موسكو تنسق لمؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين

قالت إن عودة دمشق إلى الجامعة العربية تدفع بالتسوية السياسية

جندي روسي يوزع المساعدات الغذائية على مدنيين عند حاجز أبو الضهور بريف إدلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
جندي روسي يوزع المساعدات الغذائية على مدنيين عند حاجز أبو الضهور بريف إدلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
TT

موسكو تنسق لمؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين

جندي روسي يوزع المساعدات الغذائية على مدنيين عند حاجز أبو الضهور بريف إدلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
جندي روسي يوزع المساعدات الغذائية على مدنيين عند حاجز أبو الضهور بريف إدلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أنها تعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة على عقد مؤتمر دولي خاص حول ملف اللاجئين السوريين، ودعت «كل الأطراف المعنية بإنجاح الجهود في هذا الاتجاه، إلى الانضمام للخطوات الجارية».
وقال إيغور تساريكوف، ممثل الوزارة لدى «مركز التنسيق المشترك في ملف اللاجئين السوريين» الذي أسسته موسكو قبل شهور، إن بلاده تنسق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة للتحضير لهذا المؤتمر، من دون أن يوضح تفاصيل عن موعد محتمل لانعقاده. وأوضح أن موسكو تناقش الفكرة مع «أعضاء المجتمع الدولي المهتمين»، موضحا أن إحدى مزايا مثل هذا الحدث يمكن أن تكون أنه «سيجمع على منصة واحدة كل الأطراف التي تطمح بإخلاص إلى تسويه سريعة في سوريا».
ولفت الدبلوماسي خلال اجتماع موسع لمقرات التنسيق الروسية والسورية لعودة اللاجئين، إلى أن «معطيات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 80 في المائة من اللاجئين السوريين يرغبون في العودة إلى بلادهم».
موضحا أنه «وفقا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، هناك 82 في المائة مستعدون للعودة إذا توفرت الظروف المناسبة»، وزاد أنه «حاليا، يصل يوميا أكثر من ألف لاجئ من لبنان والأردن. وتجاوز العدد الإجمالي للذين عادوا منذ إطلاق المبادرة الروسية في يوليو (تموز) الماضي، 70 ألف شخص»، علما بأن معطيات المفوضية السامية التي نقلها تساريكوف خلال الاجتماع ذاته، أشارت إلى أن عدد اللاجئين الذين عادوا خلال عام 2018 إلى سوريا لم يزد على 37 ألف شخص، وهو رقم أقل من تعداد العائدين إلى بلادهم في العام الماضي بنحو 13 ألف لاجئ.
ونقل الدبلوماسي الروسي عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أنه يوجد حاليا 5 ملايين و654 ألفا و768 لاجئاً من سوريا مسجلون رسمياً حول العالم، معظمهم في تركيا ويبلغ عددهم هناك أكثر من 3.6 مليون شخص، وفي لبنان يقدر العدد بـ951 ألفا، والأردن 673 ألفا، والعراق 251 ألفا، ومصر 132 ألفا. ويقدر عدد الأطفال الذين ولدوا خارج سوريا بنحو مليون طفل سوري.
وأشاد ممثل الخارجية الروسية بالتطورات الجارية حول بدء مسيرة تطبيع العلاقات بين الحكومة السورية وجامعة الدول العربية، وأشار إلى «أهمية الجهود الرامية إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية كجزء من مساعي تحريك عجلة التسوية السياسية في البلاد»، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي للقاء نظيره السوري بشار الأسد، تشكل خطوة ملموسة في هذا الاتجاه، مجددا ترحيب الخارجية الروسية بأول زيارة لزعيم عربي إلى سوريا منذ تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، مضيفا أن هذه الزيارة «ستسهم في استئناف العلاقات بكامل النطاق بين سوريا والدول العربية الأخرى وعودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة قريبا، ودفع عملية التسوية السورية بالتوافق مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».
في غضون ذلك، دعت الخارجية الروسية الولايات المتحدة إلى تقديم ضمانات لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الركبان، الواقع عند الحدود السورية - الأردنية، قبل نهاية الشهر الحالي.
وقال تساريكوف خلال الاجتماع إن «الأمم المتحدة تدرس حاليا فكرة تنظيم قافلة مساعدات إنسانية إلى مخيم الركبان، ونحن نعدّ أن الولايات المتحدة تحتل الأراضي السورية، التي يقع فيها مخيم الركبان، وبالتالي فهي المسؤولة عما يحدث في هذه المنطقة، ويتعين عليها أن تقدم للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري كل الضمانات الأمنية لإيصال المساعدات وتوزيعها».
وكانت موسكو شددت بعد إعلان واشنطن عزمها الانسحاب من سوريا، على ضرورة أن تعود المناطق السورية التي ستنسحب منها القوات الأميركية، إلى سيطرة دمشق.
إلى ذلك، أعلنت رئيسة مجلس الفيدرالية (الشيوخ) الروسي فالينتينا ماتفيينكو، أن بلادها نجحت في «تقويض خطط أطراف عملت على هزيمة الدولة السورية وإطاحة سلطاتها الحالية».
وقالت ماتفيينكو في مقابلة صحافية، أمس، إنه «بفضل الجهود الروسية فقط، وفيما بعد بمشاركة الدول الأخرى التي أصبحت حليفة لنا، نجحنا في منع هزيمة سوريا بوصفها دولة، وعدم السماح بتكرار الأمثلة؛ وبينها العراق وليبيا (...). لم ينجحوا، ولم نسمح لهم بإطاحة النظام الذي قد لا يعجب بعضهم، بشكل غير شرعي وخلافا للقانون الدولي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.