السجناء العرب الأكثر قدرة على الهروب في الداخل والخارج

بلجيكا: 299 سجينا هربوا و31 منهم طلقاء

السجناء العرب الأكثر قدرة على الهروب في الداخل والخارج
TT

السجناء العرب الأكثر قدرة على الهروب في الداخل والخارج

السجناء العرب الأكثر قدرة على الهروب في الداخل والخارج

أعلنت الحكومة البلجيكية أنه خلال الفترة من 2007 إلى 2011 نجح 299 سجينا في الهروب من السجون البلجيكية. ولكن وحسب أرقام سبتمبر (أيلول) الماضي، نجحت السلطات في إعادة 268 سجينا منهم مرة أخرى إلى السجون البلجيكية بينما لا يزال هناك 31 سجينا طلقاء حتى اليوم.
جاء ذلك في رد كتابي لوزيرة العدل انيمي تورتلبوم على استجواب داخل البرلمان البلجيكي حول هذا الصدد. وقالت الوزيرة إنها لا تملك أرقاما محددة حول عدد السجناء الذين نجحوا في الهروب إلى الخارج وتم القبض عليهم بالتعاون مع السلطات في دول أخرى تمهيدا لإعادتهم مرة أخرى للسجون. وكانت الفترة ما بين 2007 و2009 قد عرفت تزايدا في حالات الهروب من السجون البلجيكية وارتفع الرقم خلال عام 2007 من 42 إلى 73 شخصا هم الذين نجحوا في الهروب وفي عام 2010 انخفض الرقم إلى 58 سجينا ثم ارتفع مرة أخرى في 2011 ليصل إلى 64 سجينا. والسجناء الذين نجحوا في الهروب خلال عام 2007 جرى إعادتهم جميعا باستثناء سجين واحد بينما لا يزال ستة سجناء هاربين من بين الذين هربوا في عام 2008 وسبعة سجناء من عام 2009 وثمانية من عام 2010 وتسعة سجناء من عام 2011. وفي منتصف عام 2009 تمكن ثلاثة من نزلاء سجن بلجيكي من الهرب بواسطة طائرة هليكوبتر مسروقة.
ومن بين السجناء الهاربين كان هناك شخص من أصول عربية، كان قد هرب من سجن آخر قبل خمس سنوات. ويقول مسؤولون بلجيكيون إن الطائرة حطت في باحة السجن الواقع قرب مدينة بروج الواقعة شمال غربي البلاد، حيث صعد إليها الرجال الثلاثة قبل أن تحلق في الجو. وقد أوصلت الطائرة الرجال الثلاثة إلى طريق سريع يقع على مسافة عشرين كيلومترا من السجن. وقد شوهد السجناء الهاربون وهم يتجهون إلى الساحل البلجيكي على متن سيارة مرسيدس سوداء مسروقة، وذلك بعد أن قاموا بالسطو على محطة للوقود. وجرى اعتقال أحدهم بعد فترة وجيزة في المغرب والآخرين في بلجيكا.
يذكر أن طائرات الهليكوبتر استخدمت عدة مرات في السنوات الأخيرة في محاولات الهروب من السجون، ففي عام 2007 تمكن سجين من أصول عربية من الهرب من سجنه خارج العاصمة البلجيكية بروكسل بعد أن حط مسلحون بطائرة هليكوبتر في باحة السجن ونقلوه معهم. كما استخدم مجرمون فرنسيون هذه الطريقة للهرب أربع مرات على الأقل، كما استخدمت في اليونان أيضا وفي عام 2001 ذكر تقرير لإدارة السجون البلجيكية أن عدد المساجين الذين تمكنوا من الهرب من السجون عام 2000 بلغ 30 سجينا، من بينهم عشرة من المساجين العرب الذين ينتمون جميعا لدولة واحدة من دول شمال أفريقيا. وأشار التقرير وقتها إلى أن عمليات الهروب تمت بطرق مختلفة ولكن هناك عشر حالات هروب نفذت بذكاء وسرعة فائقة، يمثل السجناء العرب ست حالات منها. ورجح التقرير وجودهم في فرنسا لقربها من الحدود البلجيكية.
أما بالنسبة لباقي المساجين فقد تمت عمليات هروبهم بطرق عادية ومعروفة، وتم اكتشافها والقبض على هؤلاء المساجين خلال ساعات أو على الأكثر خلال يوم أو اثنين من هروبهم. وذكر التقرير أيضا أن من أطرف عمليات الهروب التي تمت كانت لسجين عربي عمره 19 سنة ذهب إليه شقيقه الأصغر (10 أعوام) لزيارته واستعمل المسجون بطاقة الزيارة الخاصة بشقيقه وخرج من البوابة الرئيسة للسجن بهدوء من دون أن يتعرف عليه أحد من الحراس. وبعد ساعة اكتشفت إدارة السجن عملية الهرب عندما أراد شقيقه الأصغر الخروج من بوابة السجن، وبعد استجوابه لمدة نصف ساعة سمح لشقيق المسجون الهارب بالخروج لصغر سنه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».