فرنسا تتريث في كشف مصير وحداتها بعد انسحاب أميركا

TT

فرنسا تتريث في كشف مصير وحداتها بعد انسحاب أميركا

تتحفظ باريس حتى الآن عن إعلان موقف واضح بشأن بقاء أو رحيل قواتها الموجودة في شمال شرقي سوريا، بعد خروج القوات الأميركية بموجب قرار الرئيس دونالد ترمب.
ورفضت وزيرة الدفاع فلورانس باريس، الإجابة عن سؤال بهذا المعنى، في مقابلة إذاعية صباح أمس، الأمر الذي عكس، حسب المحللين، إما إرباكاً أو كسباً للوقت بانتظار بلورة موقف على ضوء التفاصيل التي ستحصل عليها باريس من الجانب الأميركي. وعُلم أن مشاورات مكثفة عسكرية ودبلوماسية تُجرى بين الجانبين على كل المستويات، من بينها الاتصال الهاتفي بين الرئيس إيمانويل ماكرون ودونالد ترمب قبل كشف الأخير عن قراره سحب الألفي جندي من شمال شرقي سوريا.
وتتعرض باريس لضغوط سياسية من جانب «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يمكن اعتبارها «الخاسر الأكبر» من القرار الأميركي. وكان لافتاً أن وفداً من جناحها السياسي «مجلس سوريا الديمقراطية» أجرى أمس محادثات مع المسؤولين الفرنسيين، بمن فيهم قصر الإليزيه، ولكن ليس مع الرئيس مانويل ماكرون الذي يزور تشاد حالياً.
وكشفت إلهام أحمد، عضو الوفد، المطلبين اللذين رُفعا إلى المسؤولين الفرنسيين، وهما: توفير الدعم الدبلوماسي الفرنسي لدفع تركيا لـ«الإقلاع عن تهديداتها» باجتياح المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، والإبقاء على وجود القوات الفرنسية في هذه المناطق «حتى التوصل إلى حل سياسي».
ولوحت أحمد بانسحاب «قوات سوريا الديمقراطية» من ميدان المواجهة مع «داعش»، وإعادة الانتشار على خط الحدود مع تركيا لحماية مناطقها من اجتياح تركي، والتحذير من عجزها عن الاحتفاظ بالمتطرفين الغربيين والأجانب الذين قبضت عليهم، الأمر الذي من شأنه إثارة مخاوف العواصم الغربية التي لا تريد بأي حال أن ترى هؤلاء يعودون إلى بلادهم.
وقال مراقبون إن تحذير الوفد «ضرب على الوتر الحساس الذي تتردد ترجيعاته في المواقف الفرنسية». وجددت وزيرة الدفاع أن الحرب على «داعش» لم تنته، وأن أمام التحالف الدولي «مهمة يتعين عليه إنجازها»، والإشارة إلى أن قرار ترمب «ثقيل الوقع» من شأنه أن «يدخل تغييراً عميقاً على المعادلة» في سوريا.
ويعتقد أن باريس قلقة من «الفراغ العسكري والسياسي» الناتج عن خسارة الورقة الأميركية وما لذلك من تداعيات على مستقبل الوضع في سوريا وعلى صورة الحل السياسي. وتريد باريس انسحاباً أميركياً متدرجاً، وهو ما أشارت إليه الوزيرة الفرنسية بقولها إن فرنسا ستراقب «كيف سينسحب الأميركيون وسبل تنفيذ هذا الانسحاب قيد المناقشة، ومن غير الممكن سحب الجنود بين ليلة وضحاها». وأعلنت الرئاسة الفرنسية دعم {مجلس سوريا الديمقراطي}.
ثمة قناعة تبرز في باريس مؤداها أن فرنسا تجد نفسها مرة أخرى في مواجهة قرار أحادي للرئيس ترمب. وكما عجزت باريس ومعها عواصم أوروبية رئيسية مثل برلين ولندن عن دفع الأخير للامتناع عن نقض الاتفاق النووي مع إيران الربيع الماضي، كذلك فإنها عجزت عن إقناعه بإبقاء قواته في سوريا وقتاً إضافياً بانتظار أن تتوضح صورة الموقف، ويوضع الحل السياسي على السكة. والقناعة الأخرى المترسخة لدى الخبراء الفرنسيين أن باريس «لا تستطيع الحلول محل الأميركيين» عسكرياً، كما أنها لا تتمتع بالثقل السياسي اللازم للتأثير على مسار الأحداث في سوريا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.