أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف

العثيمين شدد على أهمية وجود إطار سياسي يحدد أسباب تطرف الشباب ويتصدى للوقاية

أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف
TT

أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف

أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف

أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين، أن منظمته تعمل على إنتاج أدوات جديدة ترتقي بأسلوبها في مكافحة ظاهرة الفكر المتطرف والإرهاب، من خلال «مركز صوت الحكمة» التابع لها، مع إطلاق أنشطة إعلامية ثقافية في مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية لإبراز الشخصية المسلمة المعتدلة والمتسامحة التي تتعايش مع جميع المكونات المجتمعية والإنسانية. وشدد العثيمين في حوار مع «الشرق الأوسط»، على أهمية وجود إطار سياسي يحدد أسباب تطرف الشباب، ويتصدى للوقاية منه، مؤكداً في الوقت نفسه أن الوقت حان لصياغة وثيقة تدعو المؤسسات الإعلامية أيضاً في دول العالم الإسلامي لوضع خطط لمحاربة السياسات المتطرفة.
وحول الهجمة التي تواجهها السعودية من جماعات الإسلام السياسي، أكد العثيمين أن السعودية دولة قوية ومؤثرة في المنطقة والعالم، ومعروفة بسياستها الهادئة والواقعية. ولذا فإن المنظمة تؤمن بالخطوات الإيجابية التي تقوم بها حكومة الرياض في مواجهة «المعلومات المغلوطة»، بقناعة منها بأن حكومة المملكة تسلك الطريق المتوازن.

> مع تسارع الأحداث الخارجية... كيف يستطيع العالم الإسلامي الوقوف في وجه المخاطر والتحديات التي تواجهه؟
يجب أن نعرف أولاً أن العالم الإسلامي ليس وليد اللحظة، وإنما هو امتداد حضاري لأكثر من ألف وأربعمائة سنة، وواجه في تاريخه تحديات أشد وطأة وأكثر خطراً، ونجح بموروثه الطويل، وقوة رسالته، واتساقها مع كل زمان ومكان أن يصمد ويتسع ويفرض نفسه رقماً صعباً في هذا العالم.
لهذا، عندما ننظر إلى التحديات الحالية ونقارنها بتراكمية الأزمات التي ألمّت بالعالم الإسلامي، فإننا نثق في قدرات دولنا وشعوبها وحكمة قياداتها.
والأمانة العامة جهاز بُنِي في أساسه لرصِّ صفوف الدول الإسلامية كي تقف في وجه مشكلاتها وأزماتها، ومن أجل التصدي للتطورات والتحديات، عبر جملة من الآليات والأدوات التي وُضِعت على مدى ما يقارب نصف قرن، وجرى تعديلها وتطويرها كي تلبي متطلبات العصر، إذ تملك المنظمة ميثاقاً جرى تحديثه بلغة عصرية، وتضم كذلك لوائح وقوانين شاملة ومتكاملة، ولديها إمكانيات تعبر عن قدرة دولها الأعضاء ومساحتها الجغرافية الواسعة وثقل عدد سكانها الذي يمثل خُمس سكان العالم؛ فالمنظمة منصة مثالية للوقوف عليها واستغلالها لمواجهة الأزمات، فهي الصوت الجامع للعالم الإسلامي.
> يشكل التطرف الفكري أحد أشكال الإرهاب المعاصر... ما الوسائل التي تساعد على التصدي لهذا النوع من الإرهاب؟
= الفكر لا يُواجَه إلا بالفكر، والرأي المنحرف لا يدحضه إلا الرأي السديد والقويم، وفي رأيي أن أول مستوى للتصدي لهذا الفكر المتطرف يتمثل في تكثيف المواجهة الفكرية ضد هذا الخطاب بالحجج والبراهين المتأصلة في الشريعة الإسلامية، وذلك يتم بفتح الباب لأصحاب الفكر والعلم للعمل على مواجهة الفكر والمنحرف المتشدد وإعادة تصويبه، ولبعض الدول الإسلامية، وفي مقدمتها السعودية، تجربة رائدة في هذا المجال باتت فيها قدوة لكثير من الدول؛ فمن بين مبادراتها المهمة في مقارعة الخطاب المتطرف ونشر الفكر المعتدل والوسطي: مركز «اعتدال»، ومركز الحرب الفكرية التابع للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال بجامعة الملك عبد العزيز.
وستعلن منظمة التعاون الإسلامي قريباً عن أدوات جديدة ترتقي بأسلوب المنظمة في مكافحة ظاهرة الفكر المتطرف والإرهاب من خلال مركز صوت الحكمة الذي يعمل بالتنسيق مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي في تغذية وسائل الاتصال الاجتماعي بخطاب متسامح، وتفنيد الخطاب المتطرف، ونشر صورة الاعتدال والتسامح التي يتميز بها الدين الإسلامي.
> إلى أي مدى استطاعت المنظمة توصيل خطابها الموجَّه إلى العالم الإسلامي لتنفيذ برنامجها الذي يستهدف العمل على توحيد الرؤية في العالم الإسلامي؟
= تعمل المنظمة على تصميم خطابها الوسطي والمعتدل، المستلهم من انضباط الوعي الجمعي للأمة الإسلامية، وإيصاله بإبداع إلى جميع شرائح المجتمعات في العالم الإسلامي وحتى غير الإسلامي. وتعمل المنظمة من خلال الوسائل الإعلامية الحديثة على أن يبلغ خطابها جميع المجتمعات عبر آليات قامت بإطلاقها منذ فترة وتقوم بتطويرها دورياً؛ إذ اعتمدت المنظمة خلال الدورة الأخيرة لوزراء الإعلام في جدة، ثم اجتماع مجلس وزراء الخارجية الذي تلاها في أبيدجان، الاستراتيجية الإعلامية الشاملة للمنظمة حتى عام 2025، والاستراتيجية الإعلامية للمنظمة للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا وآلياتها التنفيذية. ونخطط لإطلاق أنشطة إعلامية ثقافية في مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية، الهدف الرئيسي منها إبراز الشخصية المسلمة المعتدلة والمتسامحة، التي تتعايش مع جميع المكونات المجتمعية والإنسانية.
وتظل المنظمة واعية بضرورة تجديد وسائلها الإعلامية لمواكبة أنماط استقاء المعلومات لدى الجيل الصاعد، لذلك استثمرت في الاستفادة من إمكانيات التواصل الاجتماعي في نشر رسالتها ورؤيتها وطرحها المتوازن وبث مواد جذابة متنوعة في هذا الشأن على موقع المنظمة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة ليتم تداولها بين أطياف المجتمع.
> ماذا نتج بشأن «الحوار الحضاري» لمخاطبة الرأي العام في مواجهة القوى المتطرفة؟
= يُعتبر الحوار الحضاري من أهم المحاور التي تعمل عليها المنظمة، وهو يحتل مساحة كبيرة في نشاطات المنظمة التي أسست إدارة خاصة تحت اسم «إدارة الحوار والتواصل» تتخصَّص بمتابعة المبادرات العديدة التي تنشط فيها المنظمة، كما أن من مهامها إطلاق مبادرات جديدة، إيماناً منا بأن الحوار الحضاري ينتج الفهم، والفهم أولى مراتب التقارب، وإذا ما تمّ التقارب زالت الحساسيات وغابت دوافع الكراهية والتطرف. وللمنظمة سلسلة طويلة جداً من المبادرات والمؤتمرات والشراكات في هذا المجال؛ فالمنظمة عضو مؤسس لكثير من برامج الحوار التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة، كما أن المنظمة عضو مؤسس في مبادرة تحالف الحضارات، وشريك فعّال جداً لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ولها شراكات ومبادرات مع «الفاتيكان»، والكنيسة الأرثوذكسية في روسيا، وكثير من المؤسسات الدينية عبر العالم.
> يتطلب الوقت الحالي الوصول إلى الشباب الإسلامي في مختلف دول العالم، وتحصينهم ضد التطرف والإرهاب، ما برامجكم في هذا الشأن؟
= تظهر التركيبة الديموغرافية الحالية للمجموعات المتطرفة اتجاهاً متزايداً نحو التجنيد في الأعمار الأصغر، وتوسعاً نحو الشابات، وهو ما يكتسي أهمية كبيرة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إذ إن لديها أكثر بنية سكانية من الشباب في جميع أنحاء العالم، ولها أعلى معدلات نمو للسكان الشباب. وبحلول عام 2030، ستكون الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي موطناً لـ30.9 في المائة من الشباب في العالم. إن الدول الأعضاء في المنظمة، مقارنة بالعالم، تتأثر بشكل خاص بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تدفع إلى التطرف. ويستدعي ذلك إطاراً سياسياً موجهاً نحو العمل يمكن أن يحدد الأسباب الجذرية والطرق المؤدية إلى التطرف الشبابي، وأن يتصدى للوقاية وإعادة التأهيل، وأن يتضمن خططاً قابلة للتنفيذ على المديين القصير والطويل.
نحن في منظمة التعاون الإسلامي نشيد بتجربة السعودية في مخاطبة الشباب واستنطاق إبداعاتهم، وتقوم مؤسسة «مسك الخيرية» بدور رائد ونوعي في هذا المجال، ونتطلع إلى أن تمد ملاءة برامجها ونشاطاتها لتشمل الشباب في الدول الإسلامية من خلال المنظمة أو الاتفاقيات الثنائية مع الدول الإسلامية.
> تواجه السعودية أخيراً حرباً إعلامية موجهة مع لغة تصعيد قوية، كيف تعاملت المنظمة مع ما يتم بثه من معلومات مغلوطة عن المملكة؟
= السعودية دولة قوية ومؤثرة في المنطقة والعالم، ومعروفة بسياستها الهادئة والواقعية. ولذا فإن المنظمة تؤمن بالخطوات الإيجابية التي تقوم بها حكومة السعودية في مواجهة المعلومات المغلوطة قناعة منها بأن حكومة المملكة تسلك الطريق المتوازن. وفي سياق متصل، ندعم كل الجهود التي تقوم بها في هذا الصدد، وصدرت بيانات عدة من الأمانة العامة تدعم مواقف السعودية المعلنة من الحملات الإعلامية أو السياسية التي تستهدف أمنها واستقرارها.
منظمة التعاون الإسلامي، بدورها، لا تألو جهداً في الدفاع عن السعودية باعتبارها دولة مؤسسة للمنظمة وبلد المقر، وهي رمز التضامن الإسلامي في العصر الحديث، وقلب العالم الإسلامي النابض بالإيمان. وجميع مشاريع القرارات التي تدعو إلى عدم المساس بصورة السعودية بأي شكل من الأشكال تجد تأييداً جماعياً في مؤتمرات القمم الإسلامية ومجلس وزراء الخارجية.
> كيف ترون الحوار بين المذاهب الإسلامية في العالم... وهل من مبادرات ستتخذونها في هذا الاتجاه؟
= لعلي لا أبالغ إن قلتُ إن منظمة التعاون الإسلامي هي أول كيان رسمي أطلق مبادرة التقريب بين المذاهب الفقهية والعقدية في العالم الإسلامي؛ فمن خلال التقريب السياسي الذي تمارسه المنظمة بين الدول الإسلامية كافة يولد التقريب بين المذاهب المتعددة التي تتبعها تلك الدول، لذا أطلقت المنظمة العديد من المبادرات على صعيد الحوار الداخلي، على مستوى الفرق والمذاهب الإسلامية، من خلال نشاط مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يضم عضوية فقهاء وعلماء من تسعة مذاهب إسلامية مختلفة، ويعمل على الأخذ من التراث الفقهي للجميع دون استثناء، وكما يضم المجمع من بين هياكله لجنة خاصة تحت اسم «لجنة التقريب بين المذاهب الإسلامية».
وتنشط المنظمة في هذا المحور من خلال تعاونها المستمر والمكثف مع رابطة العالم الإسلامي والأزهر الشريف.
> هل ترون أن الوقت حان لصياغة وثيقة تدعو المؤسسات الإعلامية في دول العالم الإسلامي لمحاربة السياسات المتطرفة؟
= بالفعل، لقد حان الوقت، ومنذ فترة طويلة، نعمل على صياغة وثيقة تدعو المؤسسات الإعلامية في دول العالم الإسلامي لمحاربة السياسات المتطرفة. قامت المنظمة خلال الدورة الحادية عشرة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام باعتماد قرار قدمته السعودية حول دور الإعلام في مكافحة الإرهاب، وهي تعمل الآن، بالشراكة مع الدول الأعضاء والمؤسسات الإعلامية التابعة للمنظمة، على تنفيذ مقتضياته، إذ إن القرار دعا وسائل الإعلام والمفكرين إلى تسليط الضوء على كون ظاهرة الإرهاب ظاهرة اجتماعية عالمية لها أسبابها وأنماطها، وأنها ليست ظاهرة دينية حتى وإن أساءت استخدام الدين لتحقيق أهدافها ومصالحها، وحث الدول على إدانة وتجريم أي وسيلة إعلامية تروج وتحرض على الإرهاب، وكذلك الأفراد والجهات الذين يستغلون منصات التواصل الاجتماعي لدعم الإرهاب. وننفذ برامج لتأهيل كوادر إعلامية متخصصة قادرة على التعامل مع الأحداث الإرهابية وتغطيتها بالشكل المناسب، لتكون قادرة على التعامل مع تقنيات العصر الحديث، ومدركة لأهداف الرسالة الإعلامية الإسلامية.



السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
TT

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

جاء ذلك في بيان ألقاه مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير عبد العزيز الواصل، أمام الجمعية العامة بدورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة بشأن فلسطين للنظر بقرارين حول دعم وكالة الأونروا، والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وقال الواصل إن التعسف باستخدام حق النقض والانتقائية بتطبيق القانون الدولي أسهما في استمرار حرب الإبادة الجماعية، والإمعان بالجرائم الإسرائيلية في غزة، واتساع رقعة العدوان، مطالباً بإنهاء إطلاق النار في القطاع، والترحيب بوقفه في لبنان، واستنكار الخروقات الإسرائيلية له.

وأكد البيان الدور الحيوي للوكالة، وإدانة التشريعات الإسرائيلية ضدها، والاستهداف الممنهج لها، داعياً إلى المشاركة الفعالة بالمؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية الذي تستضيفه نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا.

وشدد الواصل على الدعم الراسخ للشعب الفلسطيني وحقوقه، مشيراً إلى أن السلام هو الخيار الاستراتيجي على أساس حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وفق قرارات الشرعية الدولية.

وعبّر عن إدانته اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية التي تؤكد استمرارها بانتهاك القانون الدولي، وعزمها على تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، مشدداً على عروبة وسورية الجولان المحتل.

وصوّت الوفد لصالح القرارين، فجاءت نتيجة التصويت على دعم الأونروا «159» صوتاً، و9 ضده، فيما امتنعت 11 دولة، أما المتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، فقد حصل على 158 صوتاً لصالحه، و9 ضده، في حين امتنعت 13 دولة.