الجزائر: تحذير رسمي لعسكريين متقاعدين لخوضهم في مصير الانتخابات الرئاسية

الجزائر: تحذير رسمي لعسكريين متقاعدين لخوضهم في مصير الانتخابات الرئاسية
TT

الجزائر: تحذير رسمي لعسكريين متقاعدين لخوضهم في مصير الانتخابات الرئاسية

الجزائر: تحذير رسمي لعسكريين متقاعدين لخوضهم في مصير الانتخابات الرئاسية

وجّهت قيادة الجيش الجزائري تحذيراً شديد اللهجة لعسكريين متقاعدين خاضوا بكتابات وتصريحات للصحافة، في علاقة الجيش بالسياسة واحتمال رفضه استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، وسط ضبابية تحيط بمصير الانتخابات الرئاسية المرتقبة بعد 4 أشهر.
ونشرت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني، أمس، رسالة شديدة اللهجة إلى مجموعة من كبار الضباط المتقاعدين الذين يتعاطون حالياً بشكل لافت مع موقف رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح من مسألة التمديد للرئيس.
وهاجمت الرسالة هؤلاء، من دون ذكر أي منهم بالاسم، عادّة أن «هؤلاء الأشخاص الذين لم يولوا أي اعتبار لواجب التحفظ الذي هم ملزمون به بموجب قانون المستخدمين العسكريين الذي يضعهم تحت طائلة المتابعة أمام العدالة، يحاولون الخوض في السياسة، يدفعهم في ذلك هوس الانتقام، وينصبون أنفسهم من دون احترام أدنى قيمة أخلاقية، وعاظاً يلقنون غيرهم الدروس».
وذكرت أيضاً أن «هؤلاء خانهم حس التقدير والرصانة، وهم يدّعون حمل رسالة ودور ليسوا أهلاً لهما، ويخوضون من دون حرج ولا ضمير في ترّهات وخرافات تنبع من نرجسية مرضية تدفعهم لحد الادعاء بالمعرفة الجيدة للقيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، وبقدرتهم على استقراء موقفها تجاه الانتخابات الرئاسية».
ويبدو هذا الكلام موجهاً مباشرة إلى اللواء المتقاعد علي لغديري الذي أجرت معه صحيفة «الوطن» الناطقة بالفرنسية مقابلة الأسبوع الماضي، ناشد فيها قايد صالح «عدم الانسياق وراء مغامرين»، يبحثون عن تمديد حكم بوتفليقة. ورسالة الجيش هذه تحمل جواباً من صالح نفسه، مفاده بأن لغديري لا يعرف حقيقة موقفه من الرئيس جيداً. وبالتالي إذا رغب بوتفليقة بولاية خامسة فسيجد كل الدعم والتأييد منه ومن الجيش.
يذكر أن «قانون المستخدمين العسكريين» ينص على عقوبة السجن في حال قدرت قيادة الجيش أن أي عسكري، سواء كان في الخدمة أو متقاعدا، «تجاوز واجب التحفظ»، وهو مبدأ يقيد كل العسكريين والعاملين في قطاعات عدة، منهم القضاة. و«واجب التحفظ» في حالة العسكريين هو عدم التدخل في شؤون السياسة.
وعدّت وزارة الدفاع حديث عسكريين في السياسة والانتخابات والجيش «يشكل انحرافاً جسيماً ينم عن درجة متقدمة وخطيرة من اللاوعي الذي لا يُحدثه إلا الطموح الأعمى. في هذا الصدد، لا بد من التنويه بأن الجيش الوطني الشعبي، الذي يستند مسعاه ونهجه إلى طابعه الشرعي والجمهوري في ظلّ احترام النظام الدستوري، هو في غنى تامٍ عن أي دروس يُقدمها له أشخاص لا وجود لهم إلا من خلال الدوائر التي تتحكم فيهم».
وأضافت أن «بعض العسكريين المتقاعدين، بعد أن خدموا مطولاً ضمن صفوف الجيش، التحقوا بتلك الدوائر المريبة والخفية، قصد الوصول إلى أطماع شخصية وطموحات جامحة لم يتمكنوا من تحقيقها داخل المؤسسة». والمقصود بـ«الدوائر المريبة والخفية»، وفق تقدير مراقبين، مدير المخابرات المعزول عام 2015 الفريق محمد مدين الذي يروج إعلاميون وسياسيون موالون لقائد الجيش، أنه «يدير من وراء ستار» حملة ضد التمديد لبوتفليقة، وأن اللواء لغديري وبعض الضباط المتقاعدين ينفذون هذه الحملة بإيعاز من مدين.
ويتعامل قايد صالح، وهو في الوقت نفسه نائب وزير الدفاع، بحساسية بالغة تجاه ما يكتب عنه وعن الجيش. فقد كان وراء سجن العميد حسين بن حديد في 2016 لأنه وصفه بـ«الشخص غير المحترم»، لدى استضافته في إذاعة خاصة، ولم يخل سبيله إلا بعد أن اكتشف أنه مصاب بمرض خطير. وسُجن صحافي يدعى محمد تامالت في العام نفسه، بإيعاز من الرجل النافذ في المؤسسة العسكرية لأنه هاجمه بحدة على شبكة الإنترنت. وتوفي تامالت بعد 6 أشهر من سجنه إثر إضراب عن الطعام.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.