بريطانية تعرض التراث المغربي لتقديم صور مشرفة عن المسلمين

خصصت عائدات معرضها اللندني الأول لمساعدة سكان غزة

من أعمال وديعة بوطابة
من أعمال وديعة بوطابة
TT

بريطانية تعرض التراث المغربي لتقديم صور مشرفة عن المسلمين

من أعمال وديعة بوطابة
من أعمال وديعة بوطابة

تلتقي جل الأعمال الفنية التشكيلية التي أنجزها فنانون أجانب عن المغرب في كونها تجسد رؤية تكاد تكون موحدة للثقافة والواقع المغربي، وصورة نمطية عن بعض التيمات الفلكلورية، وخاصة موضوع المرأة المغربية في حياتها اليومية، وما يرتبط بها من عادات وتقاليد، تكاد تكون بعيدة عن واقعها المعيش.
من هذا المنظور، تحاول وديعة بوطابة، التشكيلية البريطانية ذات الجذور المغربية، تغيير هذه الصورة النمطية عن المغرب وأناسه وعاداته، وتقديمها إلى الجمهور البريطاني في قالب مغاير، وصورة بعيدة عن النمطية والتصورات الجاهزة.
ولدت وديعة في بريطانيا من أبوين مغربيين من مدينة الناظور، وبعد حصولها على دبلوم في التصميم عملت في مجال الأزياء، وفي عام 2006 أقامت أول عرض لها في لندن تبرعت بعائداته لفائدة جمعية مصرية قصد مساعدة سكان غزة في محنتهم، ونظمت أيضا معرضا لفائدة رابطة المهاجرين في لندن، حضره الكثير من التمثيليات الدبلوماسية.
تقول وديعة بخصوص اختيار مواضيع لوحاتها التي تحاول رسم الواقع المغربي من زاوية مختلفة: «للأسف الشديد تشكلت لدى غالبية الأوروبيين صور مشوشة وسلبية عنا نحن المسلمين من خلال ما تكتبه الصحافة، ولذلك أحاول فيما أنجزه تقديم صورة مغايرة، وأسعى إلى تحسين تصورهم لواقعنا وتغييره ما أمكن، وقد أردت بالفعل أن أفتح عيونهم على جوانب مختلفة وأدفعهم للتفكير في ذلك، وبالفعل كان تواصل الناس إيجابيا مع لوحاتي، بغض النظر عن تلك الخلفية السابقة».
وتضيف موضحة طريقة اشتغالها: «أحاول قدر الإمكان أن أجعل أعمالي مشرقة بالألوان، وأن أستلهم روح المرأة المغربية من خلالها، وما تعيشه في معركتها اليومية مع أشغالها المتراكمة، لأن المرأة المغربية تميل في نظري لأن تكون قوية كالصخور. كما أركز في أعمالي على لوحات الموسيقيين التقليديين المغاربة لأنني أحس بالانبهار بآلات الموسيقيين المغاربة، وما تحمله من رموز ومعارف تمنحني الإلهام. إنها جزء مهم من الثقافة المغربية دون شك. لذلك لقيت لوحاتي الخاصة بالموسيقى والموسيقيين استحسان النقاد والجماهير».
ولتفسير حرصها الشديد على أن تكون جل أعمالها مخصصة للتعريف بالمغرب وحضارته، تؤكد وديعة أن المغرب كان دائما وجهة جذابة ومفضلة لدى الإنجليز، الذين يدفعهم الفضول للتعرف على ثقافة الآخر المختلفة، الذين أصبحوا في السنوات الأخيرة يحرصون على زيارة مدن المغرب العتيقة، كفاس ومراكش، وبأعداد غفيرة، ويسجلون إعجابهم وانبهارهم بكل أشكال الصناعة التقليدية، وببساطة عيش المواطن المغربي.
وسبق لوديعة أن عرضت أعمالها الأخيرة في «غاليري لحد» اللندني، المتخصص في عرض أعمال وفنون الشرق الأوسط، وعرف إقبالا جماهيريا كبيرا، وأشاد به عدد كبير من نقاد الفن والمهتمين بحركة الفن التشكيلي في بريطانيا. كما عرف أيضا حضور أبناء الجالية المغربية المقيمة في لندن، وعدد من المواطنين البريطانيين الراغبين في اكتشاف تراث المغرب وعاداته من خلال أعمال وديعة بوطابة التي تعد واحدة من التشكيليات المغربيات القلائل في بريطانيا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».