبحت جاهزا لأقوم بدور المهرج».
وتعد مصر القديمة من أول الحضارات التي عرفته، حيث استعانت الأسر الحاكمة بـ«الدانجاز»، وهم أقزام يتمتعون ببشرة داكنة، وكانوا يرتدون جلود النمور، ويضعون الأقنعة الغريبة على وجوههم، ويقومون بأداء حركي ومحاكاة لمواقف حياتية لإثارة الضحك، وفي القرن التاسع عشر وصف الرحالة البريطاني المهرجين في مصر بأنهم «يتنقلون بين الأولياء وهم يلونون وجوههم بألوان غريبة، ومظهرهم الطريف يفوق الوصف، أما المهرج الأساسي فله شارب ملون عظيم يفوق سبع بوصات على الأقل».
إلى ذلك، لا ينكر أحمد أن المرة الأولى التي ظهر فيها مهرجا كانت صعبة: «تعرضت للهجوم من جانب أسرتي، ربما دهشة مطلقة من جانب الجيران، لكن أثناء ذلك لم أكن أرى أمامي سوى البهجة المنتظرة في عيون الأطفال، والضحكات التي تجلجل المكان»، وتابع: «وقد كان... فحدث ما توقعته من جانب الصغار، أما موقف الأسرة فسرعان ما انتهى، ليحل محله موقف مغاير داعم لي، ومرحب بشجاعتي».
لا يزال أحمد يحرص بالقدر نفسه على زيارة الأطفال وإسعادهم في المناطق المتواضعة، والريف والمناطق النائية، ويوجه اهتماما خاصا بالأطفال في المستشفيات ومؤسسة «الأحداث» وأبناء السجينات، يقول: «لأن للمهرج دورا في التخفيف عن المرضى والمهمومين، كما أن له دورا تعليميا وتهذيبيا». ويؤكد: «ليس أي شخص يمكنه أن يصبح مهرجا، لا بد من التمتع بالكاريزما، وخفة الظل، وموهبة التمثيل، بالإضافة إلى مهارات الحركات البهلوانية وقبل ذلك كله التمتع بالإنسانية».
لا يعبأ أحمد بنظرة المجتمع تجاه المهرج: «أفتخر بما أفعله، وسأستمر في القيام به حتى بعد تخرجي في كلية الهندسة، فلقب المهرج لا يقل أهمية عندي عن لقب المهندس». موضحا: «ما أروع أن أدخل البهجة على قلوب الآخرين! وما أعمق ما يمنحه لي الصغار من معان في مقدمتها معنى الحياة نفسه! إضافة إلى إحساسي بإنسانيتي».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.