جرائم قتل الأبناء في مصر: حوادث متكررة تهز الرأي العام

جرائم قتل الأبناء في مصر: حوادث متكررة تهز الرأي العام
TT

جرائم قتل الأبناء في مصر: حوادث متكررة تهز الرأي العام

جرائم قتل الأبناء في مصر: حوادث متكررة تهز الرأي العام

اعتاد المصريون في الآونة الأخيرة متابعة جرائم قتل بشعة، يرتكبها الآباء في حق أطفالهم وزوجاتهم. ورغم اختلاف أماكن وقوع تلك الجرائم التي تهز الرأي العام المصري، وتنوع دوافعها، فإن نتيجتها واحدة، وهي قتل الأبناء بدم بارد، ما دفع خبراء علم الاجتماع والطب النفسي إلى مطالبة الحكومة المصرية بالاهتمام بالدراسات والبحوث الاجتماعية، التي تصدرها المؤسسات العلمية والبحثية، والجامعات المصرية، للحد من تلك الحوادث.
وهزت جريمة ذبح طبيب مصري أطفاله الثلاثة وزوجته بمدينة كفر الشيخ (شمالي القاهرة بنحو 150 كيلومتراً)، قبل أيام، الرأي العام في مصر؛ حيث وصف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الحادثة بأنها «بشعة» و«خطيرة».
واستطاعت مباحث كفر الشيخ فك طلاسم الجريمة بسرعة شديدة، رغم ادعاء الزوج المتهم بالقتل، في البداية، بأنه وجد زوجته وأبناءه مقتولين من قبل مجهولين، لدى وصوله للمنزل، قبل إبلاغه الشرطة. لكن بعد تضييق الخناق عليه اعترف أخيراً بارتكابه الجريمة بسبب وجود خلافات أسرية بينه وبين زوجته.
وسلطت وسائل الإعلام المصرية الأضواء على هذه الجريمة البشعة، قبيل انتهاء عام 2018 بساعات قليلة، واهتمت بنشر تفاصيلها بشكل لافت على مدار الساعة، حتى تم الإعلان عن القاتل الحقيقي الذي قام بتمثيل جريمته بعد اعترافه.
الدكتورة سوسن فايد، أستاذة علم الاجتماع، بـ«المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية»، أرجعت أسباب انتشار تلك الحوادث البشعة في الآونة الأخيرة بمصر، إلى اجتماع عدة عوامل في توقيت واحد، مثل الأزمات النفسية، والمادية، وتناول المخدرات، والتعرض لأخبار الجريمة من وسائل الإعلام بشكل متكرر.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «أزمة تراجع القيم التي يعاني منها المجتمع المصري حالياً، تساهم بشكل رئيسي في الحوادث البشعة التي شهدتها البلاد أخيراً». ولفتت إلى أن «هذه الأزمة لم تلقَ اهتماماً من الجهات المعنية على مدار السنوات الماضية».
وأوضحت فايد أن «بعض الأمراض النفسية، ومن بينها الاكتئاب، قد يدفع بعض المواطنين إلى التخلص من حياتهم ومن حياة أبنائهم، في لحظة ضعف، بعدما استقر في وجدانهم أن التخلص من الحياة، هو الحل الوحيد للخروج من أزماتهم».
وأوصت فايد بـ«ضرورة اللجوء إلى الطب النفسي، وتغيير النظرة المجتمعية حوله، وعدم اعتبار جميع مرضاه مختلين عقلياً، للخروج من تلك الأزمة، أو للحد من انتشارها».
جريمة ذبح طبيب كفر الشيخ أطفاله، هي آخر جريمة أسرية وقعت في عام 2018، سبقتها جرائم كثيرة في العام ذاته، شغلت الرأي العام في مصر على مدار أسابيع كاملة، أبرزها «قضية الشروق»، التي وقعت في بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي؛ حيث قتل تاجر زوجته وأبناءه الأربعة طعناً بالسكين، في مدينة الشروق (شرقي القاهرة). وسبقتها بأيام قليلة جريمة قتل أسرية أخرى، إذ عثرت الشرطة المصرية على أسرة كاملة متعفنة داخل مسكنها بقرية الرملة التابعة لمدينة بنها، (شمالي القاهرة بنحو 45 كيلومتراً)، بعد بلاغ الأهالي للشرطة بانبعاث رائحة كريهة من إحدى العقارات، وتبين وجود 4 أطفال ووالدهم في حالة تعفن كامل داخل شقتهم. وتبين من التحقيقات أن الأب تخلص من حياته وحياة أبنائه الأربعة بوضع السم لهم في الطعام، بعد مروره بضائقة مادية شديدة.
وفي عيد الأضحى الماضي، انشغل الرأي العام في مصر، بجريمة خطف وقتل طفلين في مدينة ميت سلسيل بمحافظة الدقهلية، وتبين في النهاية أن القاتل هو الأب، وفقاً لما أوردته تحقيقات النيابة في القضية.
وفي منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، أعلنت الشرطة المصرية أن سيدة ثلاثينية ألقت جثث أطفالها الثلاثة بأحد الشوارع في منطقة المريوطية بمحافظة الجيزة، واعترفت الأم بأنها تركتهم بمفردهم في شقتها، وأغلقت عليهم الباب من الخارج، وقضى عليهم حريق نشب في الشقة من الداخل.
إلى ذلك، قال الدكتور سامح حجاج، نائب مدير مستشفى العباسية للأمراض النفسية، لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستطيع الربط بين الجرائم الأسرية البشعة والأمراض النفسية، لعدم صدور إحصائيات وأرقام تحصر أعدادها، إضافة إلى أن أبطال الجرائم الأخيرة ليسوا مختلين عقلياً؛ حيث اختاروا القتل ومفارقة الحياة من تلقاء أنفسهم، بعد التعرض لأمور وأزمات وخلفيات محددة تسببت في ذلك».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».