القاهرة تعزز تأمين الكنائس... والطائفة الإنجيلية تحتفل بالعيد

احتفال الطائفة الإنجيلية بمصر بعيد الميلاد أمس (الشرق الأوسط)
احتفال الطائفة الإنجيلية بمصر بعيد الميلاد أمس (الشرق الأوسط)
TT

القاهرة تعزز تأمين الكنائس... والطائفة الإنجيلية تحتفل بالعيد

احتفال الطائفة الإنجيلية بمصر بعيد الميلاد أمس (الشرق الأوسط)
احتفال الطائفة الإنجيلية بمصر بعيد الميلاد أمس (الشرق الأوسط)

هنأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أبناء الجاليات المصرية المسيحية بالخارج بمناسبة عيد الميلاد. وقال السيسي في برقية تهنئة بهذه المناسبة نقلتها سفارات وقنصليات مصر بالخارج إلى أبناء الجاليات المصرية المقيمين بالخارج عبر صفحاتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس: «يسعدني أن أبعث إليكم بأخص التهاني وأطيب التمنيات بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد وبحلول العام الميلادي الجديد 2019، متمنياً لكم النجاح والتوفيق، وأن يحمل العام الجديد لمصرنا الحبيبة مزيداً من الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار».
إلى ذلك عززت السلطات المصرية، أمس، من الإجراءات الأمنية حول الكنائس قبل ساعات من احتفال الأقباط الأرثوذكس بعيد الميلاد ليلة يوم غد (الأحد). ففي حي شبرا ذي الكثافة القبطية المرتفعة بشمال القاهرة، أغلق شارع جانبي بجوار كنيسة كبيرة، ونشرت سياجات معدنية لمنع توقف السيارات في كامل محيطها. وفي كنيسة العذراء في المطرية أقيمت بوابة معدنية ضيقة عند مدخل الكنيسة. وقال مسؤول في الكنيسة لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الإجراءات تعكس حذراً وليس خوفاً، حتى يشعر المصلون في الكنيسة بالأمان والسلام».
وفي ليلة رأس السنة عام 2011 استهدف اعتداء كنيسة القديسين في الإسكندرية موقعاً 21 قتيلاً. وقال مصدر أمني إن «وزارة الداخلية تفرض حرماً آمناً بمحيط كل كنيسة، فضلاً عن غلق الطرق المؤدية للكنائس، ووضع بوابات إلكترونية على مداخل الكنائس، لمواجهة أي تهديدات محتملة من قبل العناصر الإرهابية».
وتنشر وزارة الداخلية مجموعات أمنية في الشوارع، وقوات التدخل والانتشار السريع، وكثفت انتشار الارتكازات المسلحة بجميع المحاور المرورية والمناطق المهمة والحيوية ودور العبادة للحفاظ على الأمن. وتوعدت الداخلية بالتعامل بحزم وحسم مع كل من تسول له نفسه تعكير صفو احتفالات المصريين. وقال المصدر الأمني إن «الأجهزة الأمنية تواصل جهودها لتوجيه الضربات الاستباقية للعناصر والتنظيمات الإرهابية، واستهداف البؤر الإجرامية والتشكيلات العصابية وضبط عناصرها بجميع محافظات مصر وتنفيذ الأحكام القضائية».
في السياق نفسه شاركت قوات من الجيش، الشرطة المصرية، أمس، في تأمين المواطنين بمحيط دور العبادة، والمنشآت الحيوية. وأشارت قيادة الجيش إلى أن وحدات التدخل السريع تعمل كاحتياطات قريبة لدعم عناصر التأمين في التصدي لأي تعديات، كما تشارك عناصر الشرطة العسكرية، عناصر الشرطة المدنية، في تنظيم الكثير من الدوريات المتحركة ونقاط التأمين الثابتة.
وسبق أن تبنى تنظيم داعش الإرهابي تفجير كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة في ديسمبر (كانون الأول) 2016، أوقع 28 قتيلاً، أعقبه نشر فيديو هدد فيه باستهداف المسيحيين المصريين.
وأعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، أن الرئيس السيسي سوف يحضر قداس عيد الميلاد ويفتتح كاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية التي تقع على بعد 60 كيلومتراً شرق القاهرة. يشار إلى أن الرئيس السيسي اعتاد حضور القداس منذ انتخابه رئيساً للبلاد في يونيو (حزيران) 2014. وأشارت الكنيسة إلى أن الحضور سيكون بدعوات خاصة، وأن الدعوات متاحة لكل من يرغب من خلال طلبها من الكنيسة.
في غضون ذلك، احتفلت الطائفة الإنجيلية بمصر، أمس، بعيد الميلاد المجيد بالكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، برئاسة القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ومشاركة أعضاء المجلس الإنجيلي العام، ورؤساء المذاهب الإنجيلية بمصر، والقس سامح موريس راعي الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، وحضور وفد من القيادات الإنجيلية الأميركية يمثلون المجلس الاستشاري للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأعضاء لجنة الحريات الدينية، وكتاب مختصين في الشأن الإنجيلي واللاهوتي وقسيسي الكنائس الإنجيلية الأميركية.
ووجه رئيس الطائفة الإنجيلية، في كلمته خلال الاحتفال أمس، الشكر للرئيس السيسي، والدولة المصرية، على قرار تقنين أوضاع 627 كنيسة ومبنى خدمات وبيوت مؤتمرات من إجمالي 5407 لكل الطوائف، خص الطائفة الإنجيلية منها 85 كنيسة ومبنى خدمات وبيوت مؤتمرات، وكذلك على قراره بتأسيس «اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية».
وأضاف زكي أن «عيد الميلاد المجيد مناسبة ملهمة، تنفتح فيها عقولنا على آفاق جديدة، وتعد فرصة جليلة للتقارب وتبادل التهاني التي تعبر عن مشاعر صادقة». حضر الاحتفال أمس كريم الديواني، أمين رئاسة الجمهورية مندوباً عن الرئيس السيسي، وغادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، وإيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، وياسمين فؤاد وزيرة البيئة، ووزير النقل هشام عرفات، وأشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ومحافظ القاهرة خالد عبد العال، بالإضافة إلى أعضاء مجلس النواب (البرلمان)، والشخصيات السياسية والعامة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.