ضغوط لمحاكمة نتنياهو في قضية الغواصات

في خضم صراعه في ثلاثة ملفات فساد

غواصة أوهايو الأمريكية
غواصة أوهايو الأمريكية
TT

ضغوط لمحاكمة نتنياهو في قضية الغواصات

غواصة أوهايو الأمريكية
غواصة أوهايو الأمريكية

في الوقت الذي يخوض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معركة كبيرة مع مؤسسات القضاء في ثلاث قضايا فساد تهدد مكانته، استصدرت «الحركة من أجل نزاهة الحكم» قراراً من محكمة العدل العليا في القدس الغربية، يلزم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، وكلا من المدعي العام ورئيس قسم التحقيقات في الشرطة ونتنياهو نفسه، بأن يقدموا لها، حتى موعد أقصاه يوم غد الأحد: «إجابات وتفسيرات مقنعة، رداً على أسئلة حول قضية الغواصات، المعروفة أيضاً بالملف 3000».
ووفقاً لما أورده المحاميان أفيغدور فيلدمان ويوفال يوعاز، في الالتماس، فإن قضية الفساد في موضوع صفقة الغواصات أكبر من الملفات الثلاثة 1000 و2000 و4000، التي جرى التحقيق فيها مع نتنياهو، وأوصت الشرطة والنيابة بتقديم لائحة اتهام ضده بشبهة ارتكابه مخالفات فساد، تتعلق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة. وأكدا: «قضية الملفات الثلاثة لا تزيد حجماً عن العملاق الخارج من القمقم في الملف 3000، ويحجب عين الشمس».
ويضيف الالتماس أن «أداء المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، والمدعي العام، شاي نيتسان، في الملف 3000 لا يستوفي قواعد الإدارة السليمة والقضاء الإداري والقوانين الجنائية. والحصانة الفعلية المعلنة التي منحها مندلبليت ونيتسان لنتنياهو منذ بداية التحقيق في الملف، بالقول إن الأخير شاهد وليس متهما، هي التي حرفت التحقيق عن مساره الطبيعي. لكن العقل يرفض أن يصدق، كيف بالإمكان اتخاذ قرار قبل التحقيق، وقبل الاستماع لشهود الملك، وقبل جمع مواد بحجم هائل، يقولان فيه إن رئيس الحكومة ليس مشتبهاً؟ وهل بالإمكان إبقاء هذا الاشتباه يخيم فوق رأس رئيس الحكومة وناخبيه ومن يثقون ويؤمنون به، بأنه سيضع أمن الدولة وسكانها فوق الاعتبارات الأخرى؟».
والمعروف أن صفقة شراء الغواصات من ألمانيا كشفت عن وجود رشاوى ضخمة بمئات ملايين الدولارات يشتبه، بالتورط فيها مجموعة من أقرب المقربين من نتنياهو، قريبه ومحاميه الشخصي ديفيد شمرون، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي، أفريئيل بار يوسف، ومدير مكتب نتنياهو، ديفيد شيران، والوزير الأسبق، أليعيزر زندبيرغ، بالإضافة إلى قائد سلاح البحرية الأسبق، أليعيزر مروم. وقد عمل هؤلاء على شراء السفن الحربية والغواصات من شركة «تيسنكروب» الألمانية، ورفضوا ضم شركة كورية للمناقصة، مقابل الحصول على رشاوى ضخمة. وقد تم إخفاء هذه المعلومات عن وزير الدفاع، موشيه يعلون، يومها. وقد رأى يعلون أن نتنياهو شريك في هذه الفضيحة، ولا توجد أي إمكانية أن يخرج منها بريئاً.
وتشمل هذه القضية بنداً يقضي بألا تبيع شركة حوض بناء الغواصات «تيسنكروب» الألمانية غواصات مشابهة لدول مجاورة لإسرائيل، باستثناء مصر. وحسب الالتماس المذكور أعلاه، فإن المبعوث الشخصي الخاص لنتنياهو، المحامي يتسحاق مولخو، هو الذي صادق أمام الحكومة الألمانية على بيع غواصات متطورة لمصر، بالتنسيق مع مجلس الأمن القومي، الذي يخضع لنتنياهو مباشرة، ومن دون علم وزير الأمن والمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية والجيش الإسرائيلي. وقد اعتبر يعالون هذا الأمر بأنه «على حافة الخيانة». وأكد الالتماس أن نتنياهو وحده فقط الذي كان بإمكانه المصادقة على تسليم الحكومة الألمانية رسالة تتضمن موافقة إسرائيلية على بيع تلك الغواصات لمصر. ولم يجرِ التحقيق معه حول ذلك، ولم تستوضح الشرطة هذا الأمر لدى مكتب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي كشفت عن هذه الموافقة الإسرائيلية خلال لقائها مع الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، في شهر مايو (أيار) 2015.
ويطالب الملتمسون المحكمة العليا بإصدار قرار يأمر النيابة والشرطة بالتحقيق مع نتنياهو حول صفقة الغواصات والزوارق الحربية، المقرر استخدامها لحماية منصات استخراج الغاز في البحر. وقد أشار الالتماس إلى إفادات وزيري الأمن الأسبقين، يعالون وإيهود باراك، وغيرهما من الجنرالات التي تؤكد أنه لا يمكن أن تتم صفقات كهذه من دون علم وموافقة رئيس الحكومة.
وجاءت هذه الضربة الجديدة لنتنياهو في الوقت الذي دخل فيه في صدام مباشر مع صديقه المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت. فمع أن مندلبليت قال إنه «بإمكان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مواصلة ولايته بعد قرار بمحاكمته بالاستناد إلى استجواب تحت القسم» بأن تستخدم أقواله في المحكمة في حال تقرر تقديم لائحة اتهام ضده، وليس بالضرورة أن يستقيل، فقد هاجمه نتنياهو على قراره تقديم لائحة الاتهام وإجراء جلسات الاستماع قبل الانتخابات.
ونتنياهو يريد تأجيل كل شيء إلى ما بعد الانتخابات المقررة ليوم 9 أبريل (نيسان) القادم. وقال، في نقد لاذع للمستشار: «من غير المعقول؛ بل من المستحيل الشروع بجلسة استماع ضدي قبل الانتخابات، طالما أنه من المفهوم ضمناً أن إجراءات جلسة مماثلة لن تنتهي قبيل إجراء الانتخابات». وهدد رئيس الائتلاف في الكنيست، النائب ديفيد أمسالم، بأن «ملايين المواطنين سيخرجون إلى الشوارع للاحتجاج، في حال تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو». ووصف مندلبليت، هذه الكلمات بـ«عديمة المسؤولية». وقال، خلال مؤتمر قانوني حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، عُقد في حيفا مساء الخميس، إن «الأدلة فقط ستقرر»، مشيراً إلى أن موظفيه يعملون بأسرع ما يمكن على هذه الملفات، وسط توقعات بالإعلان عن نتائج المداولات حولها قبل موعد الانتخابات.
بدوره، نشر نتنياهو شريط فيديو على حسابه الرسمي بموقع «تويتر» يقول فيه: «إنهم يحاولون إجبار المستشار القضائي على التدخل بشكل فادح في الانتخابات، وذلك عبر دعوتي لجلسة استماع، معروف مسبقاً أنها لن تكتمل قبيل إجراء الانتخابات». وزعم نتنياهو أن الإعلان عن جلسة استماع قبل سماع الطرف الثاني: «يشوه إرادة الناخب، ويمس بالعملية الديمقراطية. هم يعلمون أن معسكرنا يفوز دائماً، ولذلك يحاولون الضغط على الحكم لإخراج ميسي من المباراة» في إشارة إلى اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.