مواجهات واسعة... والألمان يطالبون بسحب قواتهم من أفغانستان

«طالبان» تحتجز موظفين أفغاناً والحكومة تحرر أسرى

تأهب أمني للقوات الأفغانية في موقع تفجير انتحاري في العاصمة كابل الأسبوع الماضي (رويترز)
تأهب أمني للقوات الأفغانية في موقع تفجير انتحاري في العاصمة كابل الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

مواجهات واسعة... والألمان يطالبون بسحب قواتهم من أفغانستان

تأهب أمني للقوات الأفغانية في موقع تفجير انتحاري في العاصمة كابل الأسبوع الماضي (رويترز)
تأهب أمني للقوات الأفغانية في موقع تفجير انتحاري في العاصمة كابل الأسبوع الماضي (رويترز)

شهدت الولايات الأفغانية مواجهات محتدمة بين قوات طالبان والقوات الحكومية الأفغانية مع تضارب في بيانات الطرفين وحصيلة هذه المواجهات. فقد أعلنت القوات الأفغانية مقتل سبعة عشر على الأقل من مقاتلي طالبان خلال عمليات عسكرية بمدينة تارينكوت، عاصمة إقليم أوروزجان جنوب أفغانستان، طبقا لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس السبت. وذكرت مصادر عسكرية أن المسلحين قُتلوا خلال العمليات التي جرت في الساعات الـ24 الماضية. وأضافت المصادر أن القوات الأفغانية دمرت أيضا ستة مواقع قتالية وثلاثة أنفاق و15 عبوة ناسفة بدائية الصنع ومصنع لصنع القنابل. وكانت القوات الأميركية قصفت مركزا للشرطة الأفغانية في مدينة تارينكوت أول من أمس مما أسفر عن إصابة ستة من رجال الشرطة الحكومية، ويعتبر إقليم أوروزجان من بين الأقاليم المضطربة نسبيا في جنوب أفغانستان، حيث ينشط مسلحو طالبان في مناطق مختلفة به، خاصة محيط مدينة تارينكوت مركز الولاية، إذ يسيطر مقاتلو طالبان على القرى المجاورة لها ويتحكمون في الطرق المؤدية إلى المدينة. وكانت الحكومة الأفغانية أعلنت تحرير قواتها لاثني عشر مدنيا قالت إنهم كانوا محتجزين لدى قوات طالبان في إقليم هلمند جنوب أفغانستان إثر عملية عسكرية قامت بها قوات خاصة أفغانية بعد منتصف ليلة أول من أمس. وقال المتحدث باسم الحاكم الإقليمي، عمر زواق، لوكالة الأنباء الألمانية أمس إن قوات النخبة «إن دي إس» التابعة لوكالة الاستخبارات الأفغانية نفذت العملية التي أجريت في مقاطعة نهر السراج بالإقليم. وتحتجز طالبان أشخاصا في سجنها لأسباب مختلفة، من بينها التعاون مع قوات الأمن الأفغانية. وقامت القوات الخاصة الأفغانية بالكثير من عمليات الإنقاذ في 2018 وقالت الحكومة إن عملياتها أدت إلى تحرير المئات من المدنيين من بينهم نساء وأطفال من قبضة طالبان.
وفي تطور مشابه قالت الحكومة الأفغانية إن مسلحي طالبان احتجزوا 15 موظفا حكوميا على الأقل كرهائن في إقليم فراه غرب أفغانستان. وكان الموظفون في طريقهم إلى عملهم في ضواحي مدينة فراه، عاصمة الإقليم عندما احتجزهم المسلحون، طبقا لما ذكره عضوا المجلس المحلي، خير محمد نور زاي وداد الله قانه. وأضاف المسؤولان أنه ربما تم نقلهم إلى منطقة «بوشت رود» بالإقليم، حيث يسيطر المسلحون على 80 في المائة على الأقل من المنطقة. وتزامن اختطاف الموظفين الحكوميين في إقليم فراه غرب أفغانستان مع اعتراف مسؤولين في ولاية ساريبول شمال أفغانستان بأن مسلحي طالبان باتوا يهددون آبار النفط الكبرى الواقعة بالقرب من مدينة ساريبول شمال أفغانستان بعد أيام من الاشتباكات التي سقط خلالها عشرات من أفراد قوات الأمن بين قتيل وجريح. وقال ذبيح الله أماني المتحدث باسم حاكم الإقليم: «الوضع الأمني في إقليم ساريبول مزعج». «تلقينا وعودا بإرسال تعزيزات إلى المدينة، لكن شيئا لم يتم بعد». وسقط نحو 52 من قوات الأمن بين قتيل وجريح بالقرب من ساريبول يوم الثلاثاء خلال اشتباكات استمرت ساعات، مما سلط الضوء على حجم الضغوط التي تواجهها القوات الحكومية الأفغانية رغم تكثيف الجهود لتحقيق السلام. وقال أماني: «طالبان تشن هجمات واسعة منذ فترة بهدف تأمين حقول النفط هذه. وقد أنشأنا قوة حماية خاصة لكنها لا تملك عتادا حديثا»، وأضاف أن هناك ثمانية حقول عاملة وهناك معدات عسكرية بملايين الدولارات بينها عربات مدرعة مخزنة على مقربة، ومضى يقول: «هذه الآبار لها أهمية اقتصادية، ليس فقط لإقليم ساريبول، ولكن أيضا لكل أفغانستان». ومن شأن الاستيلاء على الحقول توجيه ضربة للحكومة وتعزيز الأوضاع المالية لحركة طالبان، إضافة لإيرادات الضرائب والتعدين والأفيون. التي تقول الحكومة إن طالبان تستفيد منها من مختلف الولايات، وقال أمر الله صالح وزير الداخلية إن تعزيزات أرسلت من أقاليم مجاورة إلى حقول النفط كما سيتم إرسال فريق من كابول خلال الأيام القادمة، وأضاف: «حتى الآن المنطقة آمنة، لكن لا يمكننا أن ننفي خطر وجود تهديد»، وأشار إلى أنه قد تم تنبيه الشركات للمخاطر الأمنية.
وكانت طالبان ذكرت في بيان لها أن قواتها قتلت خمسة عشر من أفراد القوات الحكومية ودمرت ثلاث ناقلات عسكرية مصفحة لها في هجوم شنه مقاتلو الحركة على مركز أمني للقوات الحكومية في بلدة سبين بولدك الحدودية مع باكستان. وذكر بيان طالبان أن الهجوم على القاعدة في منطقة خزوبي تم ليل الجمعة، حيث تم تبادل قذائف المدفعية الثقيلة بين الطرفين مما قاد إلى سيطرة قوات طالبان على القاعدة، وإجبار بقية القوات التي كانت فيها على الفرار من المنطقة.
وأعلن الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد رفض الحركة مجددا أي حوار مع «إدارة كابل»، في إشارة لحكومة الرئيس أشرف غني، وقال مجاهد في بيان نشرته طالبان على موقعها: «إن الحركة معنية باستمرار المفاوضات مع الجانب الأميركي، ولكن يجب أن تكون المفاوضات جادة وتنهي الاحتلال الأميركي غير القانوني لأفغانستان».
وجدد الناطق باسم طالبان موقف الحركة من الحكومة الأفغانية بأنها «تابعة لسلطة الاحتلال ولا تملك من أمرها شيئا، خاصة أن علامات الانهيار بدت واضحة عليها بعد أقوال مسؤولين أميركان عن نية ترمب سحب نصف عدد القوات الأميركية من أفغانستان، وهو ما أحدث حالة ارتباك لإدارة كابل». وجددت طالبان اتهامها للقوات الأميركية والحكومية الأفغانية بالتسبب بمقتل الغالبية من المدنيين الذين سقطوا ضحية الحرب في أفغانستان. وقالت الحركة في تقرير لها نشرته أول من أمس، إن القوات الأميركية والحكومية الأفغانية مسؤولة عن مقتل 90 في المائة من الضحايا المدنيين في 2018.
واعتمدت طالبان في تقريرها على ما قالته إنه شهادات ميدانية أفادت بأن 4170 ضحية بينهم 2294 قتيلا و1876 جريحا.
ورفضت القوات الأميركية وقوات حلف الأطلسي تقرير طالبان، محملة الحركة المسؤولية عن مقتل 3705 من الضحايا المدنيين وتنظيم الدولة وفصائل مغمورة بالمسؤولية عن مقتل 465 ضحية مدنية.
لكن صحيفة نيويورك تايمز نشرت تحقيقا استقصائيا لها من أفغانستان وجهت فيه الاتهام مباشرة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ومن جندتهم من الأفغان بالمسؤولية عن عمليات قتل وصفتها الصحافية بالبربرية والهمجية في عدد من الولايات الأفغانية. ونقلت الصحيفة عن شهود عيان ومواطنين أفغان أن المخابرات المركزية الأميركية جندت مجموعات من الأفغان، وتقوم وحدات أميركية ومجندون أفغان بغارات ليلية على منازل السكان الذين يشتبه بتقديمهم الدعم لمقاتلي طالبان.
وتزامنت هذه الشهادات مع مطالبة واسعة في ألمانيا بسحب القوات الألمانية من أفغانستان في حال انسحاب القوات الأميركية منها. وكشف استطلاع للرأي أن نحو نصف الألمان يريدون إنهاء مهمة قوات بلادهم في أفغانستان حال قررت الولايات المتحدة سحب أعداد كبيرة من قواتها من هناك.
وأظهر الاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه اليوم السبت، أن 48 في المائة من الألمان يؤيدون انسحاب القوات الألمانية في هذه الحال، بينما يعارض ذلك 29 في المائة آخرين. ولم تحدد نسبة 23 في المائة من المشاركين موقفها من الأمر.
وبينما يتعلق بمهمة مكافحة تنظيم داعش، دعا 41 في المائة من الألمان إلى إنهاء مشاركة قوات بلادهم في هذه المهمة بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية من سوريا، الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي بالفعل. وفي المقابل، دعا 32 في المائة من الألمان إلى مواصلة المهمة التي تشارك فيها ألمانيا بطائرات استطلاع طراز «تورنادو» وطائرة تزود بالوقود، بينما لم تحدد نسبة 28 في المائة من الألمان موقفها من الأمر.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».