برنامج الغذاء العالمي يتهم الحوثيين بسرقة المساعدات من أفواه الجائعين

قال إنه يملك أدلة على تزوير سجلات التوزيع وبيع المساعدات

طفل يمني تبدو عليه علامات سوء التغذية في أحد مستشفيات حجة (أ.ب)
طفل يمني تبدو عليه علامات سوء التغذية في أحد مستشفيات حجة (أ.ب)
TT

برنامج الغذاء العالمي يتهم الحوثيين بسرقة المساعدات من أفواه الجائعين

طفل يمني تبدو عليه علامات سوء التغذية في أحد مستشفيات حجة (أ.ب)
طفل يمني تبدو عليه علامات سوء التغذية في أحد مستشفيات حجة (أ.ب)

اتهم برنامج الغذاء العالمي ميليشيا الحوثي بسرقة شحنات مساعدات الإغاثة، قائلاً: «الحوثيون يسرقون من أفواه الجائعين، ويحولون شحنات الطعام»، مؤكداً على وجود أدلة على استيلاء الحوثيين على شحنات الإغاثة.
وفي بيان نُشر على صفحته الرسمية، طالب برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، بعد الكشف عن أدلة تثبت حدوث هذه الممارسات في العاصمة اليمنية صنعاء، وأجزاء أخرى من البلاد، خاضعة لسيطرة حركة أنصار الله «الحوثيين».
وكشفت دراسة استقصائية أجراها برنامج الأغذية العالمي، على مستفيدين مسجلين، أن كثيراً من سكان العاصمة لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية. وفي مناطق أخرى، حُرم الجوعى من حصصهم بالكامل.
ويعتمد ملايين اليمنيين على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، في اليمن الذي مزقته الحرب الأهلية المريرة الدائرة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.
وذكر البيان أنه «تم الكشف عن التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها برنامج الأغذية العالمي خلال الأشهر الأخيرة. وقد أجريت هذه المراجعة بعد ازدياد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة. وقد اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها. المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون».
وقال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: «هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى». وأضاف: «يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ. يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي».
وخلال حملات الرصد التي أجراها برنامج الأغذية العالمي، قال البرنامج إن المسؤولين «جمعوا عدداً من الصور الفوتوغرافية، وغيرها من الأدلة التي تثبت قيام الشاحنات بنقل المواد الغذائية بشكل غير مشروع، من مراكز توزيع الأغذية المخصصة لذلك. كما اكتشفوا أيضاً أن مسؤولين محليين يتلاعبون أثناء عملية اختيار المستفيدين، ويتم تزوير سجلات التوزيع. وقد تم اكتشاف أن بعض المساعدات الغذائية يتم منحها لأشخاص غير مستحقين لها، ويتم بيع بعضها في أسواق العاصمة لتحقيق مكاسب».
وأكد البيان أن البرنامج «يعمل حالياً على توسيع نطاق عمليات توفير المساعدات الغذائية، لتصل إلى ما يقرب من 12 مليون شخص من الجوعى في اليمن. ومن دون تلك المساعدات، قد يواجه ما يصل إلى 20 مليون شخص أزمة غذائية، في البلد الذي مزقته الحرب الأهلية المريرة على مدار السنوات الأخيرة. وكانت المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج من العوامل الأساسية في تفادي حدوث المجاعة في اليمن، ولكن مع استمرار تدهور حالة الأمن الغذائي، تزداد الجهود المبذولة لتقديم المساعدة بشكل كبير».
وأضاف بيزلي: «أنا أطالب السلطات الحوثية في صنعاء باتخاذ إجراء فوري للتصدي للتلاعب بالمساعدات الغذائية، والتأكد من أنها تصل لمن يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة». وأضاف: «إذا لم يحدث ذلك، فلن يكون لدينا خيار إلا التوقف عن العمل مع الذين يتآمرون من أجل حرمان أعداد كبيرة من المحتاجين من الغذاء الذي يعتمدون عليه. وفي الوقت نفسه، سنواصل التحقيق والعمل على معالجة هذه الثغرات التي أدت إلى مثل ما حدث من سوء استخدام للمساعدات الغذائية».
وهذه ليست المرة الأولى التي يستولي فيها الحوثيون على شحنات الإغاثة، حيث ضبطت قوات أمنية يمنية شاحنات إغاثية باعتها ميليشيا الحوثي الانقلابية للتجار.
ففي 14 سبتمبر (أيلول) 2018، وجه مسؤول أممي في اليمن رسالة إلى مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الانقلابي الذي يقوم مقام أعلى سلطة سياسية تندرج تحتها الحكومة غير المعترف بها دولياً في صنعاء. وقال المسؤول في الرسالة إن «هذه الإجراءات تتعارض مع مبدأ التمييز، وتنتهك الالتزام المنصوص عليه في القانون الإنساني الدولي العرفي الذي ينص على وجوب اتخاذ الاحتياطات الممكنة لفصل المدنيين والأهداف العسكرية»، ولوح بأنه سوف يضطر إلى إخطار جميع الأطراف بشأن وجود نشاط عسكري (حوثي) في أماكن عمل المنظمة الأممية، لأنه وفقاً للرسالة وجد أن «الوضع مؤسف (...) نحث قواتكم على الحفاظ على مسافة قابلة للتحرك، وتنفيذ العمليات الإنسانية، عن مواقعنا».
ورغم التوسل، فإن الرسالة لم تصل، وفقاً لمصادر مناهضة للميليشيات في صنعاء، إذ إن «المشرف الذي عينه الحوثيون لإدارة وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب، التي يقودها المؤتمري هشام شرف (وهو بمثابة واجهة للزعم بتنوع القيادات)، لم يسلم الرسالة إلى المشاط، بإيعاز أطراف مرتبطة بالعمل الإغاثي».
ومن ضمن ما جاء في الرسالة: «أكتب إليكم اليوم للتعبير عن قلق وخيبة أمل بشأن الانتهاكات المتكررة المستمرة للقانون الإنساني الدولي من قبل قوات الحوثيين في الحديدة. منذ 11 سبتمبر 2018، انتهكت القوات مراراً الاتفاقات المبرمة (...) من أجل احترام الطابع الإنساني لوعودنا، وضمان خلوها من الأسلحة. وعلى وجه التحديد، دخلت القوات على الأقل في مرافق (تتعاقد الأمم المتحدة معها)، وهي صوامع البحر الأحمر، ومستودع الحمادي، وقد أدى الانخراط في الأنشطة العسكرية لمنشآتنا إلى تعريض أكثر من 45 ألف طن متري من المواد الغذائية للضياع، وهو أمر حيوي للسكان المحليين، كما أن مبانينا يجب أن تكون محمية من الغارات الجوية والهجمات الأخرى».
وذكرت تقارير محلية ودولية رصدت مئات الحالات من النهب المنظم للمساعدات الإنسانية والاستيلاء عليها، ومنع وصولها إلى المستحقين، وسط انتقادات من الحكومة اليمنية الشرعية لصمت وتغاضي المنظمات الأممية والدولية عن هذه التصرفات والممارسات الإجرامية.
وتستغل ميليشيا الحوثي سيطرتها على منافذ حيوية، كميناء الحديدة ومطار صنعاء، لنهب المساعدات وبيعها في السوق السوداء لتمويل عملياتها الحربية. وذكر عاملون في المجال الإنساني أن نهب الإغاثة من قبل الحوثيين يتخذ أشكالاً متعددة، بينها المصادرة وبيعها في السوق السوداء بعد استبدال طوابع المنظمات، أو تزوير أسماء وهمية للاستحواذ على مساعداتهم، والضغط على المنظمات الأممية والإنسانية العاملة بطرق وأشكال مختلفة.
وكان عشرات من الصحافيين قد رفعوا أصواتهم الأسبوع الماضي في وجه برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، متهمين موظفين في البرنامج بالتواطؤ مع قيادات حوثية لنهب المساعدات الغذائية المقدمة للموظفين الحكوميين خلال عام.
وقال موظفون وصحافيون في مؤسسة الثورة للصحافة، الخاضعة في صنعاء للجماعة الحوثية، إن كثيراً من موظفي المؤسسة تلقوا اتصالات هذا الأسبوع من برنامج الغذاء العالمي للتأكد مما إذا كانت تصلهم المساعدات الغذائية المقدمة للبرنامج منذ عام، وهو ما تم نفيه من قبل الموظفين.
وأوضح الصحافي معين النجري، أحد الموظفين في المؤسسة، أن كثيراً من زملائه بعد تلقيهم الاتصال ذهبوا إلى مقر برنامج الغذاء العالمي في صنعاء للوقوف على حقيقة الأمر، وحينها فوجئوا بوجود كشوف بأسمائهم وصور لهوياتهم الشخصية وأرقام هواتفهم وبصمات أصابع تفيد بأنهم تسلموا السلال الغذائية الخاصة بهم.
وعلق وزير الإعلام اليمني على فضيحة نهب المساعدات الإنسانية (السلة الغذائية) المقدمة من منظمة الغذاء العالمي للعاملين في مؤسسة الثورة للطباعة والنشر، قائلاً إنه «نموذج لعمليات النهب الواسع التي مارستها الميليشيا للمساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة في مناطق سيطرتها».
وقال الإرياني، في سلسلة تغريدات عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «إذا كانت الميليشيات الحوثية الإيرانية قد قامت بنهب السلة الغذائية الخاصة بالإعلاميين، رغم نهبها مرتباتهم منذ أكثر من عامين، فكيف هو الحال بباقي موظفي ومؤسسات الدولة، وما وضع المواطنين العاديين الذين لا يجدون أي قناة للتواصل مع المنظمات الدولية والهيئات العاملة في مجال الإغاثة؟».
ودعا الوزير «منظمات الإغاثة الدولية إلى سرعة مراجعة شاملة لأدائها في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، وبما يضمن وصول المساعدات لمستحقيها، وعدم استغلال ومتاجرة هذه الميليشيا بالأوضاع المتردية للمواطنين، وملف الإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن، لنهب وتكديس المليارات على حساب معاناة الناس».


مقالات ذات صلة

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السعودية أكدت استمرار وقوفها مع اليمن وحكومته وشعبه (الشرق الأوسط)

ترحيب سعودي وخليجي باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين الاقتصادي

رحبت السعودية باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على إجراءات خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.