أكراد سوريا... من التهميش إلى إدارة ذاتية مهددة

مقاتلة في «قوات سوريا الديمقراطية» خلال مظاهرة تنديداً بالتهديدات التركية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
مقاتلة في «قوات سوريا الديمقراطية» خلال مظاهرة تنديداً بالتهديدات التركية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
TT

أكراد سوريا... من التهميش إلى إدارة ذاتية مهددة

مقاتلة في «قوات سوريا الديمقراطية» خلال مظاهرة تنديداً بالتهديدات التركية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
مقاتلة في «قوات سوريا الديمقراطية» خلال مظاهرة تنديداً بالتهديدات التركية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة أمس (أ.ف.ب)

كتبت وكالة الصحافة الفرنسية، في تقرير لها من بيروت أمس، أن الأكراد، الذين عانوا طويلاً من التهميش، بنوا خلال سنوات النزاع الأولى في سوريا إدارة ذاتية في مناطق سيطرتهم، بشمال وشمال شرقي سوريا.
وتعد «وحدات حماية الشعب» الكردية، العاملة ضمن «قوات سوريا الديمقراطية»، ثاني القوى المسيطرة على الأرض بعد قوات النظام، إذ تسيطر على نحو 30 في المائة من مساحة البلاد، بما في ذلك حقول غاز ونفط مهمة، بحسب الوكالة. ويشكل الأكراد الموجودون بشكل رئيسي في شمال سوريا نحو 15 في المائة من إجمالي السكان، ومعظمهم من المسلمين السنة، مع وجود نسبة ضئيلة من غير المسلمين.
وذكرت الوكالة الفرنسية أنه في أعقاب إحصاء «مثير للجدل» جرى في عام 1962، تم سحب الجنسية من عدد كبير من الأكراد الذين عانوا إثر ذلك من عقود من التهميش والاضطهاد من جانب الحكومات السورية المتعاقبة، فحرموا من تعليم لغتهم، والاحتفال بأعيادهم، وممارسة تقاليدهم. وتابعت أنه عندما اندلع النزاع في سوريا، في عام 2011، تبنى معظم الأكراد موقفاً محايداً، ولم يدخلوا في صدامات مع قوات النظام، الأمر الذي جعلهم عرضة لانتقاد المعارضة السورية، السياسية والمقاتلة.
وبادر رئيس النظام السوري بشار الأسد في بداية النزاع، وفي محاولة لكسب ودهم، إلى منح الجنسية لـ300 ألف كردي، بعد انتظار استمر لنصف قرن. وفي عام 2012، انسحبت قوات النظام السوري تدريجياً من المناطق ذات الغالبية الكردية، في شمال وشمال شرقي سوريا، مما مكن الأكراد من تعزيز موقعهم. وفي عام 2013، أعلن الأكراد، وعلى رأسهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعد «وحدات حماية الشعب» جناحه العسكري، إقامة إدارة ذاتية في مناطق سيطرة الأكراد. وتسلم الأكراد المؤسسات في هذه المناطق، وأعادوا إحياء لغتهم وتراثهم، بحسب الوكالة الفرنسية.
وفي مارس (آذار) 2016، أعلن الأكراد النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم التي قسموها إلى 3 أقاليم، هي: الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرقي البلاد)، والفرات (شمال وسط، وتضم أجزاء من محافظة حلب، وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (شمال غربي البلاد، وتقع في محافظة حلب)، التي خسروها في عام 2018، على وقع هجوم شنته تركيا وفصائل سورية موالية لها.
وأثار هذا الإعلان، بحكم الأمر الواقع، حفيظة كل من النظام والمعارضة، وتركيا التي تخشى إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها، على غرار كردستان العراق.
وفي أواخر عام 2016، أقر الأكراد دستوراً للنظام الفيدرالي، أطلقوا عليه اسم «العقد الاجتماعي»، لتنظيم شؤون المنطقة. وفي سبتمبر (أيلول) 2017، انتخب سكان المناطق الكردية مجالس بلدية.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أنه منذ عام 2014، تحولت «الوحدات» الكردية إلى أبرز القوى المحاربة لتنظيم داعش، وبدأت بتلقي الدعم من التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2015، انضمت إلى تحالف فصائل كردية وعربية مدعوم من التحالف الدولي، أطلق عليه اسم «قوات سوريا الديمقراطية».
وفي مطلع عام 2015، طرد الأكراد بدعم من التحالف الدولي تنظيم داعش من مدينة عين العرب (كوباني)، على الحدود التركية، بعد أكثر من 4 أشهر من المعارك. ومنذ ذلك الحين، تمكنوا من طرد التنظيم من مناطق واسعة من شمال وشمال شرقي البلاد، بينها مدينة منبج (2016)، ومدينة الرقة، معقل التنظيم الأبرز سابقاً، في 2017.
وفي 14 يناير (كانون الثاني) 2018، أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن عزمه تشكيل قوة أمنية حدودية في شمال سوريا، قوامها 30 ألف عنصر، نصفهم تقريباً من عناصر «قوات سوريا الديمقراطية»، لكن أنقرة تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي و«الوحدات» الكردية امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود في جنوب شرقي تركيا.
وكانت تركيا قد نفذت حملة عسكرية في شمال سوريا، في أغسطس (آب) 2016، ضد «داعش» والمقاتلين الأكراد. وفي 20 يناير الماضي، أطلقت تركيا هجوماً برياً وجوياً تحت تسمية «غصن الزيتون»، قالت إنه يستهدف «الوحدات» الكردية في منطقة عفرين، في شمال محافظة حلب.
ودعا الأكراد وقتها دمشق للتدخل لمنع الهجوم التركي، متمسكين برفضهم عودة المؤسسات الحكومية إليها. وبعد معارك، سيطرت تركيا على عفرين في 18 مارس (آذار). ومنذ ذلك الحين، صعدت تركيا من تهديداتها، متحدثة عن نيتها شن عملية أخرى ضد الأكراد في منبج، في ريف حلب الشمال الشرقي، وصولاً إلى مناطق سيطرتهم في شمال شرقي البلاد، التي يطلق عليها اسم «شرق الفرات».
وأرسلت تركيا خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سوريا، بينما دخلت قوات أخرى إلى الأراضي السورية، بالقرب من خطوط التماس مع «قوات سوريا الديمقراطية»، في محيط مدينة منبج. وأمس (28 ديسمبر | كانون الأول)، دعت «الوحدات» الكردية دمشق إلى إرسال قواتها المسلحة إلى منبج لحمايتها من التهديدات التركية. وبعد وقت قصير، أعلن الجيش السوري دخوله إلى المنطقة.



واشنطن تعاقب أفراداً وكيانات على صلة بتمويل الحوثيين

وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
TT

واشنطن تعاقب أفراداً وكيانات على صلة بتمويل الحوثيين

وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)

فرّضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة شملت أفراداً وشركات وسفناً على صلة بشبكة سعيد الجمل الذي يقيم في إيران ويتولى إدارة الأموال للجماعة الحوثية وتسهيل تهريب الأسلحة والنفط بدعم من الحرس الثوري الإيراني.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، أن بلاده فرضت  عقوبات على 5 شركات و5 أفراد، وأدرجت 8 سفن كممتلكات محظورة بسبب علاقاتها بسعيد الجمل، وهو الناشط المالي الحوثي المدرج على لائحة العقوبات الأميركية.

وفي حين يتخذ الجمل من إيران مقراً له بدعم من «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، قال البيان إن «الدعم الإيراني للمجموعات الإرهابية الإقليمية يستمر في زعزعة استقرار الشرق الأوسط».

وأضاف البيان أن الإيرادات من شبكة «الجمل» تدر الأموال التي تمكن الحوثيين من شن هجمات إقليمية، بما في ذلك تعطيل الشحن الدولي في الممرات المائية الحيوية. وأشار إلى أن هذه هي الدفعة الحادية عشرة من العقوبات التي فرضتها واشنطن على شبكة سعيد الجمل.

وتعهدت وزارة الخارجية الأميركية بمواصلة استخدام الأدوات المتاحة لاستهداف تدفقات هذه المصادر من الإيرادات غير المشروعة، وأوضحت أنه تم اتخاذ إجراءات وزارة الخزانة حسب الأمر التنفيذي رقم 13224 لسلطة مكافحة الإرهاب، بصيغته المعدلة.

وفي وقت سابق من يوم الخميس، كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت العقوبات الجديدة، على الأفراد الخمسة والسفن الثماني والشركات الخمس، وقالت إنها «متورطة في عمليات نقل وبيع النفط الإيراني لصالح المسؤول المالي الحوثي سعيد الجمل».

وتشمل العقوبات - بحسب «الخزانة الأميركية» - مشغلي السفن وقباطنتها الذين أسهموا في نقل النفط غير المشروع، إذ إن هذه العائدات من هذه الأنشطة «تسهم بشكل مباشر في تمويل الهجمات الحوثية في المنطقة، بما في ذلك الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة على إسرائيل والسفن التجارية العابرة للبحر الأحمر».

عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء غداة مقتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار (إ.ب.أ)

وقال برادلي سميث، وكيل وزارة الخزانة الأميركية بالإنابة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية: «يعتمد الحوثيون بشكل كبير على الشبكة الدولية التي يديرها سعيد الجمل وشركاؤه لنقل وبيع النفط الإيراني، ما يعزز حملتهم العنيفة».

وأضاف سميث: «وزارة الخزانة ملتزمة باستخدام كل الأدوات المتاحة لوقف هذا المصدر الأساسي للعائدات غير المشروعة التي تموّل أنشطة الحوثيين المزعزعة للاستقرار».

ويعتمد الجمل في شبكته - وفق البيان - على شركات وهمية وشركاء في دول عدة لتسهيل بيع النفط الإيراني.

عقوبات متلاحقة

في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات جديدة على فرد وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المدعومة من إيران.

وذكر بيان «الخارجية» حينها أن هؤلاء الميسرين والموردين مكنوا الجماعة الحوثية «الإرهابية» من الاستحواذ على مواد ومكونات ثنائية الاستخدام ومن الدرجة العسكرية لتصنيع ونشر صواريخ متطورة وطائرات مسيرة تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

وشملت العقوبات كياناً مرتبطاً بشحنات تجارية غير مشروعة للحوثيين، وسفينتين تابعتين لذلك الكيان؛ الأولى تولت نقل شحنات بالنيابة عن شبكة المسؤول المالي للحوثيين سعيد الجمل والأخرى تابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.

المتحدث باسم الجماعة الحوثية (يسار) في أحدث لقاء له في مسقط مع وزير خارجية إيران (أ.ف.ب)

وفي يونيو (حزيران) الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على 3 أشخاص و6 كيانات للتورط في تسهيل وشراء الأسلحة للجماعة الحوثية، وشملت العقوبات سفينة مشارِكة في تهريب الأسلحة للجماعة المدعومة من إيران، وشركات مقارها الصين وسلطنة عمان والإمارات.

وشملت العقوبات فرداً مقيماً في الصين يدعى علي عبد الوهاب محمد الوزير، المنتمي للحوثيين، و«يلعب دوراً رئيسياً في شراء المواد التي تُمكّن قوات الحوثيين من تصنيع أسلحة تقليدية متقدمة داخل اليمن».

ويستخدم الوزير شركة مقرها الصين تدعى «قوانغتشو تسنيم التجارية المحدودة»، للحصول على المعدات وشحنها إلى اليمن، والشركة مملوكة بالكامل لشركة «تسنيم التجارية المحدودة»، ومقرها هونغ كونغ، والمدرجة على لائحة العقوبات.

كما شملت العقوبات شخصاً يدعى معاذ أحمد محمد الحيفي، والشركة التي يديرها تدعى «الشركة الدولية للواجهة الرقمية الذكية المحدودة»، ومقرها سلطنة عمان؛ حيث قام بتسهيل شراء ونقل مكونات صواريخ «كروز»، بالتنسيق مع كبار قيادات الحوثيين.

وبحسب «الخزانة الأميركية»، أدت أنشطة الحيفي دوراً رئيسياً عام 2020 في هجمات الحوثيين التي استهدفت منشأة «أرامكو السعودية» باستخدام صاروخ «كروز».

كما فرضت «الخزانة الأميركية» عقوبات على سفينة «أوتاريا» التي ترفع علم الكاميرون وتعمل لصالح شركة «ستيلر ويف مارين إل إل سي» ومقرها في الإمارات.