الجيش الإسرائيلي يرفض طلب نتنياهو إعلان انتهاء حملة «درع الشمال»

أراد لعملية لبنان أن تغطي على معارك غزة

TT

الجيش الإسرائيلي يرفض طلب نتنياهو إعلان انتهاء حملة «درع الشمال»

رفضت قيادة الجيش الإسرائيلي طلب رئيس الوزراء ووزير الأمن بنيامين نتنياهو، الإعلان عن انتهاء عملية «درع الشمال»، التي بدأها الجيش الإسرائيلي في الرابع من الشهر الحالي، لكشف وتدمير أنفاق «حزب الله» عند الحدود بين لبنان وإسرائيل. وفي ظل شكوك باستغلال نتنياهو العملية لأغراض انتخابية، قال الجيش إنه لا يستطيع الإعلان عن انتهاء الحملة؛ لأنها ما زالت مستمرة ولأنه يواصل البحث عن أنفاق أخرى لـ«تحييدها». وتقول مصادر سياسية مطلعة إن الموضوع يثير شيئاً من التوتر بين نتنياهو والمقربين منه وبين الجيش وبقية الأجهزة الأمنية.
وكان نتنياهو قد طرح مطلبه هذا خلال جولة ميدانية قام بها على الحدود مع لبنان، أول من أمس (الثلاثاء)، مع عدد من وزراء الكابنيت (المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية)، أمضوا خلالها 5 ساعات برفقة قادة الجيش في المنطقة. وأكدت تلك المصادر أن إحدى القيادات «لم تحب» هذه الزيارة، خوفاً من أن تستخدم في الحملة الانتخابية لنتنياهو، التي بدأت بتبكير موعد الانتخابات. فهي لا تحبذ إقحام الجيش في الانتخابات بأي شكل، وتلاحظ بأن نتنياهو يستغل مكانته كوزير للأمن لتكريس شخصية «رجل الأمن الأول».
وفي هذه السياق، كان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أبيحاي مندلبليت، قد توجه إلى نتنياهو وطلب منه إنزال شريط مصور له مع جنود الجيش الإسرائيلي في الجبهة، ودعاه إلى الحذر في هذه الأمور الحساسة.
وفي السياق نفسه، يجد نتنياهو نفسه حرجاً، لأنه كان قد أعلن فقط قبل شهر، أنه لا يجوز تبكير موعد الانتخابات في الظروف الأمنية التي تعيشها إسرائيل، وهي في خضم عملية أمنية كبرى لتدمير أنفاق «حزب الله». وقد سئل عن سبب تغييره هذا الموقف وما الذي حصل في هذا الشهر، حتى لم يعد تبكير موعد الانتخابات جائزاً. فأجاب أن الحملة قد انتهت، وما تبقى منها يتم في إطار الأنشطة العسكرية الاعتيادية. وقد رد الجيش بالقول إن مثل هذا الأمر لا يكون صائباً في إطار الأنشطة العسكرية الاعتيادية، وما زال بحاجة لمواصلة البحث عن الأنفاق واستنفاد الموارد والفترة المطلوبة من أجل إنهاء البحث عن الأنفاق كافة. ويعني ذلك أن الجيش يريد ألا تتملص الحكومة من مسؤوليتها في تمويل الحملة من الميزانية الاحتياطية من جهة، ويريد أن يظل بعيداً عن الحسابات الانتخابية لرئيس الحكومة.
ووفقاً لأحد المسؤولين في الجيش، فإن نتنياهو يرى أن الاستمرار في هذه العملية والتوتر الأمني الذي تسببه في الجبهة الشمالية، لا يحقق له أي فائدة انتخابية. لذلك يريد الإعلان عن إنهائها. ولكن الجيش الإسرائيلي بالمقابل، يحاول حالياً إرجاء الإعلان عن انتهاء العملية قدر الإمكان، واستعراضها في وسائل الإعلام على أنها تنطوي على أهمية كبيرة. وقال مسؤولون سياسيون شاركوا في المداولات الأمنية حول الموضوع إن معارضة الجيش الإسرائيلي إنهاء وصف النشاط كعملية عسكرية ليس نابعاً من دوافع عملانية صرفة. وأضافوا أن البحث عن أنفاق عبارة عن عملية هندسية وحسب، وجميع أجهزة الاستخبارات تقول إن «حزب الله» احتوى تدمير الأنفاق، ولا رغبة لديه بالعمل ضد إسرائيل.
لكن مسؤولين سياسيين من محيط نتنياهو اتهموا الجيش بالحسابات السياسية، وقالوا إن قادة الجيش سعوا إلى تضخيم أهمية وتعقيد العملية؛ لأن رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، كان معنياً بحرف أنظار الرأي العام عن الأحداث في الجبهة الجنوبية وتفادي الضغوط من اليمين لتصعيدها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».