حملة مصورة لتشجيع المصريين على ثقافة «البستنة»

عبر زراعة نباتات «النرجس» و«الموناليزا» و«بنت القنصل»

داليا سالم  -  نبات النرجس
داليا سالم - نبات النرجس
TT

حملة مصورة لتشجيع المصريين على ثقافة «البستنة»

داليا سالم  -  نبات النرجس
داليا سالم - نبات النرجس

رغم تخصصها في هندسة الديكور، فإن المصرية داليا سالم انحازت لعالم النباتات، لا سيما المنزلية منها، وقرّرت الاستعانة بـ«السوشيال ميديا» لبث عدد من الفيديوهات القصيرة المُتخصصة في رعاية النبات، والتشجيع على الزراعة المنزلية، والعناية بالنباتات، عبر نصائح للمبتدئين ممن يريدون خوض تلك التجربة الخضراء. بدأت رحلة الشغف بالنباتات لدى داليا قبل عامين، حسب ما روت لـ«الشرق الأوسط»، بعدما قرّرت إدخال النبات إلى يومياتها بعد انتقالها إلى منزل جديد يضمّ حديقة صغيرة الحجم، وعندها بدأت في القراءة المُكثفة عن الزراعة، ومُراجعة مواد فيديو تعليمية، لا سيما الأجنبية منها، خصوصاً مع عدم وفرة المادة العربية المبسطة، ونزوع الكثير منها للتخصص في علم النبات، ما يجعله صعباً في التلقي بعض الشيء بالنسبة للهواة، وهو ما دفعها للتّعلم الذاتي عن ذلك المجال الذي بات المفضل لديها. وتأتي مبادرة داليا ضمن مبادرات مصرية عدة ظهرت في السنوات الأخيرة، تدعو للزراعة المنزلية، لا سيما زراعة أسطح البيوت، من أجل مواجهة التلوث، ودعم الحاجات الغذائية الرئيسية للأسر من خُضر وأعشاب المطبخ بشكل أساسي، لكن مبادرة داليا تأخذ منحى نباتات «الزينة» المنزلية بشكل رئيسي، مُرتكزة في أول فيديو أطلقته، ضمن سلسلتها التي تعتزم مواصلتها، عن فوائد النباتات للصحة النفسية للفرد. تستشهد داليا في مقاطعها المصورة بمقولة لعالم الأحياء إدوارد أوسبورون بشأن تأثير صحة الإنسان النفسية على من حوله، وتقول إنّها طبقتها على علاقتها بالتعامل المباشر مع النباتات، الذي ساهم في حالة سلام نفسي كبير وتقدير للذات، مع كل مرة كانت تستطيع فيها الحفاظ على النبات ضد التحديات الطبيعية التي تواجهه مثل أمراض النباتات والإصابات الحشرية والتغيرات المناخية، علاوة على انشغالها به عن الضغوط اليومية التي ترفع نسب القلق عند الإنسان، وتحجيم ردود الأفعال الغاضبة، ورفع قوة الملاحظة، وقدرات الذاكرة، والصبر، وتضيف: «بالإضافة إلى كل تلك المزايا فهي تُعرّف الإنسان على معنى جمال الإنبات»، على حد تعبيرها. تطور الشّغف لدى داليا إلى الحد الذي بدأت فيه ممارسة تربية النباتات بنفسها، والتفريق بين أنواعه المختلفة، ومن ثم تقديم الرعاية اللازمة لكل منها من حيث الرّي والضوء والرطوبة اللازمة مثلاً، وقبل أقل من شهرين أطلقت فيديوهات متخصصة لرعاية النباتات المنزلية تبثها عبر صفحتها على «فيسبوك». تقول داليا سالم لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «شغفها الشّخصي بالنباتات، جعل لديها رغبة كبيرة في نشر ثقافة البستنة في مصر»، وتضيف أنّ «أحد أبرز معوقات هذه الثقافة هي النّظر إليها باعتبارها ثقافة ترفيهية وليست ضرورية». تجمع صاحبة الفيديوهات إلى جانب المحتوى المُصوّر عبر صفحتها، توجيهات مكتوبة حول بعض أنواع النباتات وطريقة ريّها والاستخدام المناسب للأسمدة، والرطوبة التي تحتاجها، والأمراض التي يمكن أن تتعرض لها، ونوعها إذا كانت نبات شمس أم ظل، والفرق بينهما، ومن بين النباتات التي أعدت عنها مادة فيديو خاصة كانت نبتة «بنت القنصل» التي تترعرع في هذه الأيام تحديداً بأوراقها الحمراء الوارفة، بالتزامن مع موسم أعياد الميلاد، ويُطلق عليها كذلك «نبتة الميلاد»، وكذلك نبات «الأشرعة البيضاء»، أو «زنبقة السلام»، الذي تقول عنه داليا إنّه «نبات مُدرج في قائمة (ناسا) لمُنقيات الهواء، ولديه القدرة على امتصاص الرائحة العطنة والروائح الكريهة من الجو». وتقول داليا إنّ معيارها في اختيار نباتات الزينة التي تُسلط عليه الضوء يكون لأسباب عدة، أبرزها قيمته الجمالية، وكثير منها يحمل ألقاباً لافتة ومميزة مثل زهرة «التلادينسيا» التي تُلقب بـ«سمكة الريشة الوردية» (pink quil)، ونبات «الموناليزا» أو ما يطلق عليه «نبات أحمر الشفاه»، ذلك الأخير الذي ترجع تسميته إلى زهوره الأنبوبية متعددة الألوان، التي تُشبه أصابع أحمر الشفاه، وهي من النباتات المُعلقة المُزهرة المعروفة بتوهج ألوانها، وزهرة «النرجس» التي تقترن بأسطورة «نرسيس» اليونانية الشهيرة. تقول صاحبة المبادرة المُحفزة على العناية بالبستنة المنزلية، إنّ كثيراً من تلك النباتات يحتاج لجهد للبحث عنه في مشاتل المدينة والمحافظات، وإنّ ولعها بأنواع معينة من الزهور يدفعها كثيراً للقيام بزيارات بعيدة إلى مشاتل خارج حدود محافظتها القاهرة للحصول عليها، وإنّ جانباً من تلك الزهور تكون مستوردة من الخارج وتحتاج لتوفير ظروف بيئية مواتية في المنزل للحفاظ على نموها بشكل سليم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».