المرجاني... لون الموضة الرسمي لعام 2019

يعكس التناقضات المعاصرة ويرصد في نظامه البيئي حالة من الهروب والأمان في آنٍ

من عرض مارك جايكوبس  لربيع وصيف 2019 - المصممة النيوزيلندية إيميليا ويكستيد وفستان من تصميمها
من عرض مارك جايكوبس لربيع وصيف 2019 - المصممة النيوزيلندية إيميليا ويكستيد وفستان من تصميمها
TT

المرجاني... لون الموضة الرسمي لعام 2019

من عرض مارك جايكوبس  لربيع وصيف 2019 - المصممة النيوزيلندية إيميليا ويكستيد وفستان من تصميمها
من عرض مارك جايكوبس لربيع وصيف 2019 - المصممة النيوزيلندية إيميليا ويكستيد وفستان من تصميمها

رغم تعدد موجات حضوره المتفاوت القوة، ثم تراجعه خلال السنوات الماضية، يأتي اللون المرجاني، بمباشرة غير معهودة، ليكون هو المعبر عن العام الجديد، بحسب ما أعلنه معهد بانتون للألوان، المعني بالفضاء اللوني المستخدم في الصناعات المختلفة، الذي حدد «المرجاني الحي» كلون لعام 2019.
والمقصود هنا هو المرجاني الذي يحمل ظلاً من البرتقالي، مع مسحة ذهبية تارة، ووردية تارة أخرى، وبالتالي يشع بطاقة طبيعية مستقاة من الشعاب المرجانية، التي لها دلالة تعكس مفهوم الرزق والمأوى داخل الحياة البحرية، وتمثل نظاماً من أكثر النظم البيئية روعة.
التفسير ذاته دعمه «بانتون» في معرض تبريره لاختياره، إذ يشير إلى ما يتمتع به المرجاني من «الحيوية والتفاؤل والرغبة في الحياة»، وهو في رأي لوري برسمان نائبة رئيس معهد بانتون «رد فعل على هجمة التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد في الحياة اليومية، التي ترسم حياة زائفة بصور تخفي أنصاف الحقائق»، وتتابع: «يبدو أن العالم بحاجة إلى تجارب أكثر واقعية وحميمية. كذلك يعكس اللون المرجاني الرغبة الفطرية للإنسان في التفاؤل، حتى إن كان العالم يدفعه إلى النقيض».
التدقيق في حياة المرجان يفسر سبب تسلله ليرسم عام 2019. فالمرجان الحي هو كائن بحري نابض بالحياة، رغم أنه يتعرض للموت سريعاً بفعل بيئته التي تزداد احتراراً في السنوات الأخيرة، لكنه يكافح هذه الظروف البيئية من خلال تجمع الهياكل الحية معاً، لتشكل مستعمرات تسمى «الشعاب المرجانية»، ومن ثم يعكس المرجان الحي مجموعة من التناقضات التي تعبر عن هذه اللحظة من الزمن، إذ نرصد في نظامه البيئي حالة من الهروب والأمان في آنٍ واحدٍ.
وفي ساحة الفنون والحُلي، نجد للون المرجاني تاريخاً طويلاً، إذ تم حصاد المرجان لأول مرة في التاريخ بغرض صناعة الُحلي من قبل المصريين القدماء. ومنذ ذلك الحين، عُرف سحر حجر المرجان.
كذلك عرفته الحضارة الرومانية كحجر لدرء الشر، وكان يُعتقد أنه قادر على حماية الأطفال من خطر مجهول؛ هكذا تروي الأساطير. ولذلك كان يتم تعليقه كتميمة حول عنق الأطفال.
وشهد النصف الأول من القرن العشرين تعامل الفن الزخرفي أو «الآرت ديكو» مع اللون المرجاني، إذ أصبح جزءاً ضمن أعمال الفن الزخرفي، وتم دمجه في الفنون البصرية، مثل: الموضة، والرسم، وتصميم المجوهرات.
ارتباط المرجاني بطباعة النسيج، وبالتبعية بالموضة، وصل قمة ذروته في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات، حيث نشرت مجلة «فوغ»، عام 1950، التصاميم الأكثر أناقة في مجموعات الموضة الباريسية، وكان من ضمنها معطف برتقالي يميل إلى الوردي (المرجاني) للمصممة الإيطالية إلسا شياباريلي، ومعطف آخر للمصمم الإسباني كريستوبال بالنسياغا. كما قدمت دار كريستيان ديور حينها معطفاً من المخمل بظل قريب من المرجاني.
وبحلول الستينات، ظهر المرجاني بشكل محدود، وكذلك في الثمانينات، حتى اختفى تماماً من الموضة، ليعود ويتسلل عروض الأزياء في خريف 2010. ولعلنا نتذكر إطلالة اعتمدتها ميغان ميركل، في العام نفسه، أي قبل أن تصبح دوقة، حيث ظهرت بفستان مرجاني قصير من الساتان.
وصحيح أنه منذ 8 سنوات، واجه اللون المرجاني بعض الاختفاء من عالم الأزياء، إلا أنه اختلس بعض الظهور من خلال إطلالات أنيقة لكثير من النجمات والمشاهير.
ففي 2013، اعتمدت دوقة كامبريدج، كيت ميدلتون، معطفاً مرجانياً، مع فستان بالظل الفاتح للمرجاني، ويبدو أنها كانت تكافح التغيرات الجسدية التي طرأت عليها خلال حملها بالأمير جورج ببريق وحيوية هذا اللون، ثم حدث أن اعتمدت الملكة إليزابيث الثانية، عام 2016، إطلالة نابضة بالحيوية من خلال معطف من المرجان، وقبعة باللون نفسه، وكان ذلك في حضور عرس ألكسندرا كواتشبول.
ومن دون مقدمات مسبقة، عاد المصممون إلى المرجاني بشكل كثيف في عروض أزياء ربيع 2019. وفسر منسق الموضة إسلام متولي، في حواره مع «الشرق الأوسط»، هذه العودة إلى طاقة اللون المرجاني وحيويته، قائلاً: «كما يسحرنا شكل الشعاب المرجانية بطيفها، نجح هذا اللون في جذب النظر والروح خلال تشكيلات الملابس الجاهزة لربيع 2019، لا سيما مع التنوع الذي قدمه كبار المصممين، حيث سخروا كل هذه الطاقة لتخدم إطلالة نهارية في يوم ربيعي مشرق، أو إطلالة مسائية مستوحاة من غروب الشمس».
وقد قاد مارك جاكوبس الاتجاه المرجاني بمجموعة من درجات الباستيل، التي لم تتضمن الظل المرجاني الصريح فحسب، بل قدم تصاميم كاملة من الريش باللون الوردي والبرتقالي. كذلك دار الأزياء «برادا» التي قدمت قمصاناً رياضية من المرجاني المشِع، مع تقليعة عصابات الرأس.
من جهتها، قدمت علامة براندون ماكسويل المرجاني بظل دافئ وبريق اللون البرتقالي. وجاء ذلك مجسداً في فساتين عصرية تمزج صيحة التنانير المكسرة «البليسيه» مع القمصان الرياضية وحزام الخصر. كذلك دار أزياء فندي، التي برعت في تقديم روح اللون المرجاني، بمزج نقوش برتقالية ووردية تزين الأقمشة الخفيفة المناسبة للربيع. وذهب المصمم الأميركي كريستيان سيريانو، في مجموعة ربيع 2019، إلى فساتين مزينة بزهور بارزة، ومزج المرجاني الوردي مع المرجاني المائل إلى البرتقالي معاً، ليجمع كل طاقات البهجة والحيوية الممكنة في التصميم نفسه. أما مايكل كورس، فاكتفى بظل المرجاني، وسط ظلال ربيعية أخرى من الأخضر والأصفر والزهري.
ويقول منسق الموضة إسلام متولي إنه يفضل هذا اللون على صاحبات البشرة الحنطية، حيث يضيف لهن بريقاً، خصوصاً عند تطبيقه في المكياج، فالمرجاني وحده قادر على نحت الوجه، وإبراز تفاصيله، والأمر نفسه يتحقق عند استخدامه في الأزياء، فيمكن لفستان بدرجة مناسبة من المرجاني أن يبرز منحنيات القوام ويعزز أنوثته. وربما يفسر رأي إسلام متولي ظهور الممثلة الهندية بريانكا شوبرا بأزياء مرجانية أكثر من مرة، فهي من النجمات اللواتي تميزهن بشرتهن الحنطية، ويبدو أنها تعرف الظلال اللونية المناسبة لها.
وينصح إسلام بالاستعانة بالطاقة الدافئة الموجودة في هذا اللون لكسر كآبة الشتاء، لا سيما أن اتجاهات الموضة لهذا الشتاء تسمح بالألوان الفاتحة والقوية، لتخرج من قالب الألوان الداكنة التي ظلت الاختيار التقليدي لسنوات.
ويضيف: «صحيح أن ظهور المرجاني يعد فرصة لتجديد إطلالات النساء في الطقس البارد، إلا أنني أميل لتنسيقه خلال الصيف المقبل، فهو لون مناسب لبريق البرونز المرتبط برحلات الصيف. أما صاحبات البشرة البيضاء، فأشعر أن المرجاني يخطف بريقهم الطبيعي... لا أفضله لهن».
أما عن ظهور اللون المرجاني على السجاد الأحمر خلال 2019، حسب رأي إسلام متولي الذي ارتبط اسمه بإطلالات النجمات المصريات على السجادة الحمراء، فإن الأمر طبيعي، حيث إنه «من المنتظر أن نرى المرجاني يزين إطلالات النجمات في أضخم المناسبات الفنية، ولكن الجريئات فقط هن من يقبلن على تجربة مثل هذه الألوان غير المألوفة، وهو ما قد يحد من هذا الظهور»، ويضيف أن اعتماد هذا اللون في تصاميم الحياكة الراقية يفضل أن يقتصر على الأقمشة غير المطرزة، مثل الساتان والشيفون. أما أسلوب التطريز المترف، فلا يفضله مع المرجاني على الإطلاق.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.