تقرير أميركي: 19 ألفاً ضحايا الإرهاب في عام

 مجلة «فوربس» الأميركية
مجلة «فوربس» الأميركية
TT

تقرير أميركي: 19 ألفاً ضحايا الإرهاب في عام

 مجلة «فوربس» الأميركية
مجلة «فوربس» الأميركية

مع نهاية العام، نشرت مجلة «فوربس» الأميركية تقريراً عن حصيلة القتل الذي قامت به المنظمات الإرهابية حول العالم خلال عام. وقال التقرير: من أصل 18.814 عملية قتل تسبب فيها الإرهابيون في جميع أنحاء العالم، كان أكثر من نصفهم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بسبب أعمال أربع مجموعات فقط: «داعش»، «طالبان»، «حركة الشباب»، «بوكو حرام».
وقال التقرير: إن هذه المنظمات الأربع مسؤولة عن 10.632 عملية قتل خلال عام، وإنها «تساهم بأعمالها في عدم الاستقرار في أخطر البلدان في العالم»، بما في ذلك أفغانستان، والعراق، ونيجيريا، والصومال، وسوريا. عن «داعش»، قال التقرير: إنها مسؤولة عن 4.350 عملية قتل خلال عام. وإنها «كانت أشد الجماعات الإرهابية فتكاً في العالم على مدى السنوات الأربع الماضية. ورغم أنها انهزمت إلى حد كبير في أراضيها في سوريا والعراق، لا تزال قادرة على شنّ هجمات في تلك الدول، كما أنها ألهمت الأفراد والجماعات المنتسبة لشن هجمات في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، وكذلك في أوروبا وآسيا».
حسب التقرير، «يميل (داعش) إلى تفضيل التفجيرات أو الانفجارات على أهداف أعدائه، التي شكلت نسبة 69 في المائة من هجماته. بالإضافة إلى اعتقال معارضين وقتلهم. أو عمليات قتل فردية يقوم بها داعشيون في الشوارع والمنازل». في العام الماضي، نفذ «داعش» هجمات أقل بنسبة 22 في المائة مقارنة بالعام الذي سبقه، وانخفض عدد القتلى من 9.150 إلى 4.350، كما انخفضت نسبة القتل في كل هجوم من 8 في المائة إلى 4.9 في المائة. عن «طالبان»، قال التقرير: إنها قتلت 3.571 خلال العام. وإنها «تظل تشنّ حرب استنزاف ضد التحالف المدعوم من الولايات المتحدة منذ عام 2001، وقد أثبتت قدرتها على التحمل بشكل ملحوظ». وأضاف التقرير: إنها تسيطر على نسبة 11 في المائة من البلاد، وتخوض هجمات في نسبة 29 في المائة من البلاد، ومن بين 398 مقاطعة، تنشط في نسبة 70 في المائة منها.
وحسب التقرير، «أصبحت أعمال (طالبان) أكثر فتكاً». وإنها قتلت ما معدله 5.1 شخص لكل هجوم، ارتفاعاً من 4.2 شخص لكل هجوم في العام الذي سبقه. وإن «طالبان»، «عدلت تكتيكاتها في السنوات الأخيرة، وحولت تركيزها بعيداً عن الهجمات على الأهداف المدنية، ونحو أفراد الشرطة والقوات المسلحة».
خلال العام، قتلت «طالبان» 2.419 من أفراد الشرطة والقوات المسلحة، ارتفاعاً من 1.782 في العام الذي سبقه. وعن «حركة الشباب» الصومالية، قال التقرير: إنها قتلت، أو تسببت في قتل، 1.457 خلال العام. وإنها «ظهرت في عام 2006، وهي تابعة لتنظيم القاعدة». وأضاف التقرير: «بينما منطقة عملياتها الرئيسية هي الصومال، نفذت هجمات في إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا». وقال التقرير: «كانت حركة الشباب الأكثر دموية في أفريقيا جنوب الصحراء خلال عام». وأنها كانت مسؤولة عن 1.457 عملية قتل، بزيادة قدرها نسبة 93 في المائة عن العام الذي قبله. كان ثلثا القتلى في العاصمة الصومالية مقديشو. وكان أسوأ حادث عندما قُتل في هجوم كاسح 588 شخصاً، وجُرح 316 آخرون في انفجار خارج فندق «سفاري» في العاصمة. عن «بوكو حرام»، قال التقرير: إنها قتلت، أو مسؤولة عن قتل 1.254 شخص خلال العام. وأن «بوكو حرام»، الإرهابية النيجيرية قبل ظهور «داعش»، كانت أكبر جماعة إرهابية في العالم. وأضاف التقرير: «لكنها صارت في حالة تراجع منذ عام 2014، وبدأت مؤخراً في الانقسام إلى فصائل مختلفة، وأكبرها هي (داعش) في غرب أفريقيا». وقال التقرير: إن «بوكو حرام»، منذ ظهورها في شمال شرقي البلاد في عام 2002، انتشرت إلى دول مجاورة أخرى، بما في ذلك تشاد، والكاميرون، والنيجر. وقبل عامين، اقسمت بالولاء لـ«داعش».
وأشار التقرير إلى انخفاض عدد القتلى من الإرهابيين في نيجيريا في السنوات الأخيرة، حيث انخفض عدد القتلى بنسبة 83 في المائة عن ذروته في عام 2014. وإن ذلك «يشير إلى أن قوات الأمن النيجيرية، بمساعدة حلفاء دوليين، لها تأثير كبير». وإن الحركة «بعيدة كل البعد عن الانتصار». وإنها نفذت نسبة 49 في المائة من العمليات الإرهابية في نيجريا. وإنها كانت مسؤولة عن نسبة 15 في المائة من القتلى، مقارنة بنسبة 29 في المائة خلال العام الذي سبقه.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟