«اللقاء الديمقراطي»: مقتضيات المرحلة تستوجب وضع التجاذبات السياسية جانباً

النائب طعمة قال إن التواصل مع «حزب الله» على خلفية «تنظيم الخلافات»

TT

«اللقاء الديمقراطي»: مقتضيات المرحلة تستوجب وضع التجاذبات السياسية جانباً

يضع «اللقاء الديمقراطي» الخلافات السياسية جانباً في مقاربته القضايا اللبنانية خلال هذه المرحلة الدقيقة، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي اللذين يتصدّران لقاءات كتلته النيابية مع المسؤولين والمرجعيات السياسية والحزبية.
وسلَّم «اللقاء الديمقراطي»، أول من أمس، الورقة الاقتصادية التي أعدها «الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل.
وقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل عضو «التيار»: «اتفقنا على المرحلة المقبلة، وأن يكون هناك تعاون بشكل أقرب بيننا وبين (الحزب التقدمي الاشتراكي) وكتلة (اللقاء الديمقراطي) في الملفات الحكومية، وتعاون مع الحكومة التي نتمنى تشكيلها بأسرع وقت ممكن، كذلك الأمر في الملفات التشريعية والورشة التشريعية الحاصلة في مجلس النواب».
وسبق اجتماع وفد «الاشتراكي» بـ«الوطني الحر»، اجتماع عقد يوم الاثنين الماضي، بين وفد «الاشتراكي» برئاسة تيمور جنبلاط، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (كتلة «حزب الله» النيابية). وعرض «اللقاء الديمقراطي» الورقة الاقتصادية التي أعدها من أجل إنقاذ الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، شارحاً الحيثيات وطالباً من الحزب مناقشتها، للتوصل إلى موقف موحد، مؤكّداً في الآن نفسه ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة.
من جهته، أثنى النائب محمد رعد، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، على هذه المبادرة، وعدّ أنّ «مساحة التقاطع واسعة ويمكن أن يبنى عليها للإنقاذ».
يأتي هذا الحراك في موازاة العمل على تكريس الاستقرار في الجبل بعد حادثة «الجاهلية» التي أودت بحياة مرافق رئيس «حزب التوحيد العربي» وئام وهاب، خلال مواجهة مع القوى الأمنية، وهو ما يؤكد عليه عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ذكّر نعمة بالمثل الشائع في لبنان: «إذا كان الجبل بخير... يكون لبنان بألف خير»، لافتاً إلى أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أدرك خطورة ما جرى في الجبل، وما أعد له من فتن لإحداث شرخ بين أبنائه؛ «ما دفعه إلى التحرك سريعاً لمعالجة هذه التطورات، معتمدا على دور الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية للحفاظ على أمن واستقرار الجبل».
وهنا يلفت طعمة إلى أن التواصل بين «الحزب الاشتراكي» و«حزب الله» جاء على خلفية هذه التطورات، وبما يمكن اختصاره بـ«تنظيم الخلافات بينهما»، في معزل عن التباينات السياسية حيال أمور كثيرة، مشددا على أن «مقتضيات المرحلة تستوجب العمل على أمن أهلنا في الجبل، بعيداً عن كل الاعتبارات والخلافات، وهذا ما هدف إليه جنبلاط. والآن الأمور هادئة والخلاف السياسي أمر طبيعي في لبنان، لكن يبقى الأهم ألا يتحول إلى عنف ومواجهات في الشارع».
وحول حراك «اللقاء الديمقراطي» باتجاه الرؤساء والمرجعيات السياسية والروحية، يؤكد النائب طعمة أن «اللقاء الديمقراطي» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، «يحرصان على كل ما يحصن الساحة اللبنانية الداخلية أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، على الصعد كافة، وقد ساهما بشكل أساسي في تمرير الاستحقاقات الدستورية رغم الملاحظات أو التباينات التي كانت لديهما، من أجل عدم حصول أي فراغ في أي موقع رئاسي، لأنهما يدركان مخاطر ذلك، ومن هذا المنطلق يأتي تحرك (اللقاء الديمقراطي) في هذه المرحلة، على خلفية القلق الذي ينتاب رئيس (الحزب التقدمي) وليد جنبلاط من ظروف البلد السيئة».
وهذا الواقع في هذه المرحلة يتطلّب؛ وفق طعمة «حكومة طوارئ اقتصادية قبل فوات الأوان، لأن الأرقام التي تعكس أوضاع لبنان الاجتماعية الصعبة والبطالة المستشرية، وهجرة الشباب وغياب فرص العمل، لا بد من أن تدفعنا إلى التنازل عن المكاسب الآنية والمصالح الشخصية، لأن مصلحة البلد وأهله فوق كل اعتبار».
ويلفت إلى «خريطة طريق وضعها (الحزب الاشتراكي) لتتماشى وتنسجم مع الأجواء الصعبة التي يجتازها لبنان، وتحديداً على المسارات الاقتصادية، وذلك في سلسلة حلول ومخارج لهذه الأزمة، هي التي قدّمها إلى المسؤولين خلال لقاءاته الأخيرة معهم».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».