ديون بستة مليارات دولار تهدد البنوك التركية... و«تسويات الإفلاس» تتوالى

قبول طلبات جدولة التزامات ألف شركة متعثرة في 2018

تقدمت آلاف الشركات التركية بطلبات لتسوية الإفلاس خلال عام 2018 (رويترز)
تقدمت آلاف الشركات التركية بطلبات لتسوية الإفلاس خلال عام 2018 (رويترز)
TT

ديون بستة مليارات دولار تهدد البنوك التركية... و«تسويات الإفلاس» تتوالى

تقدمت آلاف الشركات التركية بطلبات لتسوية الإفلاس خلال عام 2018 (رويترز)
تقدمت آلاف الشركات التركية بطلبات لتسوية الإفلاس خلال عام 2018 (رويترز)

كشفت إحصائيات رسمية عن قبول المحاكم التجارية في تركيا طلبات تسوية إفلاس تقدمت بها 979 شركة لإعادة جدولة ديونها خلال عام 2018.
وقالت وزيرة التجارة والجمارك التركية روهصار بيكجان إن عدد الشركات التي قُبلت طلبات تسوية الإفلاس الخاصة بها، منذ مطلع العام بلغت 979 شركة حتى يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وبلغ حجم ديون الشركات المؤجل سدادها للبنوك بفعل طلبات تسوية الإفلاس الذي لجأت إليه كثير من الشركات خلال الأشهر الأخيرة نحو 15 مليار ليرة (3 مليارات دولار تقريبا).
وأشارت بيانات لهيئة التنسيق والرقابة المصرفية التركية إلى أنه بإضافة ديونها للأشخاص والشركات التي لم تطلب بعد تسوية إفلاس، يرتفع حجم الدين إلى 30 مليار ليرة (نحو 6 مليارات دولار)، وتؤكد البنوك أن عبء الديون الناجم عن تسوية الإفلاس يشكل خطراً كبيراً على ميزانياتها.
وشهدت الأشهر الأخيرة طلب ثلاثة آلاف شركة تسوية إفلاس، من بينها شركات تعمل مع القطاع الحكومي، تنتظر أغلبها من المحاكم التجارية قبول طلبها.
وشهدت مؤشرات الاقتصاد التركي تراجعا شديدا خلال عام 2018، مما أدى إلى تزايد عدد الشركات التي تشهر إفلاسها يوميا بعد خسائر فادحة وغموض في مستقبل الاقتصاد وتوقعات بأن يمر بعام قاس في 2019.
وكانت وزيرة التجارة التركية أشارت إلى أن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي شهد تقديم 356 شركة طلبات تسوية إفلاس من أجل الحصول على مهلة 3 أشهر لتسوية أوضاعها. وأسهم عجز الحكومة عن استعادة التوازن في سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، بعد خسائر أكثر من 40 في المائة منذ مطلع العام الحالي، في تدهور قطاع الأعمال التركي وزيادة الضغوط التضخمية، حيث ارتفعت تكاليف المدخلات والإنتاج لأقصى حد.
وقالت بكجان، أمام البرلمان الأسبوع الماضي، إن الحكومة ستقوم بإجراء تعديلات على النظام والقانون الخاص بإعادة جدولة المديونية، مضيفة: «هناك تعديلات جديدة على نظام إعادة جدولة الديون. بعد ذلك، سيتم إعلان إعادة الجدولة على ضوء تقارير المؤسسات الرقابية المستقلة. فقد تم إجراء دراسة جدية من أجل حماية الشركة المدينة والدائنين».
وبإمكان الشركات في تركيا، بموجب القانون، التقدم بطلبات تسوية إفلاس إلى المحاكم التجارية للحماية من الإفلاس والحجز على ممتلكاتها، وتعني الخطوة إرجاء الإفلاس مؤقتاً لحين سداد الديون خلال مدة 3 أشهر. وبموجب هذا الإجراء تصبح ممتلكات الشركة خاضعة للحماية بقرار قضائي ولا يتم اتخاذ أي إجراءات حجز عليها، لكن يتوجب على الشركات سداد نصف ديونها على الأقل كي يُقبل طلبها هذا.
في السياق ذاته، تقدمت شركة «كاراجا»، إحدى أكبر وأقدم شركات الملابس في تركيا، بطلب تسوية إفلاس إلى المحكمة التجارية المختصة لإعادة جدولة ديونها؛ بسبب الأزمة المالية التي تتعرض لها.
وقالت الشركة، التي تمتلك 90 فرعاً في أنحاء تركيا، إن القروض التي حصلت عليها بالعملات الأجنبية وارتفاع قيمة الإيجارات داخل المراكز التجارية، وضعف حركة البيع والشراء في أسواق التجزئة، وعدم القدرة على استغلال القروض والتمويلات البنكية بشكل كامل، أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى وضعها في أزمة مالية طاحنة.
وبلغت أعباء ديون الشركة 171 مليون ليرة تركية (نحو 55 مليون دولار)، متأثرة بالتراجع الكبير في قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وكذلك الأزمة التي تضرب الاقتصاد التركي.
في الوقت ذاته، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن تركيا ماضية في طريقها لتسجيل رقم قياسي في الصادرات للعام 2018 يبلغ حدود 170 مليار دولار. وأوضح خلال اجتماع في إسطنبول، إن عجز الحساب الجاري في بلاده ماض في الانخفاض إلى ما دون 30 مليار دولار، ولفت إلى أن متوسط النمو لتركيا خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، بلغ 4.7 في المائة، رغم تقلبات أسعار صرف العملات.
وأضاف إردوغان: «بدأنا نرى بوادر ملموسة لعملية التوازن في الاقتصاد التركي، وفي طريقنا لتسجيل رقم قياسي في الصادرات 170 مليار دولار خلال العام الحالي». وأشار إلى أن تركيا استقطبت 9 مليارات دولار كاستثمارات خارجية مباشرة خلال الأشهر العشرة الأولى من 2018، وأن تركيا تحقق إنجازات كبيرة على صعيد الصناعات الدفاعية التي باتت تقدم 65 في المائة من احتياجات البلاد، كما بدأت تصدر منتجاتها عالمياً.
وأظهرت الأرقام التي أعلنتها الحكومة التركية مؤخراً أن عام 2018 كان ناجحاً للغاية من حيث النموّ المُستدام للصادرات التركية، والتي من المقرّر أن تنهي العام في أعلى مستوياتها على الإطلاق. وتتوقع الحكومة أن يستمر الارتفاع في نسبة الصادرات والواردات في عام 2019، بالإضافة إلى استمرار الاتجاه التنازلي لعجز الحساب الجاري.
وتوقعت وزيرة التجارة في تصريحات الأسبوع الماضي، أن يحمل عام 2019 أداء قويا في صادرات الخدمات بدعم من صادرات السياحة والسلع. وأضافت بيكجان أنه من المتوقع أن تسهم الصادرات مساهمة إيجابية في نمو الاقتصاد التركي، وقالت إن البرنامج الاقتصادي الجديد، المعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي يتوقع نزول نسبة «عجز الحساب الجاري إلى إجمالي الناتج المحلي» إلى 3.3 في المائة في عام 2019، وأكدت أن الحكومة تواصل جهودها لتحقيق هذه الأهداف.
وشهدت صادرات تركيا زيادات شهرية في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وحتى نوفمبر، حيث بلغت 154.2 مليار دولار، بزيادةٍ قدرها 7.7 في المائة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد بلغت الصادراتُ في الاثني عشر شهراً اﻷخيرة 168.1 مليار دولار.
وأشارت بيكجان إلى أن تطوراتٍ مهمةً ستحدث في العالم في عام 2019، وقالت إن منظمة التجارة العالمية تخطّط لإصلاحاتٍ ستشارك فيها الجهود التركية، قائلة إنه في حين أن الحروب التجارية مستمرة من ناحية، فمن المتوقع أن يحافظ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والاتحاد الأوروبي على سياساتٍ نقديةٍ صارمةٍ من ناحيةٍ أخرى. وإن الحكومة التركية ستتخذ تدابير ضد هذه العوامل التي ستضيق السوق جزئياً. ولفتت بيكجان إلى أن استمرار النمو في اقتصادات الاتحاد الأوروبي أثر بشكل إيجابي على الصادرات التركية، وقالت: «نتوقع زيادة صادراتنا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2019 والتي نحتاج فيها إلى التركيز بشكل أكبر على التصميم والعلامات التجارية والتكنولوجيا والمنتجات ذات القيمة المضافة والتصدير. قائلة: «لدينا الحوافز التي ستدعم هذا الاتجاه».



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).