مواجهة بالسياسة والفكر للفتن الطائفية في مصر

لجنة أمنية... ومشروع عقوبات... وزيارات للكنيسة

مواجهة بالسياسة والفكر للفتن الطائفية في مصر
TT

مواجهة بالسياسة والفكر للفتن الطائفية في مصر

مواجهة بالسياسة والفكر للفتن الطائفية في مصر

جهود مكثفة تبذلها السلطات المصرية لمحاصرة الفتنة الطائفية، التي أصبحت عامل تهديد خطير للأمن والاستقرار في البلد، الذي ينشد تحقيق نقلة كبيرة في مجال الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. فبعد سنتين من واقعة ذبح صاحب «محمصة» قبطي، اسمه يوسف لمعي، في مدينة الإسكندرية الساحلية، لبيعه خموراً، نفّذ حكم الإعدام بالجاني الشهير بـ«عسلية» في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبذا انتهت واحدة من القضايا الطائفية التي شغلت الرأي العام منذ يناير (كانون الثاني) عام 2017. عندما ارتكب «عسلية» جريمته، وسجلتها كاميرات المحل.
إلا أن هذا العقاب لم يمنع وقوع أحداث طائفية أخرى شهدت قتلاً على الهوية، كان آخرها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما هاجم مسلحون حافلة تقل عدداً من الأقباط أثناء عودتهم من دير الأنبا صموئيل غرب مدينة العدوة، بمحافظة المنيا (على بعد 200 كيلومتر جنوب القاهرة)، ما أسفر عن مقتل 7 منهم وجرح 14. ولقد تبنى تنظيم داعش الإرهابي المتطرف مسؤولية الهجوم.

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال الأسبوع الماضي، قراراً جمهورياً بتشكيل لجنة مركزية تحمل اسم «اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية»، يرأسها مستشار الرئيس لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب، وتضم في عضويتها ممثلين عن هيئة عمليات القوات المسلحة، والمخابرات الحربية، والمخابرات العامة، والرقابة الإدارية، والأمن الوطني. ويحق للجنة أن تدعو من تشاء من الوزراء أو ممثليهم، وممثلي الجهات المعنية لحضور اجتماعاتها عند نظر مواضيع ذات صلة.
مهام اللجنة وضع الاستراتيجية العامة لمنع ومواجهة الأحداث الطائفية ومتابعة تنفيذها، وآليات التعامل مع الأحداث الطائفية حال وقوعها، وإعداد تقرير دوري بنتائج أعمالها وتوصياتها وآليات للعرض على الرئيس. وقال مراقبون إن «القرار يشكل اعترافاً رسمياً بوجود مشكلة طائفية، للمرة الأولى، وذلك بعدما اعتادت الجهات الرسمية في الدولة، ووسائل الإعلام منذ أحداث الخانكة عام 1972. التأكيد على الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، واعتبار أي مشاكل أو أحداث ذات بعد طائفي مشاكل فردية، أو مؤامرات خارجية... كما ينقل قرار اللجنة مواجهة الأحداث الطائفية من الجانب الفكري والديني، إلى الجانب السياسي والأمني والمعلوماتي».

مواجهة أمنية
حظي قرار تشكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية، بترحيب رسمي على المستوى الحكومي والبرلماني، وأيضاً على المستوى الديني. وقال الدكتور شوقي علاّم، مفتي مصر، إن «اللجنة تعد خطوة مهمة في طريق تحقيق المواطنة الكاملة للمصريين، ودعم جهود تعزيز العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد»، مؤكداً «استعداد دار الإفتاء للتعاون مع اللجنة، ودعمها».
أيضاً رحّبت الطائفة الإنجيلية في بيان صحافي باللجنة، معتبرة إياها «نقلة نوعية على طريق المواطنة». ووصف كمال زاخر، منسّق التيار العلماني بالكنيسة الأرثوذكسية، قرار تشكيل اللجنة بأنه «خطوة إيجابية لمواجهة الأحداث الطائفية والإرهاب»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة تضم بجوار جهاز عمليات القوات المسلحة، أجهزة المعلومات، ممثلة في المخابرات العامة والحربية، وممثلا للرقابة الإدارية. وهذا يعني أن هناك اتجاها لمتابعة جذور المشكلة في الجهاز الإداري للدولة، فطبيعة عمل الرقابة الإدارية تختص بملاحقة المنحرفين في الجهاز الإداري، مما يعطي انطباعاً بأن لدى القيادة السياسية معلومات حول وجود دور لبعض القيادات التنفيذية أو الإدارية في استفحال ظاهرة الإرهاب».
وأردف زاخر أن «قرار تشكيل اللجنة يتماس مع القرار الجمهوري بتشكيل المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب، حيث يوجد جميع أعضائه في اللجنة، مع استبعاد الجهات الدينية من تشكيل الأخيرة، ما يعني نقل الأمر من دائرة التعاطي الفكري والثقافي، إلى العمل في مواجهة حقيقية على الأرض».
جدير بالذكر، أن الرئيس السيسي كان قد أصدر في يوليو (تموز) 2017 قراراً بإنشاء «المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف» برئاسته وعضوية كل من رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، وشيخ الأزهر، وبابا الإسكندرية، ووزراء الدفاع، والأوقاف، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، والخارجية، والداخلية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعدل، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وعدد من الشخصيات العامة.
وخلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب (البرلمان) إن «شعار مصر الآن هو يد تبني ويد تحمل السلاح»، مشيراً إلى أن «مصر تواجه أعمالا إرهابية تستهدف النيل من استقرارها. وفي فترة الأعياد التي تعيشها مصر حالياً، تزداد المؤامرات التي تسعى إلى التفريق بين شقي الأمة، وتهدف إلى تشويه الحقائق، والتأثير على البلاد اقتصاديا وسياسيا، من هنا كان لا بد من العمل عبر استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب أمنياً وعسكرياً وفكرياً وثقافياً ودينياً أيضا». ثم تابع «نظراً لزيادة محاولة القوى الكارهة المساس بأمن مصر، تم تشكيل لجنة ميدانية يقودها مستشار الرئيس الأمني، ومهمتها وضع دراسة مسبقة لاحتمالات الإرهاب، والاستعداد له وإحباطه في مهده، وهذا يتم من خلال قوات الداخلية والجيش»، لافتاً إلى بيان الجيش المصري رقم 30 الذي «أكد أن الضربات المسبقة أحدثت خسائر كبيرة في صفوف الإرهابيين، وأجهضت 95 في المائة من قوتهم». واستطرد أن «اللجنة ستعمل أيضاً على مواجهة الحدث وقت حدوثه، وإزالة آثاره بالتنسيق مع الوزارات المعنية».
من جهتها، أكدت الكاتبة الصحافية فريدة الشوباشي، أهمية اللجنة، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تشكيلها يأتي في وقت تتزايد فيه المؤامرات على مصر... واللجنة ستضع يدها على أوجاعنا، وتقدم علاجاً حاسما لمشاكلنا»، منتقدة ما اعتبرته «تقصيراً من جانب وسائل الإعلام المحلية في الاحتفاء بهذا القرار».

... ومواجهة بالفكر
لكن المواجهة الأمنية التي تفرضها اللجنة لا تعني وقف إجراءات المواجهة الفكرية، بل شهد الأسبوع الماضي زيارات متبادلة من قيادات الأزهر إلى الكنائس المصرية للتهنئة بعيد الميلاد. إذ زار الدكتور أحمد الطيّب، شيخ الأزهر، على رأس وفد أزهري رفيع المستوى يتقدمهم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ومفتي البلاد، مقر الكاتدرائية بالعباسية في القاهرة لتهنئة البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
وهنأ شيخ الأزهر الأقباط، مؤكداً أن «مشاعر التراحم والود، والزيارات المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين، نابعة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يفرض على المسلم أن يتواصل مع أخيه في الوطن». وأضاف «أن الأزهر يعلم أبناءه أن الأديان السماوية تنبع من مصدر إلهي واحد، وأن جميع الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وأن الدين الإسلامي الخاتم ليس منفصلاً عن باقي الأديان، وإنما حلقة في سلسلة الدين الإلهي، مبيناً أن هذه المفاهيم هي التي حمت المجتمعات في المشرق العربي من الصراعات الدينية بين مكوناتها المختلفة».
ورد البابا تواضروس الثاني خلال لقائه وفد الأزهر، مشدداً على أن «مشاعر الحب والود المتبادلة هي نعمة من الله على الشعب المصري، وتأتي الأعياد والمناسبات الإسلامية والمسيحية كفرصة لإظهار هذه النعمة». ثم أوضح أن «تعاليم المسيح كلها تدعو للمحبة للآخرين... وهذه المحبة تنشر الفرح والسعادة في المجتمع، وهو ما يعني أن يسود السلام النفسي والمجتمعي... ولذلك فإن زيارات شيخ الأزهر للكاتدرائية في مختلف المناسبات تسهم في نشر الفرح والسلام والسعادة في المجتمع المصري».
وقبل بضعة أيام، في السياق نفسه، حضر الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة المصري، احتفالات الطائفة الإنجيلية (البروتستانتية) بعيد الميلاد المجيد في الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة.
عودة إلى كمال زاخر، فإنه أكد أن «الحل الأمني غير كاف لعلاج المشكلة، ولو طرحنا البعد الثقافي والاجتماعي، فالمسألة تحتاج إلى أخذ وعطاء ومدارس حتى نصل لنتيجة، تتمكن من تغيير وجدان تم تكوينه عبر عقود من الزمن بشكل متطرف، وهو أمر يحتاج إلى وقت طويل». ثم أضاف «علينا أن نسير في كلا الاتجاهين بالتوازي: مواجهات أمنية سريعة معتمدة على جهاز معلوماتي، وفي الوقت نفسه العمل على البعد الثقافي، والقرار يتيح للجنة الاستعانة بمن تشاء من الوزارات والهيئات المعنية. ومن المؤكد أنه سيكون هناك دور للإعلام والتعليم والثقافة... فعلى المستوى التكتيكي تأتي المواجهة في المقدمة، وعلى المستوى الاستراتيجي تأتي المواجهة الفكرية، وآن الأوان لنعترف بوجود أزمة الإعلام، والتعليم، والثقافة، فمنفذي الهجمات الإرهابية من خريجي الجامعات، مما يعني أن هناك خللا في التكوين».

«بيت العائلة المصرية»
وما يستحق الذكر أن بعض المراقبين يرى في الخطوات السياسية الأخيرة تقليصاً لدور «بيت العائلة المصرية»، الذي أسس عام 2011 ويتكون من قيادات إسلامية ومسيحية، وكان طوال السنوات الماضية قد تدخل لحل الإشكالات الطائفية عبر جلسات عرفية كانت تنتهي بالصلح دون معاقبة الجناة، ما يتسبب في تكرار الإشكالات مرات أخرى. وفي هذا الشأن، قال زاخر إن «هناك خللاً في تشكيل «بيت العائلة» منذ نشأته عام 2011. حيث كانت الظروف ملتبسة ليخرج «بيت العائلة» عن الخط المرسوم له ويتدخل لحل المشاكل الطائفية والإرهابية عرفياً، قفزاً على القانون، وهو ما ثبت فشله في علاج المشكلة».
أما الشوباشي فرأت أنه من الأفضل حل هذه الإشكالات بالقانون، وقالت «نريد دولة قانون، لا دولة فتاوى دينية... خاصة، أن هذه الفتاوى تحدث لبساً عند المواطن العادي الذي قد لا يدرك الفرق بين الفتوى الصادرة عن مؤسسة الأزهر، أو عن شخص متشدّد» - على حد قولها.
إلا أن النائب شكري الجندي، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري، يؤمن بأن «تشكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية بهذا الشكل لا بد أنه جاء بعد الدراسة لتحقق الغرض المنشود منها، والمقصود من هذا الملف، وهو ملف أمني، الحفاظ على أمن مصر، وأمن الشرق الأوسط والأمة العربية بالكامل».
وللعلم، وفقاً لتقديرات رسمية تتراوح نسبة المسيحيين في مصر بين 10 و15 في المائة من عدد السكان. ويشدد البابا تواضروس دائماً على أن «أي محاولة للعبث بالرباط القوي الذي يجمعنا بالمسلمين سوف تنتهي بالفشل»، وأن «مشاعر الحب والود المتبادلة هي نعمة من الله على الشعب المصري، وتأتي الأعياد والمناسبات الإسلامية والمسيحية كفرصة لإظهار هذه النعمة».
مقالات وصحف
في سياق متصل، تناول عدد من المقالات ومساحات الرأي في الصحف قضية الفتنة الطائفية وقرار اللجنة، وأبرزت زيارات القيادات الدينية المتبادلة. وقال الكاتب الصحافي عبد اللطيف المناوي، رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم» اليومية الخاصة، في مقاله تحت عنوان «المعلومات... ومواجهة الطائفية»، إن «فتوى تحريم تهنئة الأقباط بعيدهم فتوى متكرّرة لدرجة الملل»، مؤكداً «أن المشكلة لن تحل وحدها؛ بل بالشفافية والمعلومات».
وخصصت صحيفة «صوت الأزهر»، التي تصدرها مؤسسة الأزهر، عددها الأخير للمشاركة في احتفالات الأقباط بعيد الميلاد. وأشارت في واحد من عناوينها الرئيسية على الصفحة الأولى إلى دور الأزهر في تجديد الخطاب الديني، وفتوى شيخ الأزهر التي تؤكد أن «تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم ليس من الإسلام». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الكاتب الصحافي أحمد الصاوي، رئيس التحرير، بأن «الصحيفة شاركت الأقباط أعيادهم في العام الماضي أيضاً، تأكيداً لمنهج الأزهر في التعامل مع الآخر، والتقدير الإسلامي المجمع عليه الموجود في نصوص القرآن والسنة لشخصية المسيح وأمه العذراء». وأردف قائلاً «أن من ينتقد مناهج الأزهر ويتهمها بأنها تحرض ضد المسيحيين، عليه قراءة المناهج قبل انتقادها، والاطلاع على خطب وكلمات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، التي تؤكد أن مصطلح أهل الذمة لم يعد صالحاً للاستخدام، وأن المواطنة أصل في الإسلام، وأن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن دينهم، وهو ما تؤكده «وثيقة التعايش» التي أصدرها الأزهر في مارس (آذار) عام 2017».
وتابع الصاوي أن «العدد الأخير من الصحيفة الذي صدر الأربعاء الماضي تطرّق إلى تصريحات شيخ الأزهر الدكتور الطيب التي أكدت عدم وجود نصوص دينية تحرّم بناء الكنائس، مستعرضاً نماذج من مناهج الأزهر تحث على التعاون بين المسلمين والأقباط، من خلال مواد المواطنة والثقافة الإسلامية».

تحريم تهنئة الأقباط
في المقابل، قبل أيام، جدّد الشيخ ياسر برهامي فتواه بحرمانية تهنئة الأقباط بـ«عيد ميلاد المسيح». واعتبر برهامي أن «التهنئة بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق»، ويذكر أن فتوى برهامي «سيناريو» متجدد كل عام يحرم فيه التهنئة، ويدخل على الخط أيضاً العديد من المشايخ غير الرسميين.
هذه الفتوى دفعت أحد المحامين المصريين لأن يتقدم ببلاغ للسلطات القضائية ضد برهامي، اتهمه فيه بإثارة الفتنة الطائفية، والتحريض ضد أقباط مصر من خلال فتواه الصادرة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». ورأى البلاغ أن «فتوى برهامي تثير الفتنة الطائفية بين جناحي الوطن الواحد، وهو ما يؤدي إلى إثارة القلاقل وزعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد والإضرار بمصالحها العليا وأمنها القومي، في ظل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تستهدف الدولة المصرية ومواطنيها». ومن ثم، في محاولة لصد سيل الفتاوى التي تُطلق من دعاة غير رسميين تحرّم تهنئة الأقباط بأعيادهم، يسعى مجلس النواب لإقرار مشروع قانون يُعاقب كل من يُصدر مثل هذه الفتاوى بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر وغرامة لا تزيد عن 10 آلاف جنيه.
من جهة ثانية، انتهت اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري، الأربعاء الماضي، من مناقشة مشروع قانون «تنظيم الفتوى» لوضع حد للفتاوى التحريضية. وقال وكيل اللجنة النائب شكري الجندي إن «القانون لن يمنح ترخيص الفتوى إلا لمن يستحق، ومن خلال هيئة «كبار العلماء» و«مجمع البحوث الإسلامية» وإدارة الفتوى بوزارة الأوقاف ودار الإفتاء، وهذا ليس إقصاء لأحد؛ لكنه من باب التنظيم». وتابع أن «القانون يعاقب كل من يفتي دون ترخيص أو يصدر فتاوى شاذة ومضللة».
وأضاف الجندي أن «اللجنة انتهت أيضاً من مشروع قانون حق الظهور الإعلامي لرجال الدين وغيرهم من المتحدثين في الأمور الدينية، وقانون تنظيم العمل بدار الإفتاء. وسيتم قريبا مناقشة المشاريع الثلاثة في الجلسة العامة لمجلس النواب»، مؤكداً أن «هذه القوانين تصب في صلاح الوطن والمواطن والدين، والإسلام بريء من أي تطرف أو إرهاب، فهو الدين الخاتم والجامع لما فيه خير البشرية».
هذا، وأكد مراقبون أن «ما حدث في مصر على مدار الأسبوع الماضي، لم يكن مرتبطاً بحادث طائفي معين، ما يشير إلى تغير نظرة مصر الرسمية وغير الرسمية للمشكلة، واتجاهها نحو حل المشكلة من جذورها دون انتظار لأحداث جديدة». وقال كمال زاخر بأن عام 2018 كان «عام المواجهة الشاملة ضد الإرهاب من خلال العملية الشاملة «سيناء 2018»، وأعتقد أن هذه العملية اتسع نطاقها الجغرافي لتشمل مصر كلها عام 2019. عبر مواجهة كافة أشكال الإرهاب والطائفية في كل الأماكن الملتهبة في سيناء والمنيا وغيرهما».

أبرز الأحداث الطائفية في مصر خلال السنوات الأخيرة

> 1972 إحراق كنيسة يجري تشييدها في الخانكة بمحافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة.
> 1981 أحداث «الزاوية الحمراء» بشرق القاهرة، التي شهدت سقوط قتلى عقب اشتباكات مسلحة احتجاجا على بناء كنيسة.
> 1999 أحداث قرية الكشح في محافظة سوهاج، بصعيد مصر، التي تسببت في سقوط قتلى في اشتباكات نتيجة خلافات تجارية.
> 2010 شهد عدداً من الأحداث الطائفية من بينها، الاعتداء على مطرانية نجع حمادي في محافظة قنا بصعيد مصر، واشتباكات مرسى مطروح في الشمال الغربي، وأحداث كنيسة العمرانية بالجيزة.
> 2011 حادث تفجير كنيسة القديسين بمحافظة الإسكندرية، وشهد العام نفسه اشتباكات قرية أطفيح، وأحداث إمبابة، لينتهي العام بـ«أحداث ماسبيرو» في القاهرة.
> 2016 تفجير الكنيسة البطرسية في حي العباسية بالقاهرة، ومقتل 29 شخصاً، وتبني تنظيم داعش التفجير.
> 2017 الاعتداء على الأقباط في العريش بشبه جزيرة سيناء، وفرار الأسر المسيحية من المدينة. وفي العام نفسه وقع الهجوم على كنيسة مار جرجس في طنطا بمحافظة الغربية، والكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية. وفي مايو (أيار) من العام نفسه قتل 29 شخصا في هجوم على حافلة أقباط كانت في طريقها لدير الأنبا صموئيل في المنيا بصعيد مصر.
> 2018 شهدت محافظة المنيا مجموعة من الأحداث الطائفية بدأت في قرية منبال، ثم قرية دمشاو هاشم على مدار العام، واختتمت بالاعتداء على حافلة دير الأنبا صموئيل.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.