«باتمان».. الرجل الوطواط صار عمره 75 عاما

سر نجاح الشخصيات الخيالية هو الرغبة الإنسانية في عالم مليء بالكوارث في العثور على من يأتي لإنقاذنا

«باتمان».. الرجل الوطواط صار عمره 75 عاما
TT

«باتمان».. الرجل الوطواط صار عمره 75 عاما

«باتمان».. الرجل الوطواط صار عمره 75 عاما

كان يوم الأربعاء هو «باتمان داي» (يوم الرجل الوطواط)، عيد الميلاد رقم 75 للشخصية الكارتونية التي صارت الأشهر في العالم بعد ميكي ماوس. وبهذه المناسبة عقدت شركات ورسامو وفنيو الرسوم الكارتونية مؤتمرا في سان دييغو (ولاية كاليفورنيا)، ووزعت محلات الساندويتشات رسوم «الرجل الوطواط»، وظهر فيلم جديد له.
قبل «باتمان» (الرجل الوطواط)، كان هناك «سوبرمان» (الرجل الخارق). وبعده، جاء «سبايدرمان» (الرجل العنكبوت)، وغيره من الشخصيات الكارتونية «الصالحة» التي تدافع عن الضعفاء والمظلومين.
عن هذا قال براد ميلتزر، من أشهر مؤلفي الرسوم الكارتونية في الولايات المتحدة «عندما يصير العالم مجنونا ترتفع مبيعات أبطالنا. عندما ننظر حولنا في العالم، ونحس بالخوف، نريد من شخص خيالي أن يأتي لإنقاذنا».
وكتب مايكل كافنرا، محرر الشؤون الثقافية في صحيفة «واشنطن بوست»: «في عالم مليء بكوارث يومية، ودمار لا حدود له، ليس غريبا أن الشخصيات الكارتونية الخيرة صارت أكثر شعبية، من أفلام سينمائية، إلى مسلسلات تلفزيونية، إلى ألعاب للصغار».
ويمكن اعتبار بروس وين، أول من أسس شركة لنشر الرسوم الكارتونية (قبل ميلاد «الرجل الوطواط» بخمس سنوات تقريبا)، هو «أبو الرسوم الكارتونية».
عندما كان صغيرا، قتل والداه أمام عينيه. وقضى بقية حياته حزينا لأنه فقدهما، وغاضبا لأنهما كانا بريئين، ومستغربا لأن أحدا لم يهب لحمايتهما. ودفعه خياله إلى «الرجل الوطواط» ليحمي الضعفاء والمظلومين.
عندما ظهر «الرجل الوطواط» كانت تنشره شركة «ديتيكتيف كوميكس». في وقت لاحق، اختصر الاسم إلى «دي سي»، وهي الشركة التي ترعى احتفالات مرور 75 عاما على ميلاد هذه الشخصية الكارتونية. وعلى العكس من جميع الأبطال الخياليين، خيارا وأشرارا، لا يملك «الرجل الوطواط» مسدسا، أو بندقية أوتوماتيكية، أو يحمل صاروخا فوق كتفه، بل يعتمد على قوته الجسمانية، ونواياه الطيبة.
وكما توضح أفلام «الرجل الوطواط»، من أشهر أعدائه: «الجوكر» و«البطريق» و«ريدلر» و«فريزر».
ومن أشهر أفلام «الرجل الوطواط»: «مع روبين» (ثاني فيلم عام 1949)، و«إلى الأبد»، و«العودة»، و«مع روبين» (بالألوان)، و«البداية»، و«دارك نايت»، و«عودة فارس الظلام». ومثل دور البطل الخير في أغلبية هذه الأفلام الممثل مايكل كيتون.
وقد بدأت الاحتفالات في سان دييغو، في قاعة المؤتمرات يوم الأربعاء الماضي، ويتوقع أن يحضرها أكثر من مائة ألف شخص خلال أربعة أيام. في الوقت نفسه، تنظم دار نشر «راندوم»، التي تنشر كثيرا من هذه الرسوم الكارتونية، احتفالات في نيويورك. وأيضا، تشترك أكثر من ألف مكتبة عامة في جميع أنحاء أميركا، في الاحتفالات.
هل سيظهر فيلم جديد بهذه المناسبة؟ طبعا: «الرجل الوطواط 75: أسطورة فارس الظلام».
حتى اليوم، ومنذ بداية الحرب العالمية الثانية، تستمر المنافسة بين «باتمان» (الرجل الوطواط) و«سوبرمان» (الرجل الخارق). وطبعا، هذه منافسة شريفة، لأن الرجلين يتنافسان على عمل الخير. لكن المنافسة الحقيقية تجارية: من يوزع أكثر؟ ومن يربح أكثر؟
وقال ميلتزر، الذي يعتبر اليوم إمبراطور أبطال الكارتون «خلال هذه السنوات الخمس والسبعين، تربى (الرجل الوطواط) وترعرع بفضل إسهامات مئات الكتاب، والمؤلفين، والرسامين، حتى صار ربما رجلا مثاليا. ورغم أن مزاجه يتنقل من التفاؤل، إلى التشاؤم، إلى ظلاميات، إلى كراهية الذات، إلى الثقة بالنفس، فإنه يظل دائما يعرف بالتحديد ما سيفعل، في حالة أو أخرى، بطريقة أو أخرى». وأضاف «هذا رجل معدنه لا يتغير».
وفي نيويورك، قال دان ديديو، ناشر الرسوم الكارتونية «ظل الرجل الوطواط رجلا قويا ونزيها لأن كل جيل يأتي يضيف إليه تغييرات تماشي تغييرات الزمان. يملك الرجل الوطواط قدرة خارقة، ليس فقط للدفاع عن المظلومين، ولكن أيضا للدفاع عن نفسه، عندما يتغير الزمان، ويأتي جيل جديد. يملك قدرة خيالية ليتأقلم (مثلما لا يملك الرجل العادي خلال 75 عاما)».
وقال ميلتزر «لخمسة وسبعين عاما، ظل الرجل الوطواط درعنا الثقافي. ظل يحمينا من مخاوف عميقة».
وفي واشنطن، قال مارك نوبلزمان، مؤلف كتاب عن هذه الشخصية الكارتونية «كان الرجل الوطواط أول من تطوع للدفاع عن المظلومين لأسباب نفسية. كان مدفوعا بسبب ما حدث لوالديه».
وفي واشنطن، أيضا، قال غلين ويلدون، الذي يؤلف كتابا عن هذه الشخصية الكارتونية «ظل الرجل الوطواط ينجح، جيلا بعد جيل، لأنه مدفوع بعواطف نبيلة. لأنه يستلهم نوايا عاطفيا».
ومرة أخيرة، قال ميلتزر، الذي يشرف على الجوانب الفنية، مثل الرسامين «مرة، صارت أذناه طويلتين، ومرة، صارتا قصيرتين. ومرة، صارت ملابسه سوداء داكنة، ومرة أخرى صارت غامقة». وأضاف «لكن، يظل الرجل عنيدا لا يتنازل، قوي الإرادة، يحاول أن يقنع كل رجل بأن أمامه فرصة. حتى إذا لم تكن أمامه فرصة. نحن، عامة الناس، نريد مثل هذا الرجل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».