شاهد... انتشال رضيع حيّاً من تحت أنقاض مبنى منهار في روسيا

الطفل قاوم درجات حرارة جليدية تدنّت خلال الليل إلى ما دون 27 درجة مئوية تحت الصفر

رجال الإنقاذ ينتشلون رضيعاً يبلغ من العمر 10 أشهر بعدما تمكن من الصمود تحت أنقاض مبنى منهار في روسيا (أ.ف.ب)
رجال الإنقاذ ينتشلون رضيعاً يبلغ من العمر 10 أشهر بعدما تمكن من الصمود تحت أنقاض مبنى منهار في روسيا (أ.ف.ب)
TT

شاهد... انتشال رضيع حيّاً من تحت أنقاض مبنى منهار في روسيا

رجال الإنقاذ ينتشلون رضيعاً يبلغ من العمر 10 أشهر بعدما تمكن من الصمود تحت أنقاض مبنى منهار في روسيا (أ.ف.ب)
رجال الإنقاذ ينتشلون رضيعاً يبلغ من العمر 10 أشهر بعدما تمكن من الصمود تحت أنقاض مبنى منهار في روسيا (أ.ف.ب)

انتشل رجال الإنقاذ في الأورال الروسي مساء أمس (الثلاثاء) رضيعاً على قيد الحياة من تحت أنقاض مبنى انهار فجر اليوم السابق بسبب انفجار نجم عن تسرّب للغاز، وأسفر عن تسعة قتلى على الأقل وعشرات المفقودين.
وخرج الرضيع البالغ من العمر 10 أشهر من تحت الأنقاض حياً، ولكنّه في وضع حرج بسبب بقائه ساعات طويلة في العراء وسط درجات حرارة جليدية تدنّت خلال الليل إلى ما دون 27 درجة مئوية تحت الصفر.
وأفادت وزارة الطوارئ الروسية في بيان بأنّ «أعجوبة حصلت بمناسبة رأس السنة!... لقد تم إنقاذ صبي يبلغ من العمر 10 أشهر!».
وأوضحت الوزارة أنّ الناجي يدعى إيفان فوكين، وأنّ «والدته حيّة. لقد ذهبت إلى المستشفى وتعرّفت إلى ابنها».
ووفقاً لوزارة الصحة الروسية، فإنّ الطفل حالياً في «وضع صحّي حرج للغاية» إذ إنّه يعاني من «قضمة صقيع شديدة، وارتجاج في المخّ وعدّة كسور في الساق»، وقد نقل إلى موسكو لتلقي العلاج في أحد أفضل المستشفيات المتخصّصة بعلاج الأطفال في البلاد.
وأوضح بوريس دوبروفسكي حاكم منطقة تشيليابينسك أنّ «المسعفين سمعوا بكاءً. لقد نجا الطفل بفضل مهده وكونه كان ملفوفاً ببطّانية سميكة».
وتمّ العثور على الرضيع وانتشاله بعيد اضطرار عناصر الإنقاذ لتعليق عمليات البحث عن المفقودين بانتظار تدعيم المبنى المهدّد بالانهيار.
وأدّى انفجار حصل فجر الاثنين إثر تسرّب للغاز إلى انهيار قسم من هذا المبنى الواقع في مدينة ماغنيتوغورسك في جبال الأورال على بعد 1700 كلم شرق موسكو.
وكان نحو 1100 شخص يقطنون في هذا المبنى الإسمنتي المؤلف من عشرة طوابق والمشيّد في 1973، في الحقبة السوفياتية.
ودمّر الانفجار 35 شقة بالكامل وألحق أضراراً بعشر شقق أخرى.
ونقل السكان الذين بقوا بلا مأوى إلى مدرسة مجاورة.
ورغم البرد القارس، حاول رجال الإنقاذ طوال ليل الاثنين - الثلاثاء العثور على عشرات الأشخاص المفقودين وتدعيم جدران المبنى.
وصباح أمس، أعلن وزير الأوضاع الطارئة يفغيني زينيتشيف تعليقاً مؤقتاً لعمليات البحث، بسبب «خطر حقيقي لانهيار قسم من المبنى». وتابع: «يتعذّر الاستمرار في العمل في هذه الظروف».
ونشرت صحيفة (الغارديان) البريطانية فيديو للطفل بعد لحظات من انقاذه.
وفتح المحقّقون تحقيقاً جنائياً في الحادث، وأكّد جهاز الأمن الفيدرالي أن الانفجار نجم عن انفجار سببه تسرّب للغاز.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟