الحريري مستمر في مهمة تشكيل الحكومة رغم «الشائعات»

حمادة يحذر من «صدامات في الشارع» في حال استمرار الفراغ

TT

الحريري مستمر في مهمة تشكيل الحكومة رغم «الشائعات»

أكدت مصادر لبنانية وثيقة الصلة برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، استمراره في مسعاه لتشكيل الحكومة، مقدما تسهيلات كثيرة للوصول إلى إعلانها، رغم صمته «الذي يريد منه التأكيد بأن العرقلة ليست عنده، بل عند أطراف أخرى»، في وقت تنامت الدعوات لتشكيل حكومة مصغرة، والتحذيرات من أن استمرار الفراغ الحكومي «قد يؤدي إلى صدامات في الشارع».
واستغربت مصادر وثيقة الصلة بالرئيس الحريري الكلام عن احتمال اعتذاره عن تشكيل الحكومة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، بأن هذا الكلام «لا أساس له من الصحة»، مشددة على أن الحريري «لا يزال على موقفه ولا اعتذار». وأشارت المصادر إلى أن الحريري «عندما قرر أن يلتزم الصمت فكان بذلك يقول بأن المشكلة ليست عنده بل عند الآخرين».
من جهة ثانية، قالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»، بأن عرقلة تأليف الحكومة يتحمل مسؤوليتها عدة أطراف، مشيرة إلى أن وزير الخارجية جبران باسيل «حرق الطبخة، وكان يفترض أن ينتظر قبل أن يعلن انضمام مرشح التسوية جواد عدرا إلى تكتله».
وعن تبديل الحقائب، قالت المصادر بأنه ليس صحيحاً ما يُشاع أن الحريري يريد وزيراً مارونياً من حصته، ولا يشترط هذا الموضوع، ولم يطرحه أبدا، «بل يقبل بأي وزير مسيحي مهما كان مذهبه، وليس مهماً المذهب بالنسبة له».
وقالت المصادر بأن الحريري دعا للعودة إلى الأصول في عمليات تأليف الحكومة، وأن هناك دستورا يجب أن يطبق ولا يجوز ابتداع أعراف جديدة. وأضافت أن الحريري قدم كل التسهيلات، موضحة أنه «لن يعارض الحصول على وزارة الإعلام مقابل حقيبة أخرى يتنازل عنها، إذا كانت هي الحل»، مشددة على أنه «قدم ما بوسعه لتسهيل عملية التأليف».
وجدد «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» المتحالفين مع «حزب الله»، تشديده على «حقه في المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بوزير واحد يسمّيه اللقاء وأن يكون الممثل الحصري له في الحكومة».
ولا تزال مساعي تأليف الحكومة مقفلة، إذ رأى وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة أن «هناك عناصر عدة داخلية وخارجية تحول دون تشكيل الحكومة الجديدة»، مشددا على أنه «لا بد من التوصل إلى تسوية بعد رأس السنة لإيجاد ممثل بديل عن اللقاء التشاوري والانطلاق بعملية إصلاحية عاجلة».
ودعا حمادة في حديث إذاعي، الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، إلى الجلوس معا بعيدا عن ضغوط المقربين، ووضع الخطوط العريضة للحكومة بعد وقف الدلع السياسي الحاصل من قبل البعض ومطالبتهم بهذه الحقيبة أو تلك، محذرا من «فراغ حكومي أطول قد يؤدي إلى صدامات في الشارع أو مؤتمر تأسيسي قد يدخل لبنان في أتون خطير».
في هذا الوقت، دعا عضو «تكتل لبنان القوي» النائب شامل روكز، إلى «تشكيل حكومة مصغرة من 14 وزيرا لإنقاذ لبنان الذي لم يعد يحتمل أي تجاذب أو تعطيل»، مشيرا إلى أنه «يمكن محاسبة هذه الحكومة من خلال مجلس النواب والتكتلات الكبيرة فيه». ولفت إلى أن «المبادرة الرئاسية الأخيرة كانت ممتازة ولكن تم تعطيلها»، معتبرا أنه «في حال تشكلت حكومة الوحدة الوطنية فإنها ستواجه مشاكل عدة بسبب المناكفات المستمرة بين أعضائها ولن تكون منتجة»، وقال: «حاولوا كل الطرق لتشكيل الحكومة الجديدة ولم تنجح وقد حان الوقت للتنازل عن كبريائهم».
بالموازاة، دعا «لقاء الجمهورية» خلال اجتماعه الدوري برئاسة الرئيس السابق ميشال سليمان، «المعنيين بتأليف الحكومة إلى مصارحة اللبنانيين وتسمية المعرقلين وتحميلهم مسؤولية العرقلة وعدم اللجوء إلى تجهيل المعرقل المعروف بالتكافل والتضامن منذ سنوات عدة»، محذرا من «خطورة الاستمرار في سياسة مسايرة المعطلين غير المجدية وغير المنتجة في ظل الخطورة التي تمر فيها البلاد على الصعد كافة، ومن خطورة التدهور الاقتصادي وانخفاض النمو إلى خطورة الوضع الأمني الخطير، وعدم الالتزام بالقرار 1701 الذي عزز الاستقرار على الحدود منذ العام 2006».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.