موسكو تدعو للعودة إلى «الصيغ الجماعية» للتسوية الشرق أوسطية

خادم الحرمين يؤكد دعم المملكة الدائم والثابت للقضية الفلسطينية

لافروف مستقبلاً المالكي (إ.ب.أ)
لافروف مستقبلاً المالكي (إ.ب.أ)
TT

موسكو تدعو للعودة إلى «الصيغ الجماعية» للتسوية الشرق أوسطية

لافروف مستقبلاً المالكي (إ.ب.أ)
لافروف مستقبلاً المالكي (إ.ب.أ)

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على موقف المملكة الدائم والثابت من القضية الفلسطينية والداعم للحقوق الفلسطينية المشروعة، في اتصال هاتفي تلقاه يوم أمس من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
واستعرض الملك سلمان والرئيس عباس خلال الاتصال مستجدات الأوضاع على الساحة الفلسطينية.
على صعيد آخر, أكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، على ضرورة العودة إلى «الصيغ الجماعية» في جهود تسوية الصراع في الشرق الأوسط. واستبعد بعد محادثات أجراها أمس، في موسكو، مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي إمكانية التوصل إلى اتفاق من دون «الدور المهم للولايات المتحدة»، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن «واشنطن لن تنجح بمفردها» في تسوية الأزمة المستعصية.
وبدا أن حديث الوزير الروسي «تضمن تعليقاً على دعوات فلسطينية لطرح مبادرة جديدة لإخراج الوضع في الشرق الأوسط من حال الجمود الحالية، بسبب القرارات الأميركية الأخيرة والتشدد الإسرائيلي»، وفقاً لمصدر دبلوماسي عربي في موسكو قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الجانب الفلسطيني يأمل في أن تستخدم روسيا الزخم الذي راكمته خلال المرحلة الأخيرة من خلال تعزيز حضورها في المنطقة، لمحاولة طرح أفكار أو مبادرات جديدة لدفع الحل السياسي على مسار العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية.
وأوضح الدبلوماسي أن موسكو «لا ترغب في التسرع في طرح أفكار قبل اتضاح جوهر الرؤية الأميركية التي طال الحديث بشأنها»، في إشارة إلى ما بات يعرف باسم «صفقة القرن» التي كان الروس أعلنوا أكثر من مرة أنهم لم يطلعوا على مضمونها أو على التحضيرات التي تقوم بها واشنطن لطرحها كمبادرة.
وفي إشارة مباشرة إلى ذلك، قال الوزير الروسي، أمس، إن الولايات المتحدة «لن تستطيع تحقيق التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية وحدها، ولا بد من العودة إلى الصيغ الجماعية للبحث عن الحل، ومسار الرباعية الدولية بالتنسيق الوثيق مع جامعة الدول العربية».
وأقر لافروف أن تسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي «غير ممكنة من دون الولايات المتحدة» التي وصفها بأن لها «دوراً مهماً»، لكنه زاد أن الأخيرة «لن تنجح في ذلك بمفردها».
وفي انتقاد مبطن للولايات المتحدة ولتحركات إسرائيل الأخيرة، أعرب لافروف عن قلق بلاده مما وصفها بـ«محاولات تقويض وإفشال الأسس والمرجعيات الدولية في تسوية القضية الفلسطينية الإسرائيلية، بما في ذلك القرارات الملزمة للأمم المتحدة».
كما رأى لافروف أن غياب الوحدة الفلسطينية يشكل عنصراً معرقلاً لإحراز أي تقدم على صعيد جهود دفع التسوية السياسية في المنطقة. وزاد أن «مبادرتنا لعقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي لا تزال على الطاولة، وهناك أمور كثيرة يمكن أن تُبحث، ما يعرقل إجراء هذا اللقاء هو غياب الوحدة الفلسطينية، ما يحتم توحيد صف الشعب الفلسطيني تحت مظلة الشرعية في رام الله».
وأكد المالكي في مؤتمر صحافي مشترك للوزيرين، رفض الجانب الفلسطيني «أي دور احتكاري للولايات المتحدة في العملية السياسية بسبب انحيازها الكامل لإسرائيل»، مشيراً إلى أهمية «تشكيل إطار متعدد الأطراف لتفعيل عملية السلام».
وقال إن مباحثاته مع لافروف تناولت مسألة استعادة وحدة الصف الفلسطيني، وعبّر عن ترحيب رام الله بكل جهد روسي «لإقناع حركة حماس بضرورة الالتزام باتفاق أكتوبر (تشرين الأول) 2017 والعمل على تنفيذه من أجل إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي بشكل كامل والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية».
وكان نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، جدد استعداد موسكو لتنظيم لقاء يجمع ممثلين عن حركتي فتح وحماس بهدف دعم جهود المصالحة. وقال بوغدانوف إن بلاده وجهت دعوة لزعيم حركة حماس إسماعيل هنية لزيارة موسكو، موضحاً أن الزيارة ستتم على الأرجح «ليس الأسبوع المقبل كما كان متوقعاً. بل في بداية مطلع العام الجديد».
وفي إشارة إلى أن الدعوة موجهة لإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين الفلسطينيين، قال بوغدانوف: «يجري الآن بحث موعد يناسب الطرفين لتشكيل وفديهما، وعلى هنية الآن أن يحدد أعضاء وفده... لقد أعربنا عن بعض رغباتنا في هذا الصدد، ونحن ننتظر».
وأبلغ «الشرق الأوسط» مصدرٌ مقربٌ من «حماس» في موسكو، أن وفد الحركة سوف يضم الصف الأول من قيادتها، بما في ذلك مسؤولها في قطاع غزة يحيى السينوار ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية. لكنه تجنب تحديد أجندة اللقاءات المنتظرة، مشيراً إلى أن هذا الأمر قيد التحضير حالياً.
وكان لافتاً في سياق مناقشة الملف الفلسطيني أن لافروف تعمد الإشارة إلى أهمية «عدم النظر إلى كل مشكلات الشرق الأوسط من زاوية الصراع مع إيران»، ورأى أن هذا المدخل «يغرق القضية الفلسطينية وسط محن جديدة، وأكثر إيلاماً، ستشهدها المنطقة».
وكان المالكي استبق اللقاء مع لافروف بتأكيد حرص القيادة الفلسطينية على دعم أي جهد تقوم به موسكو لدفع ملف المصالحة، وزاد في مقابلة تلفزيونية مع قناة «آر تي» الروسية: «لا ضير من وجهة نظرنا في أن تحاول القيادة الروسية المساهمة قدر الإمكان في رص الصفوف لتعزيز الجهد باتجاه المصالحة... أي جهود إضافية مساندة تدعم الجهود المصرية نحن نرحب بها مع معرفتنا السابقة بأن مواقف قيادة (حماس) متشنجة وأفشلت كل الجهود السابقة وسوف تفشل أي جهود أخرى».
وزاد الوزير أن السلطة الفلسطينية ستقبل بـ«صفقة القرن» التي تنوي واشنطن طرحها، إن كانت تحفظ الحقوق الأساسية للفلسطينيين. وعلق على تحذير المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي من رفض «صفقة القرن»، مشيراً إلى أن هذا التحذير «يعكس الغباء الحقيقي الذي تمثله نيكي هايلي وحتى القيادة الأميركية».
وأوضح أنه «يجب ألا يحذروننا من رفض صفقة لم نر تفاصيلها بعد. كيف نقبل بصفقة لم نرها؟ وإن لم تتوافق مع حقوقنا الأساسية بالتأكيد سنرفضها، وإن كانت تتوافق مع حقوقنا الأساسية، تنهي الاحتلال وتسمح بإقامة الدولة الفلسطينية، فسوف نقبل بها».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.