«خطيب مراتي» أول فيلم مصري تجاري بلغة الإشارة

لقطة من فيلم «خطيب مراتي»
لقطة من فيلم «خطيب مراتي»
TT

«خطيب مراتي» أول فيلم مصري تجاري بلغة الإشارة

لقطة من فيلم «خطيب مراتي»
لقطة من فيلم «خطيب مراتي»

تستقبل دور العرض المصرية، شهر فبراير (شباط) المقبل، تجربة سينمائية جديدة، بعنوان «خطيب مراتي»، قرر مخرجها أحمد عفيفي تقديم نسختين بأحداث متطابقة، تُعرضان تجارياً في الوقت نفسه. الأولى ناطقة، من بطولة أحمد سعد، وريم البارودي. والثانية بلغة الإشارة بممثلين من الصم وضعاف السمع، منهم محمد طارق وهاجر جمال. في سابقة هي الأولى من نوعها.
يقول أحمد عفيفي، مؤلف ومخرج «خطيب مراتي»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «قرر صناعة فيلم بلغة الإشارة لذوي الحاجات الخاصة من الصم وضعاف السمع، بعد أن فوجئ أن عددهم بالملايين، فكانت الفكرة في البداية أن يخصص مساحة على الشاشة لمترجم إشارة، ولكن بعد التعرف أكثر على هذا العالم ومشاهدة مسرحية بعنوان (العطر)، أبطالها من الصم، قرر أن تكون هناك نسخة مكتملة بلغة الإشارة؛ لأن كل المسلسلات والأفلام والبرامج تتجاهل هذه الفئة الكبيرة، التي تستحق أن تلقى اهتماماً لدمجها في المجتمع». وأضاف عفيفي أن «مرحلة التحضير للفيلم استغرقت وقتاً طويلاً؛ حيث أقام ورشة تمثيل لعدد كبير من الصم وضعاف السمع لمدة 6 أشهر تقريباً، لتدريبهم على التمثيل، كما استغرقت فترة تصوير الفيلم نحو 3 أشهر على فترات متقطعة امتدت لعام كامل».
وأكد عفيفي، على أنه كان يصور نسختي الفيلم في وقت واحد؛ حيث كان يصور أولاً مشهداً من النسخة الناطقة، ليشاهده أبطال نسخة لغة الإشارة، ثم يقدمون مشهدهم بأداء خاص، مختلف تماماً، وليس متشابهاً، مشيراً إلى أن القصة التي يتناولها الفيلم لا تتناول عالم ذوي الإعاقة على الإطلاق، فكان متعمداً أن يكون موضوع الفيلم قضية عامة يشترك فيها الجميع، الناطقون مع الصم، فالفيلم تدور أحداثه حول قيمة العمل، وأن لكل إنسان موهبة، عليه أن يؤمن بها ويسعى وراءها.
وكشف عفيفي، أن أحداث النسختين، الناطقة والموجهة للصم، متطابقتان تماماً، مع تعديل بسيط في الهواية التي يمارسها البطل، فالنسخة الناطقة بطلها أحمد سعد، الذي يهوى فن الإنشاد، وفي نسخة لغة الإشارة البطل يهوى رقص التنورة، لكن البطل في النسختين يعمل مهندساً، واسمه «حسن».
وأكد عفيفي أن التحدي في التجربة لا يتوقف عند وجود نسختين، ولكنه يمتد لمشاركة ممثل من ضعاف السمع في النسخة الناطقة، وممثل ناطق في نسخة لغة الإشارة، حتى يتم التأكيد على فكرة أن الصم ليسوا فقط قادرين على تمثيل سينما خاصة بهم، وإنما أيضا قادرون على العمل في السينما الناطقة.
وبحسب آخر إحصاء رسمي عام 2017، فإن ذوي الإعاقة بمصر يصل عددهم إلى 10.7 في المائة من نسبة السكان التي تجاوزت 100 مليون نسمة.
في السياق نفسه، تحدث المخرج المصري خالد يوسف لـ«الشرق الأوسط» عن سبب تحمسه لإنتاج الفيلم من خلال شركته «مصر العربية»، وقال إنه أثناء مشاركته في لجنة الخمسين لكتابة الدستور عام 2013 كانت هناك جلسات استماع لذوي الإعاقة، ومنهم الصم وضعاف السمع، أكدوا خلالها على مشاعرهم تجاه المجتمع، وإلى أي مدى يعانون التهميش والإهمال، لعدم إدماجهم في المجتمع، مؤكداً على أنه تحمس للتجربة جداً عندما عرضها عليه المخرج أحمد عفيفي، رغم أنه على قناعة كاملة بأن الدولة هي المطالبة بإنتاج مثل هذه الأفلام وليس القطاع الخاص؛ لأنها تحمل مخاطرة إنتاجية. من جانبه، وصف الدكتور أشرف مرعي، أمين المجلس القومي لشؤون الإعاقة بمصر، تجربة فيلم «خطيب مراتي» بالمبادرة الطيبة التي تدل على بدء اهتمام صنّاع الفن بهذه الفئة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تقييم التجربة والحكم عليها بشكل نهائي سيكون بعد طرحها في دور العرض السينمائية، لمعرفة مدى إقبال واهتمام ذوي الإعاقة بشكل عام، وضعاف السمع بشكل خاص على فيلم، أبطاله من ذوي الإعاقة، مشيداً باستعانة المخرج في النسخة الناطقة بممثل من الصم، والعكس».
وأضاف مرعي أن «صناعة نسخة من الفيلم بممثلين موهوبين من الصم وضعاف السمع قد يسعد بعض الناس، ولكنه في الوقت نفسه قد يؤكد على فكرة العزل وليس الدمج، لأنه يوجه رسالة بأن للأصحاء نجومهم وللصم ممثلين منهم قادرين على مخاطبتهم»، مشيراً في الوقت نفسه أن «فكرة الدمج تتحقق أكثر عندما يذهب المواطن الأصم مع المواطن الناطق لنفس الفيلم المترجم بلغة الإشارة، الذي يقوم ببطولته النجم الشهير المحبوب، وليس لفيلمين مختلفين».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».