الأنغكلونغ وطائر غارودا الأسطوري ينقلان تراث إندونيسيا إلى مهرجان الجنادرية

استعرض رحلة الحج الإندونيسية وتاريخ العلاقات الثنائية مع السعودية

الجناح الإندونيسي من الخارج (تصوير: عبد الهادي حبتور)
الجناح الإندونيسي من الخارج (تصوير: عبد الهادي حبتور)
TT

الأنغكلونغ وطائر غارودا الأسطوري ينقلان تراث إندونيسيا إلى مهرجان الجنادرية

الجناح الإندونيسي من الخارج (تصوير: عبد الهادي حبتور)
الجناح الإندونيسي من الخارج (تصوير: عبد الهادي حبتور)

عبر عرض آلة الأنغكلونغ الموسيقية التي يشتهر بها أهالي جاوة الغربية، والبيت التقليدي لسكان توراجا جنوب شرقي سولاويسي، وجلب السونكيت الديباجي الذي ينسج يدوياً، إلى جانب عرض مجسم لطائر غارودا الأسطوري لدى مجتمع بالي، عمدت إندونيسيا ضيف شرف مهرجان (الجنادرية) إلى تعريف السعوديين بتراثها وثقافتها وموروثها الشعبي.
ولأن المملكة العربية السعودية تعني بالنسبة لإندونيسيا بلد المقدسات الإسلامية مكة المكرمة والمدينة المنورة، استعرض الجناح الإندونيسي بالجنادرية أيضاً رحلة الحج الإندونيسي والمراحل التي عاشها الحجاج بدءاً من السفر حتى الوصول والتخييم في الأراضي المقدسة.
حفل جناح ضيف الشرف كذلك بأبرز اللحظات التاريخية في العلاقات الثنائية بين إندونيسيا والمملكة العربية السعودية، وزيارات ملوك السعودية لإندونيسيا، بالإضافة إلى زيارات رؤساء إندونيسيا للمملكة وأهم الاجتماعات بين القيادتين.
ويوجد على مدخل الجناح الإندونيسي صورتان عملاقتان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الإندونيسي جوكو ويدودودو تعبيراً عن امتنان إندونيسيا لاستضافتها كضيف شرف لهذا العام في مهرجان الجنادرية الوطني السعودي.
يبدأ الجناح باستعراض تاريخ رحلة الحج الإندونيسي والعلاقات الثنائية، حيث يشير إلى رحلة مغادرة الحجاج إندونيسيا واستخدامهم لأول مرة الطائرة بعد تحطم السفن الخاصة بنقل الحجاج في عام 1952م، وعبر الحجاج حينها عن اندهاشهم كيف أن الرحلة بالطائرة تأخذ يومين ونصف فقط. وأوضح مسؤول في الجناح الإندونيسي إلى أن آخر مرة غادر المواطنون الإندونيسيون للحج باستخدام السفينة كان في عام 1979، وتابع: «إذا ما تم مقارنة رحلة الحج اليوم بما كان يحدث في الماضي فإن ملايين الحجاج يؤدون المناسك بيسر وسلام سواء رحلة السفر أو أداء المناسك في المشاعر المقدسة والخدمات العظيمة التي تقدمها السعودية».
وفي إطار السرد التاريخي الذي يقدمه الجناح، يشير إلى وقت مبكر من صباح يوم 18 يوليو (تموز) 1955 عندما كان ميدان كيمايوران مكتظاً بالآلاف من الأشخاص الذين انتظروا مشاهدة مغادرة الرئيس سوكارنو مع الوفد المرافق إلى مكة المكرمة، مبيناً أنه عندما وصل الرئيس سوكارنو مع الوفد المرافق له المدينة المنورة حصل على فرصة لرؤية قبر النبي محمد عليه الصلاة والسلام من الداخل، ثم قام برحلات إلى مكة المكرمة وعرفات ومنى، واستقبل الطلبة الإندونيسيين، وزار مخيمات الحجاج في مكة، وأعطاه ملك السعودية سيارة كرايسلر كراون إمبريال لاستخدامها أثناء وجوده في السعودية.
الجناح الإندونيسي عرض بشكل متدرج تراث المقاطعات الإندونيسية المختلفة من صناعات يدوية، وملابس تقليدية، ومنتجات زراعية، ومن ذلك الأنغكلونغ وهي آلة موسيقية من منطقة جاوة الغربية مصنوعة من بامبو، والبيت التقليدي الذي يمثل منطقة توراجا جنوب شرقي سولاويسي، إلى جانب السونكيت وهو نوع من المنسوج الديباجي من منطقة مينانغكاباو وتم نسجه يدوياً، وأخيراً مجسم طائر غارودا الأسطورية لدى مجتمع بالي.
وعند التطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين، يبرز الجناح الإندونيسي فيديو للرئيس جوكو ويدودودو عندما التقط سيلفي فيديو مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال مأدبة غداء في قصر بوغور الأول من (مارس) 2017.
ويتحدث الرصد بأنه منذ عام 1970 لم يكن هناك مزيد من الزيارات من قبل ملوك المملكة العربية السعودية إلى إندونيسيا ورغم ذلك قام الكثير من الرؤساء الإندونيسيين بزيارة المملكة لفترة وجيزة والتقوا بملوك المملكة وهم الرئيس عبد الرحمن وحيد، والرئيسة ميغاواتي سوكارنو بوتري، والرئيس سوسيلو بامبانغ يودويونو. كما سلط الجناح الضوء على زيارة الملك فيصل إلى إندونيسيا في العاشر من يونيو (حزيران) 1970 وكان في استقباله حينها الرئيس سوهارتو في قصر ميرديكا، ناقلاً أجواء اجتماع اللجنة الذي عقد في مبنى (دوب ورنا) بمدينة باندونغ، حيث انعقد اجتماع اللجنة السياسية الذي حضره رؤساء الوفود وتم انتخاب رئيس الوزراء الإندونيسي علي سستروا أميجويو رئيساً للدورة. ونقل الاستعراض التاريخي أيضاً التقاط الملك فيصل صوراً تذكارية على هامش مؤتمر آسيا وأفريقيا لعام 1955 بمقر رئيس جمهورية الصين الشعبية شو إن لاي، وكان من أبرز الشخصيات في هذه الصور حرم رئيس الوزراء الصيني شو إن لاي، وكريمة رئيس الوزراء جواهر لي نهرو (الهند) إنديرا غاندي.
وكانت الوزيرة المنسقة للتنمية البشرية والثقافية بالجمهورية الإندونيسية، بوان مهاراني، قالت في كلمة الدولة الضيف، إن مهرجان الجنادرية مناسبة سنوية تجمع ثراء التراث الثقافي للمملكة العربية السعودية، وفرصة سانحة للتعمق بمعرفة كل جانب من جوانب الثقافة في المملكة، مؤكدة عزم الحكومة الإندونيسية على استغلال فعاليات هذا المهرجان على النحو الأمثل في إبراز ثراء تراثها الثقافي تحت شعار الوحدة في التنوع من أجل تعزيز الاعتدال والسلام العالمي.
وأوضحت أن إندونيسيا يوجد فيها أكثر من 17 ألف جزيرة، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 260 مليون نسمة، وتستوعب أكثر من 714 مجموعة عرقية بثقافاتها ولغاتها المختلفة، وشعارها الوطني «الوحدة في التنوع» الذي يعبر عن التنوع الشديد الذي يشكل البلاد، وأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان المسلمين، إلى جانب احتضانها خمس ديانات أخرى.


مقالات ذات صلة

تأجيل مهرجان الجنادرية إلى العام المقبل بسبب تداعيات «كورونا»

يوميات الشرق تأجيل مهرجان الجنادرية إلى العام المقبل بسبب تداعيات «كورونا»

تأجيل مهرجان الجنادرية إلى العام المقبل بسبب تداعيات «كورونا»

أعلنت وزارة الثقافة عن تأجيل موعد انعقاد المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» إلى الربع الأول من عام 2021م، في حال كانت الظروف الصحية مواتية لحضور تجمعات بشرية كبيرة مثل التي يمتاز بها مهرجان شعبي بحجم مهرجان الجنادرية، وجاء التأجيل حرصاً على سلامة زوار المهرجان، وتنفيذاً لقرارات الدولة المتعلقة بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس «كورونا» المستجد ولحفظ أفراد المجتمع من تداعياته. وكانت وزارة الثقافة قد حددت سابقاً شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020م موعداً لإقامة أول دورة من مهرجان الجنادرية تتولى إدارتها الوزارة بعد قرار مجلس الوزراء رقم 645 المتضمن نقل مهمة إقامة وتنظيم المهرجان من وزا

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «الثقافة» السعودية تحدد نوفمبر 2020 موعداً للانطلاقة الجديدة لـ«الجنادرية»

«الثقافة» السعودية تحدد نوفمبر 2020 موعداً للانطلاقة الجديدة لـ«الجنادرية»

حددت وزارة الثقافة شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، من عام 2020م موعداً للانطلاقة الجديدة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» بعد تسلمها مهمة الإشراف على المهرجان من وزارة الحرس الوطني في شهر يوليو (تموز) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق القرية التراثية بالجنادرية تقدم للزوار الكثير من الفعاليات والأنشطة الجديدة المنفذة داخل الأجنحة المشاركة وقرى مناطق المملكة (واس)

الجنادرية... السعوديون يستحضرون التاريخ وعيونهم على المستقبل

منذ الثانية بعد ظهر أمس الذي تميز بطقس معتدل، توافد مئات السعوديين كباراً وصغاراً على شمال العاصمة الرياض لحضور فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية في دورته الثالثة والثلاثين، الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أول من أمس. وفور دخول الزائر منطقة المهرجان، الذي افتتح تحت شعار «وفاء وولاء»، تستقبله لوحة فنية وتراثية وتاريخية تمثل موروث مختلف مناطق المملكة العربية السعودية من فنون شعبية، حرف يدوية، أكلات شعبية، طرز معمارية، وغيرها من الخريطة التاريخية الغنية والمتنوعة للجزيرة العربية وسكانها. التعرف على الماضي وعبقه، لم يمنع السعوديين من التطلع للمستقبل وآ

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق حرفي هندي يعرض لزوار الجناح بعض المواد اليدوية التي أنتجها  (تصوير: خالد الخميس)

حضارة القارة الهندية وتاريخها في قلب الجنادرية

في قلب القرية التراثية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 32) تبرز حضارة الهند، ضيف شرف المهرجان في دورته الحالية، بتاريخها العريق وارتباطها بالجزيرة العربية منذ قرون، فمن خلال المساحة التي خصصها منظمو المهرجان، حرصت الهند على نشر تاريخها العريق، إضافة إلى ارتباطها الوثيق بالسعودية وقوة شراكاتهما في مختلف المجالات. وعلى أروقة الجناح تبرز كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، التي وجهها أثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي للسعودية عام 2016، جاء فيها «نحن واثقون أن محادثاتنا ستعزز علاقاتنا في مختلف المجالات من أجل تحقيق الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا لخدمة المصالح المشتركة»

نايف الرشيد (الجنادرية)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».