ساندرين الراسي: لم أقصد تناول مشكلة شقيقتي نادين في «صورة ببالي»

تُطلق كليب أغنيتها بعد حذف مقطع منه

ساندرين الراسي مع شقيقها جورج (يسار)
ساندرين الراسي مع شقيقها جورج (يسار)
TT

ساندرين الراسي: لم أقصد تناول مشكلة شقيقتي نادين في «صورة ببالي»

ساندرين الراسي مع شقيقها جورج (يسار)
ساندرين الراسي مع شقيقها جورج (يسار)

في مؤتمر صحافي عقدته الفنانة ساندرين الراسي بمناسبة إطلاق عملها الغنائي الجديد «صورة ببالي»، أكدت أنها اختارت موضوعها لملامسته عن قرب مشاعر أمهات كثيرات. فالأغنية تتناول موضوع الأب الذي يأخذ ابنه من حضن أمه بعد انفصاله عن زوجته. وهو الأمر الذي تعاني منه حالياً شقيقتها الممثلة نادين الراسي بعد أن استطاع طليقها الحصول على حضانة ولديه منها ارتكازاً إلى قرار قضائي. وعما إذا اختارت موضوع الأغنية بناءً على قصة شقيقتها ترد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كنت قد سبق واخترت هذه الأغنية رغبةً مني للتحدث عن موضوع حساس ومؤثر بعيداً عن موضوعات أخرى تم استهلاكها في أغانينا بشكل عام. وصدف أن جاء توقيتها ليواكب الفترة نفسها التي تعاني فيها نادين من حالة مشابهة. لكنني آثرت ترجمة مشاعر كل أم تعيش هذه المأساة فجاءت الأغنية تحكي بلسان أمهات كثيرات وفي مقدمتهن شقيقتي نادين».
وعما إذا انزعجت من حذف مقطع من الكليب من قِبل سلطة الرقابة في لبنان تجيب: «طبعاً انزعجت من هذا الأمر؛ لأنني كنت أفضل أن تبقى هذه المشاهد التي يجري خلالها أخذ الطفل من والدته من قبل رجال الأمن. لقد كنا، المخرج فادي حداد وأنا، نريد أن نترجم الموضوع بدقة لتبدو القصة حقيقية. لكني رضخت للأمر، ولا سيما أن المخرج وافق واقتنع بهذه الملاحظة».
وتشير ساندرين التي تعود إلى الساحة الفنية بعد غياب نحو ثماني سنوات، بأنها تعدّ نفسها محظوظة كونها وجدت من يساندها في مشوارها من جديد. وتعلق: «إن شركة الإنتاج (دي بي دي) التي تمسك بيدي اليوم وتتولى إنتاج أعمالي تعود لأشخاص أستراليين من أصل لبناني. لقد آمنوا بموهبتي وأعجبوا بها فشكلت أول العنقود فيها. ومن المتوقع وحسب العقد بيننا أن نكمل تعاوننا لخمس سنوات متتالية على أن أطلق في فترات متلاحقة أعمالاً جديدة».
وساندرين، التي رافقها شقيقها المغني جورج الراسي إلى موقع المؤتمر (مقهى ريبابليك في الزلقا)، تعد حضوره سنداً وقيمة معنوية وفنية لها، ولا سيما أنه يتمتع بخبرة طويلة في مجال الغناء. وتعلق: «طبعاً ركنت إليه ليعطيني رأيه بالأغنية قبل إصدارها، ووجوده معي هنا هو ترجمة لعلاقتنا الوطيدة كأخوين وصديقين حميمين معاً». وعما إذا كانت تكنّ لشقيقتها نادين الراسي المشاعر نفسها وتربطها بها علاقة قوية ومقربة، ترد: «أنا أقرب لجورج من نادين، لكني أستشيرها أيضاً في خياراتي الفنية ككثيرين غيرها من المحيطين بي». وكانت ساندرين قد تعرضت لهجوم حاد من قبل أخيها الأصغر سيباستيان طال حياتها الشخصية. «لن أرد على هذا الموضوع ولا أريد تفسيره؛ لأنه يمكن أن تحصل بين الإخوة الخلافات الصغيرة، وقد يرتكبون الأخطاء بحق بعضهم بعضاً، وهو أمر مضى وانتهى». وتضيف: «أنا امرأة محافظة جداً، ولا أحب من ينشر غسيله على العلن. وأفضّل أن تبقى الأمور العائلية ضمن أفراد البيت الواحد، وهو أمر أطبّقه حتى قبل دخولي عالم الفن». لكن نادين الراسي تحدثت أكثر من مرة عن مشكلاتها على العلن، وكذلك جورج شقيقك فما هو ردك؟ تقول: «لطالما وجهت لهما اللوم حول الأشخاص الغلط الذين يحيطون بهما. فأخبارهما العائلية كانت تتسرب إلى وسائل الإعلام عبر هؤلاء فيضطران إلى الدفاع عن نفسيهما بشكل أو بآخر».
وعما إذا كانت هي أيضاً تعد ذات طباع حادة وعصبية توضح: «يمكنني القول إنني أنتبه كثيراً لتصرفاتي، وأجتهد اليوم على التركيز في عملي، ولا أحاول الإضاءة على نقاط أعتبرها ضعيفة كي أروّج لنفسي كما يردد البعض. ولن أغير طريقة تفكيري ولو تحولت إلى نجمة يوماً ما». ولأن ساندرين هي أخت نجمين في الغناء والتمثيل، فقد ركز البعض على أن طريقها الفنية كانت أسهل بفضلهما. تقول في سياق حديثها: «لا شك أن اسمَي أخي جورج وأختي نادين لامعان على الساحة الفنية، وهو الأمر الذي ساهم في تعريف الناس إلى بشكل أسرع. لكنني أستطيع القول إن نجاحي سيكون نتيجة جهدي ومسؤولياتي على الرغم من أن كثيرين يشيرون إليّ بأصبعهم بأنني شقيقتهما».
وعما إذا كانت «صورة ببالي» تمثل وجعاً عاشته هي أيضاً عن قرب؟ ترد: «كل رسالة تحمل معاني إنسانية يمكن أن تتأثري بها. فليس من الضروري أن أكون عشت تجربة مشابهة كي أبرع في تقديمها ضمن أغنية مصورة. فهي بمثابة دور تمثيلي برعت به لأنني رغبت في إيصال رسالة معينة إلى الأشخاص المطلقين، بأن يحاولوا قدر الإمكان إبعاد أولادهم عن مشكلاتهم الخاصة، فهم يصنعون منهم ضحية بامتياز وعليهم حمايتهم بدلاً من ظلمهم».
وساندرين التي لا تستبعد دخولها مجال التمثيل فيما لو جاء العرض مناسباً لها، تتحدث عن أعمالها المستقبلية، وتقول: «لا زلت أبحث عن الأغنية التي تكمل نجاح (صورة ببالي). وفي ذهني أسماء كثيرة أرغب في التعاون معها من شعراء وملحنين. فلقد نجحت في اختيار كلام وألحان «صورة ببالي» (من كلمات أحمد باز وألحان طلال الداعور)، وأتمنى أن أوفق في عملي المقبل أيضاً الذي من المتوقع أن يرى النور في غضون 4 أشهر».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».