فضيحة تلفيق لصحافي في ألمانيا تهدد مصداقية {دير شبيغل}

الصحافي يخضع لتحقيق وتقاريره ستبقى متوفرة على موقع الصحيفة الإلكتروني حفاظاً على الشفافية (إ.ب.أ)
الصحافي يخضع لتحقيق وتقاريره ستبقى متوفرة على موقع الصحيفة الإلكتروني حفاظاً على الشفافية (إ.ب.أ)
TT

فضيحة تلفيق لصحافي في ألمانيا تهدد مصداقية {دير شبيغل}

الصحافي يخضع لتحقيق وتقاريره ستبقى متوفرة على موقع الصحيفة الإلكتروني حفاظاً على الشفافية (إ.ب.أ)
الصحافي يخضع لتحقيق وتقاريره ستبقى متوفرة على موقع الصحيفة الإلكتروني حفاظاً على الشفافية (إ.ب.أ)

هزت فضيحة الإعلام الألماني آخر الأسبوع الماضي، بعد أن كشفت مجلة «دير شبيغل»، البارزة واسعة الانتشار، أن أحد أبرز صحافييها دأب على اختراع شخصيات وأقوال لتدعيم قصصه طوال السنوات الماضية.
وعبرت المجلة، التي يتابع موقعها الإلكتروني نحو 6 ملايين ونصف المليون قارئ، عن صدمتها الشديدة من هذا الاكتشاف، ونشرت مقالاً طويلاً مفصلاً تشرح فيه كيف كان الصحافي كلاس ريلوتيوس، الذي يبلغ من العمر 33 عاماً، يخترع شخصيات وينسب إليها أقوالاً.
وقالت «دير شبيغل» إن ريلوتيوس، الفائز بـ4 جوائز إعلامية، بينها جائزة «سي إن إن» لـ«صحافي العام» في 2014، قد اعترف بفبركة حيثيات 14 قصة على الأقل كتبها، من أصل 60 نشرت له في المجلة طوال السنوات الماضية. وقبل أيام فقط، فاز الصحافي، الذي أقيل من المجلة، بجائزة «صحافي العام» الألمانية، عن تقرير حول الفتى السوري من درعا، معاوية الصياصنة، الذي كان السبب في إشعال الثورة السورية.
ويروي ريلوتيوس في القصة، التي نشرت في يونيو (حزيران) الماضي، أحاديث دارت بينه وبين الفتى عبر اتصالات أجراها معه عبر خدمة «واتساب»، بينما كان هو في الأردن. ويتحدث الفتى في القصة، التي بات من المؤكد أن ريلوتيوس قد اخترع أجزاء كبيرة منها، عن حياته في الأعوام الـ7 الماضية، منذ أن كتب شعارات ضد الأسد على جدران درعا، وكيف قضى جزءاً من الثورة السورية في السجن.
وأبقت «دير شبيغل» على تقارير ريلوتيوس في أرشيفها على الموقع الإلكتروني، ولكنها أضافت جملة في مقدمة التقارير تشير إلى أن الصحافي يخضع لتحقيق حول تورطه «في تزوير كبير وتلاعب» في الحقائق، وأن تقاريره ستبقى متوفرة في البحث لغاية الانتهاء من التحقيق، حفاظاً على الشفافية.
ومن بين القصص التي كتبها ريلوتيوس قصة فتاة وشقيقها سوريين يعيشان في تركيا في ظروف قاسية، ويعملان تقريباً من دون أجر، بعد أن قتل والداهما في حلب.
وكتبت المجلة على موقعها أن تلك القصة أيضاً تضمنت كثيراً من الحيثيات التي اخترعها الكاتب. وقصة أخرى، كانت تعد من «أنجح» قصصه، تبين أنها تحوي كثيراً من التزوير، تتعلق بمعتقل يمني سابق في سجن غوانتانامو، قال إنه أجرى معه مقابلة.
وبدأت الشكوك تحوم حول ريلوتيوس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد قصة كان يعمل عليها مع صحافي آخر، حول عنصر أمن خاص على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة الأميركية. وشكك زميل ريلوتيوس، ويدعى خوان مورينووي، ويبلغ من العمر 46 عاماً، بعناصر تضمنتها القصة، ورفع الأمر إلى مديري التحرير الذين لم يصدقوه في البداية. وعندما سئل ريلوتيوس عن وقائع ذكرها في القصة، نفى أن تكون مزورة «بشكل مقنع جداً»، كما كتبت «شبيغل».
ولكنه اعترف الأسبوع الماضي بتزويره، بعد تزايد الضغوط عليه، وبعد أن «فقد القدرة على النوم» بسبب أكاذيبه، بحسب ما كتبت «دير شبيغل»، وأضافت على موقعها أنه بعد اعترافه، قال ريلوتيوس إنه «مريض، وبحاجة إلى مساعدة».
وقبل عامين، ثُبت ريلوتيوس في مجلة «دير شبيغل»، وتحول أيضاً إلى محرر داخل المجلة التي تتخذ من هامبورغ مقراً لها. وقبل ذلك، كان ينشر قصصه في صحف مرموقة أخرى في أنحاء ألمانيا، من بينها «فيلت» و«زيت» و«سود دويتشه زيتونغ»، ومجلة «سيكيرو» الفنية الثقافية في برلين، التي نشرت له مقابلات قال إنه أجراها مع نجوم من هوليوود، مثل كريستيان بيل ويواكيم فينكس، والمخرج ستيف ماكوين، وغيرهم ممن قد يتبين لاحقاً أنه لم يجرها فعلاً. وذكّرت فضيحة ريلوتيوس بالصحافي السويسري توم كومر الذي كان ينشر في سويسرا وألمانيا في صحف معروفة مقابلات مع نجوم من هوليوود، مثل براد بيت وشارون ستون ومايك تايسن، وتبين عام 2000 أنها كلها من تلفيقه.
وذكرت «دير شبيغل» في مقالها الاعتذاري أن ريلوتيوس كان يكتب مقابلات لم يجرها بتاتاً، وتفاصيل وصفية لأماكن لم يزرها، ويعتمد في ذلك على فيديوهات يشاهدها على «يوتيوب»، وصور لأماكن، وتصريحات يسمعها على قنوات أخرى أو يقرأها.
وفي حين ذكرت الصحف الأخرى التي نشرت في الماضي تقارير للصحافي أنها تحقق بصدقية مقالاته، أكد معظم الصحف الألمانية صدمتها من الاكتشاف. وكتبت صحيفة «فيلت» أن مصداقية «دير شبيغل» تعرضت لضربة، وأضافت أن «مصداقية الصحافة كلها تضررت»، وتساءلت: كيف تمكن الصحافي من تزوير كل تلك القصص، وتخطي مكتب التدقيق في المعلومات الذي يراجع كل القصص قبل نشرها؟!
ووصفت صحيفة «تاز» ما حصل بأنه أكبر فضيحة في تاريخ الإعلام الألماني، فيما كتبت صحيفة «تاغس شبيغل» أن «خيانة ريلوتيوس لزملائه والقراء يجب أن تكون تحذيراً لمسؤولي التحرير بأن الثقة وحدها، حتى إن كان الصحافي قد كسبها طوال سنوات من العمل، غير كافية»، وتحدثت عن ضرورة التدقيق بكل المعلومات، رغم اعترافها بأنه من الصعب التدقيق بـ«انطباعات الكاتب ومشاهداته»، مشيرة إلى أن هذا ما كان يطبع معظم كتابات ريلوتيوس. وأضافت أنه في هذه الحالات، فإن الأمر يعتمد على أخلاق الصحافي، وإن ريلوتيوس «لم تكن لديه أي أخلاق، بل كان منساقاً لطموح كتابة أفضل التقارير الممكنة».
ومنذ الكشف عن الفضيحة، تعقد إدارة «دير شبيغل» المهتزة اجتماعات لبحث «إنقاذ» ما تبقى من سمعتها، بعد أن نجحت منذ تأسيسها قبل 70 عاماً في فرض نفسها كوسيلة إعلام موثوقة رصينة.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.