عقد القمة الاقتصادية في لبنان يعزز بقاءه تحت المظلة العربية والدولية

يراهن على استمرار الدعم العربي له سياسياً ومالياً

TT

عقد القمة الاقتصادية في لبنان يعزز بقاءه تحت المظلة العربية والدولية

تشكل القمة العربية الاقتصادية المزمع عقدها في بيروت يومي 19 و20 يناير (كانون الثاني) الحالي، العامل الأهم لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين لبنان والدول العربية، رغم الأزمة السياسية التي يعانيها نتيجة غياب الحكومة، وهي تعطي مؤشراً واضحاً على أن لبنان لا يزال تحت مظلة الحماية العربية والدولية، الكفيلة بتعزيز استقراره السياسي والاقتصادي.
ويجمع سياسيون وخبراء اقتصاد على أن القمة ستشكل محطّة لجذب الاستثمارات التي يحتاجها لبنان للنهوض باقتصاده، من دون إغفال أبعادها السياسية الإيجابية، واعتبر وزير الدولة لشؤون التخطيط في حكومة تصريف الأعمال ميشال فرعون، أن «أهمية القمة تكمن في الحضور العربي إلى بيروت، الذي يعكس مدى الاستقرار الأمني الذي يعيشه البلد، وتشكل غطاء عربياً وإقليمياً ودولياً للبنان، رغم أزمته السياسية التي تمتد بعض خيوطها إلى الخارج».
ورأى فرعون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزمة اللبنانية (الناتجة عن عجز الأطراف على تأليف حكومة جديدة) لا يمكن مقارنتها بالأزمات الأخرى التي تعاني منها المنطقة، وهذا يعني أن لبنان لا يزال تحت مظلة الحماية العربية والدولية».
وفيما يراهن لبنان على استمرار الدعم العربي له اقتصادياً ومالياً وحتى سياسياً، يشير فرعون إلى «أهمية هذا الدعم الذي يأتي من ضمن المشاركة الدولية في مساعدة لبنان، سواء في مؤتمر روما المخصص لدعم الجيش والقوى الأمنية، أو مؤتمر «سيدر» للنهوض بالاقتصاد اللبناني، لافتاً إلى أن «الدول الخليجية التي لم تتوقف عن مساعدة لبنان في أحلك الظروف، تعمل الآن على مساعدته من ضمن المسار الدولي».
وكانت الدولة اللبنانية أنهت تحضيراتها لاستضافة القمة، واستكملت توجيه الدعوات إلى كل قادة الدول العربية باستثناء النظام السوري الذي لا يزال خارج منظومة الجامعة العربية، وهي تستعدّ لطرح رؤيتها الاقتصادية للأعوام القادمة، انطلاقاً من ورقة العمل التي قدمتها في مؤتمر «سيدر» وتبنتها الدول والمؤسسات المانحة للمشاركة في دعم لبنان، شرط الالتزام بالخطوات الإصلاحية، ومكافحة الفساد وتقليص العجز في الموازنة، والذي يبدأ بمعالجة أزمة الكهرباء.
وفي المقاربة العملية لأهدافها، يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزنة لـ«الشرق الأوسط»، أن «انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت، يوحي بوجود اهتمام عربي بهذا البلد، ويعطي جرعة دعم قوية للاقتصاد اللبناني، وسيكون عاملاً مساعداً لتغيير المؤشرات غير المشجعة اقتصادياً ومالياً، لا سيما أن هذه المؤشرات لعام 2019 سلبية». وأوضح أن القمة «تشكل عاملاً مهماً لتعزيز العلاقات الاقتصادية والمالية بين لبنان والدول العربية، خصوصاً الخليجية، بعد تراجع هذه العلاقات بشكل ملموس على صعيد التبادل التجاري وتراجع الحركة السياحية، والمرتبطة إلى حدّ كبير بالظروف السياسية».
ويجمع الخبراء على أن قمة بهذه الأهمية لجهة المشاركة الواسعة والحضور، تؤسس لاستعادة الثقة باقتصاد لبنان، وستكون دافعاً لتحفيز الاستثمارات العربية والأجنبية، وتطوير علاقات لبنان مع أشقائه العرب.
ولا يخفي الوزير فرعون وجود تباين في مواقف القوى السياسية اللبنانية لجهة مقاربتها للقمة العربية الاقتصادية، ويؤكد أن «بعض التعقيدات المرتبطة بالملف الحكومي، يراد منها إضعاف القمة الاقتصادية، والتخفيف من نجاحها (بسبب عدم دعوة سوريا للمشاركة فيها)، في حين أن مصلحة لبنان تكمن في نجاح القمة، لأنها تعود بالمزيد من الاستقرار الاقتصادي، وتعزز دور لبنان ضمن محيطه العربي». وشدد فرعون على أن «نتائج القمة ستظهر سريعاً على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
ولا تزال القمة الاقتصادية تشكل عامل انقسام في لبنان، بسبب إصرار حلفاء النظام السوري في لبنان وفي مقدمهم «حزب الله» على دعوته للمشاركة في القمة. لكن هؤلاء لا يجازفون بأي محاولة للتفريط بانعقادها في بيروت. ولفت الخبير الاقتصادي غازي وزنة إلى أن القمة «ستبحث ملفات اقتصادية واجتماعية وملف النازحين السوريين في المنطقة». وأشار إلى أن القمة «ستؤسس لدور مهم للبنان في مرحلة إعادة إعمار سوريا، نتيجة الرابط التاريخي والجغرافي بين البلدين، وخبرة لبنان في إعادة الإعمار، وقدرة القطاع المصرفي اللبناني ورجال الأعمال اللبنانيين على الاستثمار في إعادة إعمار سوريا، وللدور الحيوي الذي سيلعبه مرفأ طرابلس (شمال لبنان) بعد تأهيله وتطويره».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.