الشتاء الروسي يحمل البهجة والدفء في الأعياد

لا تعرف العاصمة الروسية موسكو معنى «السبات الشتوي»، حتى في أيامنا هذه، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 5 و19 درجة مئوية تحت الصفر. وتأكيداً على مقولتهم الشعبية «لا يوجد في الطبيعة طقس سيئ»، يتحول فصل الشتاء وبرده القارس عند المواطنين الروس إلى «ظرف» مناسب، بل وضروري لا تكتمل دونه الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة. إذ يتحول الثلج إلى أرض طيبة للهو والركض والمرح، يتقاذفونه، ويستخدمونه لصناعة مجسمات مختلفة، في مقدمتها بالطبع «رجل الثلج»، الذي يرمز للحياة في أشد الظروف المناخية قسوة. بينما تبقى ساحات الجليد الطبيعي منه، والاصطناعي، مركزاً رئيسياً للاحتفال بعيد رأس السنة.
إذ جرت العادة أن تُقام في كل منطقة سكنية من المدينة ساحة تزلج على الجليد، تتوسطها شجرة الميلاد بزينتها الجميلة وأنوارها التي تبعث الدفء في الروح، وحولها يتزلج المئات كباراً وصغاراً، يتبادلون التهنئة بالعام الجديد، ويحتفلون معاً أسرة واحدة كبيرة، يجمعهم دفء غريب في شتاء كُتبت حكايات وروايات عن برده القارس.
حتى الساحة الحمراء الشهيرة قرب الكرملين، تحوّلت في هذه الأيام إلى ساحة تزلج، وساحة مركزية للاحتفال بالأعياد، حيث قام مختصون بإقامة مسطح جليدي هناك، غالباً من دون الحاجة للتقنيات التي تستخدم لمد طبقة الجليد الاصطناعي في ملاعب الهوكي على الجليد، إذ يكفي في موسكو أن تسكب الماء على الأرض، وسيتحول خلال دقائق إلى طبقة جليدية جاهزة لممارسة التزلج والرقص على الجليد. ويبدو المشهد بشكل عام أقرب إلى عالم الحكايات الطيبة عن عيد رأس السنة، وبابا نويل، بفضل الإضاءة الجميلة التي تغطي واجهات جدار الكرملين وواجهة أقدم مركز تجاري في موسكو يطل أيضا ًعلى الساحة الحمراء. وانطلاقاً من مركز المدينة نحو الأحياء السكنية في مختلف الاتجاهات، تنتشر ساحات التزلج على الجليد في كل مكان، تحمل معها دفء العيد.
وكان «العيد الرياضي الشتوي»، واحدة من آخر الفعاليات الاحتفالية التي جرى افتتاحها في مجمع «لوجينيكي» الرياضي في موسكو. على أرض السّاحة المخصصة للحفلات الفنية في ذلك المجمع شيد مهندسون «حديقة التسالي الشتوية»، التي تضم ساحة تزلج على الجليد، وساحات لممارسة رياضات شتوية مثل الكيرلينغ، وسباق السرعة، فضلاً عن مرتفعات ثلجية لممارسة التزلج باللوح على الثلج وغيرها. وبين الساحات تنتشر تماثيل ومجسمات فنية بعضها من الجليد والبعض الآخر ثلجي. وإلى جانب هذا كله انتشرت مجموعة من القلاع الجليدية، تتخلّلها ممرات وأنفاق طويلة تحت طبقات الجليد، التي تبدو مثل جدران زجاجية، تنبعث منها إضاءة فنية بمختلف الألوان، تتراقص على إيقاع موسيقى احتفالية وأغاني الأعياد.