تصاعد التوتر في العاصمة الليبية وتحذيرات من اندلاع مواجهات

روسيا تجدّد دعمها لحكومة «الوفاق»... والسراج يتلقى دعوة لزيارة موسكو

صورة وزعها مكتب السراج لاجتماعه مع السفير الروسي لدى ليبيا في طرابلس أمس
صورة وزعها مكتب السراج لاجتماعه مع السفير الروسي لدى ليبيا في طرابلس أمس
TT

تصاعد التوتر في العاصمة الليبية وتحذيرات من اندلاع مواجهات

صورة وزعها مكتب السراج لاجتماعه مع السفير الروسي لدى ليبيا في طرابلس أمس
صورة وزعها مكتب السراج لاجتماعه مع السفير الروسي لدى ليبيا في طرابلس أمس

تصاعد التوتر السياسي والأمني في العاصمة الليبية، أمس، وباتت طرابلس على صفيح ساخن، رغم الطقس شديد البرودة الذي يضرب البلاد، وذلك بعدما دخل فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، في مناوشات إعلامية مع ميليشيات مسلحة، يفترض أنها تابعة للحكومة، التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
وحذرت وزارة الداخلية في بيان مفاجئ، أصدرته مساء أول من أمس، مما وصفته بـ«محاولة العودة للمربع الأول، والدعوة لتحشيد قوات أو أفراد»، معتبرة أن «الغرض منها هو المساس بأمن سكان العاصمة طرابلس»، وأن «الأمر غير المقبول على الإطلاق، سيواجه بالشكل الملائم لمنع الفوضى، والتغول على حياة المواطنين بأسباب ظاهرها الحق وباطنها السراب»، على حد تعبيرها.
وتعهدت الوزارة بأنها «ستواصل عملها في العاصمة طرابلس وخارجها، وفقاً للخطط الأمنية المقررة»، التي قالت إن «نتائجها بدأت تتوالى، وتظهر للعلن، وعادت على المواطن بتحسن نسبي لكنه ملحوظ».
وفى رسالة لطمأنة الرأي العام المحلي، أعلنت الوزارة أنها «تطمئن كل سكان العاصمة وضواحيها بأن العمل الأمني والشرطي متواصل ولن يتوقف، وسيكون مساره التصاعدي، كماً وكيفاً، مهمة أساسية للوزارة ولكل أجهزتها ووحداتها وعناصرها».
في المقابل، وبعد ساعات فقط من بيان أغا، قالت قوة حماية طرابلس إنها «تتابع عن كثب كل التصريحات والمحاولات، التي تقوم بها الأطراف المؤدلجة، والمدعومة من قبل حكومات وتكتلات خارجية، هدفها الدخول بالبلاد في نفق مظلم بدايته وظاهره صراع على السلطة، ونهايته وباطنه تفتيت ما تبقى من معالم الدولة».
واعتبرت قوة حماية طرابلس أن ما يقوم به أغا منذ توليه مهامه «هو محاولة صريحة للزج بالعاصمة طرابلس، مرة أخرى، في حرب دموية، بعدما شهدته من راحة واستقرار بسواعد الأوفياء من قادة قوة حماية طرابلس، واضعين صوب أعينهم سيادة القانون، ودعم مؤسسات الدولة في اتجاه بناء الجيش والشرطة».
وشددت القوة على أنها «لن تبقى في صمت»، وتعهدت بأن «تضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن واستقرار العاصمة»، قبل أن تنبه من وصفتهم بضعاف النفوس، ومن تقودهم أطماعهم وأجنداتهم الدولية بأنهم «لن يفلحوا في محاولاتهم، وسيقعون في شر ما دبّروا له... وإن عدتم عدنا».
وتأسست قوة حماية طرابلس في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما أعلنت 4 ميليشيات مسلحة هي «كتيبة ثوار طرابلس» و«قوة الردع والتدخل المشترك أبو سليم»، و«كتيبة باب تاجوراء»، و«القوة الثامنة»، المعروفة بالنواصي عن تحالفها في بيان مشترك، وذلك عقب المواجهات التي دارت ضد عناصر من اللواء السابع، وخلفت مئات القتلى والجرحى، قبل أن تعلن حكومة السراج وبعثة الأمم المتحدة وقفاً لإطلاق النار، وإجراء ترتيبات أمنية جديدة.
لكن القوة الثامنة «النواصي»، أعلنت أمس في بيان مقتضب، أن بيان «قوة حماية طرابلس» لا يمثلها، ولا يمثل القوة، ووصفته بأنه «بيان مزور».
واحتدت نبرة أغا وزير داخلية السراج حيال ميليشيات طرابلس المسلحة، بعدما أصدرت السلطات الليبية مذكرات توقيف بحق 37 شخصاً، بينهم ليبيون ومتمرّدون تشاديون وسودانيون، يشتبه في تورّطهم في هجمات ضد منشآت نفطية وقاعدة عسكرية. ونشرت وسائل إعلام محلية، أخيراً، نسخاً من مذكرات التوقيف، انتشرت كذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، وأكد مصدر في النيابة العامة لوكالة الصحافة الفرنسية صحّتها.
وشملت المذكرات، التي أصدرتها النيابة العامة الليبية، 22 متمرداً تشادياً و9 سودانيين و6 ليبيين، يشتبه في تورّطهم في هجمات مسلّحة عدة ضد منشآت نفطية في الشرق الليبي خلال العام الماضي، وضد قاعدة تمنهنت، الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس، حيث قتل أكثر من 140 شخصاً في مايو (أيار) 2017.
كما صدرت أيضاً مذكرات توقيف لعبد الحكيم بلحاج، الزعيم السابق للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وإبراهيم الجضران، القائد السابق لحرس المنشآت النفطية، الذي أصبح زعيم جماعة مسلّحة هاجم مقاتلوها منشآت نفطية في رأس لانوف والسدرة في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وتجاهل أمس فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، هذه التطورات. لكنه أعلن تلقيه دعوة رسمية لزيارة روسيا، خلال لقائه في طرابلس مع سفيرها الروسي لدى ليبيا إيفان مولوتكوف.
ونقل بيان لمكتب السراج عن إيفا أنه جدد دعم بلاده لحكومة السراج، مؤكداً تطلعه لتعزيز التعاون الثنائي، وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، التي أكد السراج أيضاً حرص المجلس الرئاسي لحكومته على تفعيلها وتحديثها، معرباً عن تطلعه لعودة الشركات والاستثمارات الروسية للعمل مجدداً إلى ليبيا.
من جهة أخرى، أكد معاون آمر «كتيبة خالد بن الوليد» أن الكتيبة مستمرة في ملاحقتها الإرهابيين، وأن الدوريات مستمرة لتمشيط منطقة غدوة، الواقعة جنوب ليبيا بالكامل.
إلى ذلك، أعلنت البحرية الليبية أنها أنقدت أول من أمس طاقم سفينة بضائع، يتكون من 14 هندياً بعد جنوحها أثناء دخولها ميناء طرابلس الأربعاء الماضي، وذلك بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع أمواج البحر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.