«تويوتا» تحلم بمستقبل للسيارات الصديقة للبيئة في السوق العالمية

تستثمر مليارات الدولارات على الطرز الهجين التي تعمل بالبنزين والكهرباء

سيارة هولندية أطلق عليها اسم «نونا» تعمل بالطاقة الشمسية خلال رحلة لها في سفاري بهولندا (إ.ب.أ)
سيارة هولندية أطلق عليها اسم «نونا» تعمل بالطاقة الشمسية خلال رحلة لها في سفاري بهولندا (إ.ب.أ)
TT

«تويوتا» تحلم بمستقبل للسيارات الصديقة للبيئة في السوق العالمية

سيارة هولندية أطلق عليها اسم «نونا» تعمل بالطاقة الشمسية خلال رحلة لها في سفاري بهولندا (إ.ب.أ)
سيارة هولندية أطلق عليها اسم «نونا» تعمل بالطاقة الشمسية خلال رحلة لها في سفاري بهولندا (إ.ب.أ)

تعلق «تويوتا موتور» مستقبلها على السيارات غير الملوثة للبيئة، حيث تستثمر مليارات الدولارات على الطرز الهجين التي تعمل بالبنزين والكهرباء، وعلى سيارة خلية الوقود، لكن أرباحها القياسية الحالية ترجع بدرجة كبيرة إلى السوق الأميركية عالية الاستهلاك للبنزين.
وساعدت أسعار البنزين الرخيصة نسبيا في الولايات المتحدة على تحقيق نمو نسبته تسعة في المائة في مبيعات الشاحنات الخفيفة على مستوى القطاع في النصف الأول من العام لتصبح من شرائح السوق العالمية الرئيسة الأسرع نموا، وتشكل نحو عشر مبيعات السيارات العالمية.
وتفوقت «تويوتا» على السوق الأميركية عموما بطرزها الجديدة الرياضية متعددة الاستخدامات «هايلاندر» التي أعيد تصميما في فبراير (شباط) والشاحنة «توندرا»، التي حصلت على شكل خارجي جديد في سبتمبر (أيلول) التي غذت زيادة عشرة في المائة في مبيعات الشركة من الشاحنات الخفيفة في الولايات المتحدة للفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران)، لتصل إلى نحو نصف مليون سيارة. ويسهم ذلك النجاح في تعزيز سيولة تبلغ نحو 40 مليار دولار ستستغلها «تويوتا» مستقبلا للاستثمار في السيارات الصديقة للبيئة.
وقال كويتشي سوجيموتو محلل سوق السيارات لدى «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي»: «الولايات المتحدة من النقاط المضيئة القليلة التي تسهم في نمو الأرباح السنوية لـ(تويوتا) بينما تواجه الشركة تباطؤا في أماكن مثل اليابان وتايلاند»، حسب «رويترز».
وشكلت الشاحنات الخفيفة، وهي فئة تضم السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات نحو 42 في المائة من إجمالي المبيعات الأميركية لـ«تويوتا» بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران)، التي زادت خمسة في المائة عنها قبل عام.
واستمر الأداء القوي في يوليو (تموز) حيث زادت المبيعات الأميركية الإجمالية لـ«تويوتا» 12 في المائة بفضل الطلب القوي على السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات والتخفيضات الكبيرة، بينما كان معدل النمو للقطاع ككل تسعة في المائة. وتخطت الشركة اليابانية منافستها «فورد موتور» لتحتل المركز الثاني من حيث المبيعات في ذلك الشهر.
ويتوقع المحللون أن تقفز أرباح التشغيل لـ«تويوتا» في أميركا الشمالية بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) بمعدل في خانة العشرات عنها قبل عام، وقال تاتسو يوشيدا، محلل سوق السيارات في «باركليز» إن الأرباح قد تبلغ 106 مليارات ين (03.‏1 مليار دولار) بزيادة 30 في المائة على أساس سنوي. وتعلن الشركة نتائج الربع الأول، اليوم (الثلاثاء).
ومن المتوقع تراجع أرباح التشغيل الإجمالية لأكبر منتج للسيارات في العالم أربعة في المائة، في أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) لتبلغ 3.‏637 مليار ين مقارنة مع الفترة المقابلة قبل عام، بحسب متوسط تقديرات 13 محللا استطلعت آراؤهم «تومسون رويترز».
وللعام بأكمله، حتى مارس (آذار) المقبل، تتوقع «تويوتا» ارتفاع أرباحها 3.‏0 في المائة إلى 3.‏2 تريليون ين لتعزز المستوى القياسي المرتفع الذي حققته في العام الماضي.
وفي حين تجني «تويوتا» أرباحا وفيرة من الشاحنات الخفيفة الأميركية، فإن مبيعات الطراز «بريوس» (السيارة الهجين الأفضل مبيعا في العالم) تراجعت 11 في المائة، في الولايات المتحدة، على مدى النصف الأول من العام.
وعلى عكس طرزها من الشاحنات الخفيفة الموجهة للسوق الأميركية لم يشهد «بريوس» تعديلات منذ خمس سنوات. لكن «تويوتا» تستعد لطرح جيل رابع من السيارة الهجين، ربما بحلول العام المقبل.
وقدمت «تويوتا» السيارة «بريوس» للمرة الأولى في أواخر 1997، وتحملت سنوات من الخسائر لكسب موطئ قدم في تلك الشريحة. وبعد بيع أكثر من ستة ملايين سيارة هجين على مدى 17 عاما تقول «تويوتا» إنها أصبحت تحقق أرباحا من «بريوس»، وتأمل أن تضاهي ربحية سياراتها الهجين ربحية طرز محرك البنزين.
وستعزز «تويوتا» وضعها كرائد للتكنولوجيا الصديقة للبيئة في العام المقبل، عندما تطرح سيارتها التي تعمل بخلية الوقود بنهاية مارس (آذار).
لكن أرباح السنة المالية الحالية ستدعم بالسيارات التي تعمل بالبنزين، وقال كورت سانجر محلل سوق السيارات لدى «دويتشه للأوراق المالية» في طوكيو: «حصتهم من السوق الأميركية 15 في المائة، وسيتوجب عليهم بالتأكيد أن يبيعوا ما تشتريه السوق».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».