تطور سياسات التدريب في ليفربول... من «غرفة الأحذية» إلى الاستعانة بخبير في رمية التماس

روي إيفانز عام 1985 عندما أشرف على تدريب فريق ليفربول الاحتياطي
روي إيفانز عام 1985 عندما أشرف على تدريب فريق ليفربول الاحتياطي
TT

تطور سياسات التدريب في ليفربول... من «غرفة الأحذية» إلى الاستعانة بخبير في رمية التماس

روي إيفانز عام 1985 عندما أشرف على تدريب فريق ليفربول الاحتياطي
روي إيفانز عام 1985 عندما أشرف على تدريب فريق ليفربول الاحتياطي

من الصعب تخيل محاولة مدرب ليفربول يورغين كلوب إيجاد مكان لنفسه داخل الجدران الضيقة للدولاب الذي كان مخصصاً للمكانس فيما مضى وجرى تعديله لاحقاً والذي اشتهر بعد ذلك على نحو أسطوري ليصبح غرفة الأحذية داخل استاد أنفيلد. وبالتأكيد ليست هناك مساحة كافية داخل هذه الغرفة الشهيرة لاستيعاب كلوب وفريق العمل المعاون له الذي عمل على تجميع عناصره منذ توليه مسؤولية تدريب الفريق عام 2015.
واللافت أن المدرب يحظى بمساعد متخصص في كل جزئية تتعلق بكرة القدم ـ بما في ذلك مدرب معني برمية التماس، وهو توماس غرونمارك، والذي اتخذ النادي الأسبوع الماضي قراراً بتمديد تعاقده ـ لكن مثلما فعل المدرب بيل شانكلي منذ 60 عاماً ماضية، فإن كلوب أقر فوراً دونما إبطاء بالدور المحوري الذي يضطلع به فريق العمل المعاون له في إعداد لاعبي ليفربول، واعترف بأنه: «لا شيء من دونهم».
من ناحيته، أدرك شانكلي جيداً مثل هذا الشعور. وعندما نجح ليفربول في الصعود من الدرجة الثانية القديمة ببطولة الدوري موسم 1961 - 1962. سارع إلى توجيه الشكر لمساعديه. وقال: «من دون معاونة روبين بينيت وجو فاغان وألبرت شيلي وبوب بايسلي، لم نكن لنحقق شيئا»، وذلك خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة «ليفربول إكو». ومثل كلوب، عمل شانكلي مع مجموعة مثيرة للفضول من المساعدين الموثوق بهم. وربما يمثل شيلي الشخصية الأكثر إثارة للفضول بينهم، خاصة أنه لم يكن معروفاً خارج حدود أنفيلد ولم يشارك في جهود التدريب، وإنما ظل لعقود يحوم حول النادي وتحول إلى رجل المهام الغريبة.
في هذا الصدد، قال بيتر هوتون، مؤلف كتاب «فتيان غرفة الأحذية» («ذي بوت روم بويز»): «كان متطوعاً، ولم يكن حتى مقيداً في سجلات الأجور. وقد تحول عشقه للنادي إلى شغف ورغب في الوجود باستمرار داخل النادي والمشاركة في نشاطاته بأي شكل، ولم يناقش أحد قط هذا الأمر». ونظراً لكونه جزءاً أصيلاً من نسيج النادي، أصر شانكلي على ضمه إلى الدائرة الضيقة المعاونة له. أما الثلاثة الآخرون، فكانت لديهم أدوار محددة على نحو أكبر للاضطلاع بها. بالنسبة لبينيت الصارم، فقد أبدى عزماً لا يلين تجاه تحسين مستوى اللياقة البدنية للاعبين. أما بايسلي، فشارك على نحو مباشر بدرجة أكبر في الجانب التدريبي على مدار عامين قبل وصول شانكلي، بجانب مهارته في تحديد الصفقات الناجحة المحتملة فيما يخص انتقالات اللاعبين.
عندما استعان النادي بشانكلي لتدريب الفريق عام 1959. تحسب الأربعة الأصليون للأسوأ بعد أن جرى استدعائهم للتحدث إلى المدرب الجديد. وسرعان ما طمأنهم شاكلي بأن وظائفهم في أمان. وقال شانكلي: «بعض المدربين يحضرون برفقتهم مجموعة من المقربين منهم، لكنني لست من هؤلاء. أنا أتبع نظامي الخاص وسوف أعمل هنا بالتعاون معكم».
وقد اجتمعوا جميعاً داخل غرفة الأحذية في أنفيلد لرسم ملامح مستقبل النادي وكيفية تحقيق هدفهم بدفع النادي نحو الهيمنة على الكرة الإنجليزية والأوروبية خلال الفترة القادمة. وداخل هذه المساحة شديدة الضيق، تدفقت المعرفة والمصطلحات الكروية، بينما تكدست أدوات التدريب. وتحولت الغرفة إلى ما يشبه الملاذ الذي يجري بداخله صياغة الاستراتيجيات وتنقيحها في وقت دخل ليفربول عصره الذهبي خلال سبعينات والثمانينات القرن الماضي.
من ناحيته، كان لدى المدرب روي إيفانز وجهة نظر فريدة إزاء غرفة الأحذية والتدريب بوجه عام داخل ليفربول. وكان إيفانز من عشاق النادي في صباه، وانضم إلى صفوفه في فترة المراهقة، ولعب في صفوف الفريق الأول، ثم عمل مساعد مدرب ومدربا. خلال مسيرته داخل الملاعب، لم يتمكن إيفانز من الوصول إلى مستوى نجومية اللاعبين الكبار، ذلك أنه لم يشارك سوى في تسعة مباريات بالدوري الممتاز مع ليفربول على امتداد سنوات كثيرة. وعندما حل بايسلي محل شانكلي عام 1974. دخل إيفانز غرفة الأحذية وحقق نجاحاً كبيراً في منصب مدرب فريق الاحتياطي. وفاز النادي بدوري الاحتياط سبعة مرات في غضون تسعة سنوات، وكان لإيفانز الفضل وراء تقديم لاعبين عظماء للنادي أمثال إيان راش وروني ويلان وسامي لي.
في الواقع، لا يصدم التوجه الذي اتخذه ليفربول آنذاك تجاه الإصابات أمام المعايير الحديثة. من جهته، قال هوتون: «خلال الفترة الأولى له، عمل بوب بايسلي في دور اختصاصي العلاج الطبيعي رغم أنه لم يكن مدرباً للاضطلاع به. واعتاد تومي سميث القول بأن بايسلي لم يكن يعرف كيف تعمل الأجهزة، لذلك كان متحفظاً بعض الشيء إزاء استخدام أي نمط علاج يتطلب صدمة كهربية». في الواقع، يبدو هذا الوضع بعيد بملايين السنوات الضوئية عن البيئة الكروية الحالية، حيث يحظى الطبيب الحالي للفريق، آندي ماسي، بفريق طبي مدرب يتألف من 24 فرداً يعاونه العديد من المدربين المتخصصين بمجال اللياقة البدنية واثنين من المتخصصين في التدليك وخبير تغذية.
وقال إيفانز: «كنا جميعاً نشارك في جلسات التدريب على جميع المستويات المختلفة في أوقات مختلفة. وكنت أنا وجو فاغان وروني موران نحمل المعدات إلى المنزل لتنظيفها. إلا أن أحداً منا لم يكن لدية شارة تدريب».
ورغم إقرار إيفانز بالحاجة لمتخصصين في كرة القدم الحديثة، فإنه أكد أن بساطة غرفة الأحذية خدمتهم كثيراً. وقال: «كان هناك أربعة أو خمسة منا يضطلعون بجميع تلك الوظائف المختلفة التي يضطلع بها اليوم ما بين 15 و20 فرداً. ويتمثل الجانب الإيجابي في ذلك بالنسبة للمدرب في أنه سيضطر للإنصات إلى عدد محدود من الآراء. بعض الأحيان، كلما زاد عدد الأفراد من حولك، تزداد صعوبة عملية صنع القرار».
وقال إيفانز بأنه استفاد من الاستقلالية التي منح إياها أثناء توليه مسؤولية فريق الاحتياطي. وذكر أنه: «سمحوا لي بالمضي قدماً في الأمر بالطريقة التي تحلو لي. لذا، توليت مسؤولية جميع اللاعبين غير المشاركين في الفريق الأول. لو كنت في الـ16 وتلعب بصورة جيدة بما يكفي، كنت تنتقل للفريق الأول وتلعب في مواجهة رجال بالغين. وأثمر ذلك لاعبين أفضل لا يهابون الموقف عندما يجري تصعيدهم إلى الفريق الأول». أما اليوم، فإن لاعبي الأكاديمية نادراً ما يشاركون في مباريات خارج الفئة العمرية التي ينتمون إليها، وبالتالي لا يحصلون على فرصة الاختلاط بلاعبين أكثر خبرة.
وشكل رحيل إيفانز عن ليفربول في نوفمبر (تشرين الثاني) 1998 النهاية الفعلية لحقبة غرفة الأحذية. ورغم أن كلوب لا يبدو في طريقه نحو ابتكار غرفة أحذية جديدة في المستقبل القريب، فإنه يعي جيداً أن مهمة تدريب فريق ما هي مهمة يضطلع بها فريق عمل كامل. وعن ذلك، قال: «أشعر بأني محظوظ للغاية للدعم الذي أحظى به من جانب بيب ليندرز (مدرب الفريق الأول) وبيتر كرويتز (مساعد المدرب)، وكذلك جون أكتربرغ (مدرب حراس المرمى) وأندرياس كورنماير (رئيس شؤون اللياقة البدنية) وعدد آخر لا يحصى من العاملين داخل ميلوود ملعب تدريب ليفربول ممن يضطلعون بأدوار حيوية بالنسبة لنا». وبذلك يتضح أن الأسماء والألقاب والأعداد ربما تبدلت، لكن يبقى المبدأ الجوهري دونما تغيير.


مقالات ذات صلة

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

رياضة عالمية أموريم عمل على توجيه لاعبي يونايتد أكثر من مرة خلال المباراة ضد إيبسويتش لكن الأخطاء تكررت (رويترز)

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

أصبح أموريم ثاني مدير فني بتاريخ الدوري الإنجليزي يسجل فريقه هدفاً خلال أول دقيقتين لكنه لم يفلح في الخروج فائزاً

رياضة عالمية ساوثغيت (أ.ب)

ساوثغيت: لن أقصر خياراتي المستقبلية على العودة إلى التدريب

يقول غاريث ساوثغيت إنه «لا يقصر خياراته المستقبلية» على العودة إلى تدريب كرة القدم فقط.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية النتائج المالية شهدت انخفاض إجمالي إيرادات يونايتد إلى 143.1 مليون جنيه إسترليني (رويترز)

مانشستر يونايتد يحقق نحو 11 مليون دولار في «الربع الأول من 2025»

حقق مانشستر يونايتد أرباحاً خلال الربع الأول من «موسم 2024 - 2025»، رغم إنفاق 8.6 مليون جنيه إسترليني (10.8 مليون دولار) تكاليفَ استثنائية.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية أندريه أونانا (رويترز)

أونانا حارس يونايتد يفوز بجائزة إنسانية لعمله الخيري في الكاميرون

فاز أندريه أونانا حارس مرمى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بجائزة الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) لإسهاماته الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية سجل صلاح 29 % من إجمالي أهداف ليفربول هذا الموسم (أ.ف.ب)

محمد صلاح... الأرقام تؤكد أنه يستحق عقداً جديداً مع ليفربول

لطالما كانت مجموعة فينواي الرياضية تتمحور حول الأرقام.

The Athletic (لندن)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».