بريطانية مصابة بسرطان الرئة تجمع آلاف الجنيهات لمنظمات مكافحة المرض

بركة خان: أشعر دائما بالامتنان عندما تكون صحتي جيدة حتى أستطيع الاهتمام بالآخرين

بريطانية مصابة بسرطان الرئة تجمع آلاف الجنيهات لمنظمات مكافحة المرض
TT

بريطانية مصابة بسرطان الرئة تجمع آلاف الجنيهات لمنظمات مكافحة المرض

بريطانية مصابة بسرطان الرئة تجمع آلاف الجنيهات لمنظمات مكافحة المرض

بركة خان شابة بريطانية استطاعت تحويل مرضها المستعصي إلى وسيلة لدعم وجمع الأموال للجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية. فمنذ إصابتها بمرض سرطان الرئة كرست كل جهودها في سبيل الأعمال الخيرية واستعانت بالإنترنت للوصول إلى أكبر عدد من المتبرعين.
تمكنت بركة في وقت قصير من جمع ما يقارب 12 ألف جنيه إسترليني لصالح مسجد شرق لندن من خلال موقع المسجد الإلكتروني كما تمكنت من جمع 13 ألف جنيه إسترليني عبر صفحتها الإلكترونية لصالح منظمة «ماكملاين لدعم مرضى السرطان».
ويدعم إقبال خان والد بركة مجهوداتها بل واقترح عليها أن تشارك في مسيرات لجمع المال للمنظمات الخيرية في بريطانيا، ومنها «منظمة بحوث السرطان» و«ماكملاين لدعم مرضى السرطان».
وخلال حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» قال إقبال خان «قامت بركة بالمشاركة في مسيرة لصالح منظمة ماكملاين قبل أربعة أيام. ولكننا لا نعرف إذا ما كانت ستتمكن من المشاركة في مسيرة ثانية بسبب حالتها الطبية».
وعلى موقعها الشخصي قالت بركة: «أدعم من خلال مسيرتي منظمة ماكملاين التي تقع في المدينة التي ولدت وقضيت الكثير من وقتي بها. أنا أدعم المنظمة لأنها تساند الأشخاص الذين يكافحون مرض السرطان». وهو ما أكده والدها بقوله: «اختارت بركة المنظمة لأنها ساعدتها على مواجهة التحديات بعد إصابتها بالسرطان وشعرت أن عليها مسؤولية للمجتمع».
وأضاف: «في اليوم الذي تم تشخيصها قالت لي «يا أبي أنا بذلت جهدي في خلال 22 عاما من حياتي وسوف أستمر بذلك».
ومن جانبه قال المتحدث باسم منظمة «ماكملاين» لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نقدر الأشخاص الذين يحاولون جمع الأموال للمؤسسة. وما فعلته بركة هو شيء رائع ونحن ممتنون جدا لها».
نشأت بركة خان في البحرين مع أسرتها حيث تعلمت اللغة العربية إلى جانب لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإنجليزية. يذكر والدها أن بركة بدأت في دراسة علم النفس وعلم الاجتماع والسياسة في جامعة كمبردج، قبل أن تصاب بمرض السرطان.
عبر صفحتها الإلكترونية تعبر بركة عن حالتها النفسية وعن دوافع عملها الخيري: «الأسئلة التي تدور في ذهني الآن هي «لماذا نحن هنا؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ ولا أجد أي إجابة على الأسئلة رغم دراستي. عندما تكون صحتي حرجة لا أستطيع أن أفعل أي شيء. لذلك أنا أشعر دائما بالامتنان عندما تكون صحتي جيدة حتى أستطيع الاهتمام بالآخرين». ولكن مشاركتها في المسيرة الثانية تبدو غير مؤكدة حسب ما أضافت مؤخرا: «بعد ثلاث جولات من العلاج الكيميائي وعدة أشهر من العلاج، بدأت صحتي تزداد سوءا مرة أخرى، وسوف أحتاج إلى نوع آخر من العلاج قريبا. لذلك أنا لا أعلم متى أكون قادرة على مشاركة في المسيرة الثانية».
وتعلق على مسيرة دعم مسجد شرق لندن «المسيرة ستكون في الحي الذي توجد فيه مدرستي. وآمل أن أجمع أموالا كثيرة لمساعدة أكاديمية مريم في المسجد». يذكر أن أكاديمية مريم في مسجد شرق لندن مخصصة للنساء وتقدم خدمات مثل تعليم القرآن ودروس اللغة العربية، وتتكون الأكاديمية من تسعة طوابق وتم بناؤها ضمن خطة المسجد لتوفير مساحة أكبر صلاة للنساء.وقال المتحدث باسم المسجد لـ«الشرق الأوسط» خلال مكالمة هاتفية: «بركة خان إنسانة رائعة ونموذج إيجابي للمجتمع المسلم في بريطانيا والعالم. رغم إصابتها بسرطان الرئة، فإنها تدعم نشاطات المسجد وأكاديمية مريم الجديدة التي افتتحت العام الماضي».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».