النازحون في شمال سوريا يحاولون الصمود أمام قسوة البرد

سوريون نازحون في مخيم دير البلوط بريف عفرين شمال سوريا بعد هطل مطري شديد (أ.ف.ب)
سوريون نازحون في مخيم دير البلوط بريف عفرين شمال سوريا بعد هطل مطري شديد (أ.ف.ب)
TT

النازحون في شمال سوريا يحاولون الصمود أمام قسوة البرد

سوريون نازحون في مخيم دير البلوط بريف عفرين شمال سوريا بعد هطل مطري شديد (أ.ف.ب)
سوريون نازحون في مخيم دير البلوط بريف عفرين شمال سوريا بعد هطل مطري شديد (أ.ف.ب)

تتعرض مئات من عائلات النازحين لقصف موجات البرد في مخيم بشمال سوريا في الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لشتاء قاسٍ جديد.
ولا تجد الرياح الباردة والأمطار الغزيرة صعوبة في اختراق الخيام والملاجئ الواهنة في مخيم دير البلوط بالقرب من مدينة عفرين الشمالية على الحدود مع تركيا. وتجعل هذه الأوضاع الصعبة والأحوال القاسية كثيرين في المخيم فريسة لبرد الشتاء وقسوته.
وقال أبو علاء الذي يعيش في المخيم مع أبنائه الستة لـ«رويترز»: «عايشين من قلة الموت... جابونا على شيء مجهول... حطونا بخيم... عم تشتي علينا من فوق. وصار يجينا فيضانات... يعني مي (مياه) من فوق قبلناها... أما من تحت، ما بتتسكر لا بالمشمعة ولا بالباطون. الوضع سيئ جداً».
ويعيش في مخيم دير البلوط حالياً أكثر من 350 أسرة فرت من مخيم اليرموك، بالإضافة إلى سوريين آخرين فروا من جنوب دمشق.
وأعلنت الحكومة السورية في مايو (أيار) الماضي تطهير مخيم اليرموك، الذي كان في السابق أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، إثر اتفاق لإجلاء المعارضة المسلحة. وحوصر المخيم من قبل الجيش منذ استولى عليه المعارضون المسلحون في عام 2012. وفر معظم المدنيين منه عندما تمكن تنظيم داعش من طرد المعارضة المسلحة المعتدلة في عام 2015، لكن الآلاف بقوا في المخيم، وفر كثيرون منهم في وقت لاحق.
وقال عبود، وهو لاجئ فلسطيني فر من مخيم اليرموك مع عائلته، إن كثيرين يعيشون على القليل مع محدودية الموارد بما في ذلك الطعام والدواء والملابس الشتوية والوقود.
وأضاف: «احنا وضعنا مأساوي... احنا 350 عائلة من مخيم اليرموك... بعد ما ادمر مخيم اليرموك طلعونا على الشمال... فاجينا على منطقة دير البلوط... فجينا نتفاجئ إن احنا على أساس كنا طالعين على بيوت... فقعدنا بخيم. أكلنا. شربنا... نمنا... بالخيمة. وكل يوم عن يوم نستنى الكرتونة لتيجي. يعني إذا اجت الكرتونة إحنا أكلنا... إذا ما اجت الكرتونة فإحنا ما بناكل».
هذا، وتسببت هطولات مطرية قوية، بدأت الثلاثاء واستمرت حتى الأربعاء الماضيين، في غرق كثير من الخيام في مخيمات الشمال، ومحاصرة الأهالي داخلها بسبب انقطاع الطرق.
وأطلقت منظمات إنسانية ومجالس محلية في الشمال السوري نداءات استغاثة بعد العاصفة المطرية التي أصابت المنطقة، بحسب ما نقل مراسل موقع «عنب بلدي» السوري.
ولحقت الأضرار بنحو 11 مخيماً شمال غربي سوريا، على الحدود مع تركيا؛ ومن بينها مخيمات «أطمة» و«الكرامة» و«هدى» و«العمر» بريف إدلب، فضلاً عن منطقة «خربة الجوز» في ريف اللاذقية.
وقتلت الحرب الأهلية في سوريا مئات الآلاف وأرغمت الملايين على الفرار في أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. واستدرجت الحرب في سوريا قوى إقليمية وعالمية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.