حذّرت مصادر عسكرية يمنية بمحافظة الحديدة اليمنية من خطورة استمرار الميليشيات الحوثية في خرق اتفاق وقف إطلاق النار على الرغم من وجود رئيس فريق الإشراف الأممي في المدينة الجنرال الهولندي باتريك كومارت.
وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الجماعة الحوثية استغلوا التزام القوات الحكومية المسنودة من التحالف الداعم للشرعية بالهدنة وكثفوا من تحركاتهم في خطوط التماس واستحداث المزيد من الحواجز والمتارس القتالية. وطبقاً للمصادر، حشدت الميليشيات العشرات من عناصرها باتجاه مواقع تمركز القوات الحكومية والمقاومة قرب «مركز سيتي ماكس، وخلف معسكر الدفاع الساحلي قرب مجمع إخوان ثابت ومستشفى 22 مايو» في الجبهات الشرقية للمدينة.
وكان المتحدث الرسمي باسم التحالف الداعم للشرعية العقيد تركي المالكي، قد أفاد بأن الجماعة الموالية لإيران قامت بخرق اتفاق وقف إطلاق النار منذ سريانه في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي نحو 140 مرة حتى الأحد الماضي. وفي الوقت الذي تحاول فيه الجماعة الحوثية خداع الفريق الأممي الذي يترأسه كومارت عبر إلباس عناصر ميليشياتها زي الشرطة وإظهارهم على أنهم هم قوات الأمن المحلية للبقاء في المدينة، ظهر مشرف الجماعة في الحديدة أبو علي الكحلاني إلى جوار الجنرال الهولندي وهو يرتدي بزة لرجال الأمن برتبة عسكرية رفيعة، الأمر الذي أثار حفيظة الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعد الكحلاني من المقربين من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وكان ضمن حراسه الشخصيين قبل أن يدفع به للإشراف على محافظة الحديدة، كما أنه -حسب الناشطين الحقوقيين- مسؤول عن مئات الانتهاكات بحق المدنيين، إلى جانب إشرافه المباشر على تعذيب المعتقلين في سجون الجماعة السرية.
وتطمح الجماعة الموالية لإيران إلى الالتفاف على اتفاق السويد وقرار مجلس الأمن عبر المطالبة بإبقاء عناصرها في المدينة بعد أن ألبستهم لباس الشرطة، والزعم أنهم هم الشرطة المحلية وليست التابعة للحكومة الشرعية. واستطاعت الجماعة الحوثية منذ انقلابها على الشرعية أن تحوّل مدينة الحديدة وبقية حواضر المحافظة الساحلية إلى ثكنات عسكرية للآلاف من عناصرها الذين استقدمتهم من صنعاء وعمران وصعدة وحجة، قبل أن تقوم بإحلال المئات منهم في مفاصل العمل الإداري والمالي والأمني بما في ذلك ميناء الحديدة وبقية الموانئ.
وتأتي هذه التطورات قبل يوم واحد من الاجتماع المرتقب للجنة المشتركة من الفريق الأممي وممثلي الحكومة والميليشيات والتي ستتولى أعمال الإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار وإعادة نشر القوات وانسحاب الميليشيات من المدينة والموانئ، تنفيذاً لاتفاق السويد وقرار مجلس الأمن الدولي 2451.
وذكر شهود محليون، أمس، أن عناصر الجماعة الحوثية «نصبوا أسلاكاً شائكة على جانب طريق خط الشام مقابل صوامع هائل سعيد مع تكثيف نصب الحواجز بالحاويات والسواتر الترابية»، وهو ما يعني -طبقاً للمراقبين اليمنيين- تعزيز الجماعة لقدراتها الدفاعية وتحصيناتها عوضاً عن التأهب للانسحاب من المدينة.
في غضون ذلك طالب ناشطون محليون في الحديدة، الجنرال الهولندي، بالإسراع في تنفيذ الاتفاق بما يضمن إخراج المسلحين الحوثيين من مئات المنازل التي يتحصنون فيها وإعادة سكانها، وإخراج المدافع والصواريخ ومخازن الأسلحة من وسط الأحياء السكنية ونزع الألغام، إضافة إلى فتح الطرقات وإزالة الحواجز الترابية والسواتر الخرسانية التي تعيق حركة المدنيين في شوارع المدينة.
وفي حين يشكك العديد من المراقبين اليمنيين في جدية الحوثيين في تطبيق اتفاق السويد بشأن الحديدة، وصف العميد طارق صالح نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، والذي يقود ألوية المقاومة الوطنية المرابطة مع بقية القوات الحكومية على أطراف المدينة، عناصر الحوثيين بأنهم يعيشون على الدم ولا يريدون السلام. وقال في تغريدة على «تويتر»: «نحن نحارب كي نفرض السلام». وأضاف: «العائشون على الحرب ودماء الشعب اليمني وإثارة الأزمات لا يريدون السلام وسيعملون على إفشال أي اتفاق»، في إشارة إلى الخروق الحوثية المتكررة لوقف إطلاق النار.
وكان الجنرال الهولندي قد وصل إلى عدن، السبت الماضي، والتقى فيها ممثلي الحكومة في لجنة التنسيق والإشراف على إعادة الانتشار وتطبيق اتفاق السويد، قبل أن يتوجه إلى صنعاء للقاء ممثلي الجماعة الحوثية ومنها إلى الحديدة التي زار ميناءها وتجول في بعض أحيائها، أول من أمس (الاثنين)، في انتظار التئام الاجتماع الأول للجنة التي يترأسها.
ولم يدلِ كومارت بأي تصريحات رسمية، لكنّ موقع الأمم المتحدة كان قد نقل عنه أنه متفائل بتعاون الأطراف اليمنية من أجل تنفيذ اتفاق السويد وإنجاح مهمته الأممية التي ترى فيها الحكومة الشرعية استعادة للحديدة وموانئها بأقل الخسائر من قبضة الميليشيات.
وبينما لم تتوقف الجماعة منذ وصول كبير المراقبين الأمميين إلى الحديدة عن الاستمرار في نهب المؤسسات الحكومية والحاويات الموجودة في الميناء، استمرت كذلك في قطع خدمة الإنترنت عن المدينة، ضمن الحصار الذي تفرضه على السكان، خشية أن يقوموا بنقل انتهاكات الجماعة إلى العالم الخارجي.
ويفترض أن تنسحب الجماعة من المدينة بموجب اتفاق السويد خلال أسبوعين من وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى الذي ترافقه إعادة نشر قوات الحكومة وميليشيات الجماعة في خطوط التماسّ على ضفتي الطريق المؤدي إلى صنعاء، وصولاً إلى إعادة انتشار ثانية تحددها لجنة التنسيق الأممية إلى خارج الحديدة في غضون 21 يوماً.
الخروق الحوثية في الحديدة تصعّب من مهمة الجنرال الأممي
مشرف الجماعة يظهر إلى جوار كومارت بزي قوات الأمن
الخروق الحوثية في الحديدة تصعّب من مهمة الجنرال الأممي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة