منذ اللحظة الأولى التي تقابل فيها شيرين مغربي، تشدك بحضورها وأفكارها الإبداعية الحديثة التي تعمل على إبراز جيل صاعد من المواهب في مجال الهندسة التصميمية. فهذه الشابة الجميلة والأنيقة أخذت على عاتقها تحقيق أحلام المغمورين والموهوبين منهم. تتبناهم عندما تؤمن بإمكانياتهم، حيث بنت لهم منزلاً فنياً أسمته «هاوس أوف توداي»، أي: (بيت اليوم).
تشرح أن التسمية تعود إلى أنه «بمثابة منزل حقيقي. من يدخله يلاقي فيه الأمان، ويكبر فيه ولا يخرج منه إلا بعد أن يخرج طاقاته إلى النور. أما اختياري لكلمة (توداي) (اليوم) فلأنني رغبت بأن يفكر هؤلاء بإحداث الفرق والتغيير انطلاقاً من اليوم مع أخذهم بعين الاعتبار تاريخنا الفني». شيرين مغربي، جعلت من هذا البيت منصة فنية عالمية، لها طموحات وخطط فنية كبيرة في مجال التصميم المعاصر. بدأت قصة شغفها بفن التصميم في عام 2012، كما تقول: «فبحكم عملي مع عائلتي في دار مغربي للنظارات، كنت ألتقي ببعض المصممين الشباب. كنت ألاحظ أنهم يقومون بعروض خجولة لأن الثقة في قدراتهم كانت تنقصهم رغم أنهم كانوا مبدعين بالفعل. لهذا خطر لي أن أساندهم وأقدم لهم يد العون بطريقة ما». بعد تفكير، توصلت إلى أن البداية يمكن أن تكون من خلال تنظيم معرض جماعي يشاركون فيه. فقد كان إحساسها بالمسؤولية تجاههم يلح عليها كلما أنصتت لهم أو شاهدت أعمالهم التي تستحق إبرازها.
عندما أطلقت منصتها الفنية، أرادتها أن تكون غير ربحية، بحيث تقدم للراغبين منحاً دراسية بداخل لبنان وخارجه. من هنا بدأت القصة وتطورت بالتدريج لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم من مستوى عالمي. ففي «هاوس أوف توداي» حيث كان اللقاء، كانت شيرين تحضر لمعرض كبير سيحضره نحو 70 أجنبياً، من مصممين في مقدمتهم إيفان سنايدرمان الشريك المؤسس لغاليري «آر أند كومباني» في نيويورك، وعارضين من أمثال ديفيد ونيكولا وتمارا براج وجنا عريضي وفلافي عودة وماريلين مسعود وستيفاني سيار وشربل غريبة. وتجدر الإشارة إلى الأسماء الثلاثة الأخيرة، نفذوا تصميم طاولة مع ثلاثة مصممين أجانب (هاس برازرس وروغان غريغوري وكايتي ستوت). أما ضيوف الشرف المشاركون في المعرض فهم إيلي صعب ومصممة الجواهر ندى غزال ورائد الهندسة المعمارية في لبنان برنار خوري.
تتمتع شيرين مغربي بقوة شخصية ودفء إنساني وثقافة عالية، مما يجعل البعض يعتبرونها سفيرة الجمال والإبداع في لبنان، لا سيما وأنها ساهمت أنها درست فن التصميم الداخلي في بريطانيا كما في تسليط الضوء على المصممين اللبنانيين الشباب عالميا. «في العام الماضي، مثلاً ذهبت مع ثلاثة من المصممين هم خالد الميس ورامي دالة وسيار غريبة، إلى ميامي الأميركية للمشاركة في معرض «ديزاين كوريو». أبهرت أعمالهم الأميركيين، لأن كل واحدة منها كانت تحكي قصة عن عالمهم الخاص في قالب عالمي حديث، في حين «أن باقي العارضين كانت لديهم نبرة صوتية موحدة من حيث الجماليات والاختيار». وتتابع: «أعتقد أن التنوع جزء منا في ظل التعددية التي نعيشها».
تجولت منصة «هاوس أوف توداي» في بلدان كثيرة بينها السعودية ودبي وميلانو وباريس حيث تركت بصمتها وحققت النجاح، لكن ومع ذلك، فإن شيرين لا تزال تحلم بالكثير «أحلم أن أنشئ في يوم ما متحفاً يعرض فيه مصممو لبنان إبداعاتهم... أعرف بأن الفكرة بعيدة في الوقت الحالي، لكنها لا تفارق فكري».
لا ينقصها العمل والتفاني والنضج فهذه كلها متوفرة لديها وأعطت ثمارها رغم بعض العوائق المادية والعملية التي تواجهها.
فهي تتحدى كما تقول الواقع بتطلعاتها المستقبلية وآمالها الكبيرة. «لم تكن لدي أي توقعات في البداية ولكن عندما لمست تجاوب الناس مع ما نعرضه غمرتني السعادة وتأكدت أنني في الطريق الصحيح». وهذا ما شجعها أيضاً على التأسيس لفكرة تأمين منح دراسية تساعد هؤلاء الشباب على صقل مواهبهم والتقدم إلى الأمام.
وتقوم بعملية اختيار من يدخل «هاوس أوف توداي» من المصممين مرة كل سنتين. الآن وصل عددهم إلى 30 مصمماً تُدقق في أعمالهم وتنتقدهم أو تنصحهم، وأحياناً تدفعهم إلى إعادة تنفيذها عدة مرات قبل أن تقبل بها. وتشرح بأنها «أصبحت لدي القدرة على اكتشاف الموهبة الفذة من النظرة الأولى. فخبرتي طويلة في هذا المجال خزنتها من رحلات سفر كثيرة وقراءات نهمة، وكذلك من خلال حضوري مزادات علنية في العالم أجمع واحتكاكي بأهل الفن. فهذا النوع من الأشخاص أحب مصادقتهم لأنه لا حدود لأحلامهم وبالتالي يحفزونك ويدفعونك إلى الأمام دائماً».
كثيرون ممن تخرجوا من منصة «هاوس أوف توداي» تحولوا إلى نجوم في عالم التصميم مثل نجلاء الزين ونتالي خياط، اللتين تعرض بعض قطعهما في متحف «فيكتوريا أند ألبرت» البريطاني، والبقية تأتي.
شيرين مغربي... سيدة أعمال بروح فنانة وعينيها
يطلق عليها البعض سفيرة الجمال والإبداع في لبنان
شيرين مغربي... سيدة أعمال بروح فنانة وعينيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة