زيارة مفاجئة للسراج تؤدي إلى فتح حقل «الشرارة» النفطي

المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في تونس أول من أمس ((أ.ف.ب)
المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في تونس أول من أمس ((أ.ف.ب)
TT

زيارة مفاجئة للسراج تؤدي إلى فتح حقل «الشرارة» النفطي

المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في تونس أول من أمس ((أ.ف.ب)
المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في تونس أول من أمس ((أ.ف.ب)

بينما دخلت الولايات المتحدة، أمس، على خط أزمة استمرار إغلاق حقل «الشرارة» النفطي، أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا، زار فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، أمس، الحقل بشكل مفاجئ قصد إقناع المسؤولين عن إغلاقه بالعدول عن موقفهم، وسط تقارير تفيد بإعادة تشغيله، أمس.
وفيما كشف أحمد معيتيق، نائب السراج، عما وصفه بأنه «بداية انفراج أزمة إغلاق الحقل النفطي»، في بيان مقتضب وزعته أمس إدارة التواصل والإعلام بحكومة السراج، نقلت «بوابة الوسط» عن الرائد صالح محمد، الناطق باسم الكتيبة «30 مشاة خفيف»، إعادة فتح حقل «الشرارة» النفطي، مساء أمس، وتسوية الأزمة التي تسببت في إغلاق الحقل ووقف الإنتاج، ومن بينها رواتب عناصر الحماية.
وعلى الرغم من تحذيرات مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، من خطورة الاستجابة لمطالب المحتجين، وعدم دفع أي رشى مالية لهم لإعادة فتح الحقل المغلق منذ الأسبوع الماضي، وصل السراج أمس جواً على رأس وفد رسمي رفيع المستوى إلى الحقل، في زيارة لم يسبق الإعلان عنها، وتعد هي الأولى من نوعها له إلى المنطقة منذ اندلاع هذه الأزمة.
واجتمع السراج الذي كان مرفوقاً بعدد من وزرائه ونواب الجنوب ومدير الشركة العامة للكهرباء، مع ممثلين عن حراك غضب فزان، وقادة من الكتيبة 30 مشاة، التابعة لحرس المنشآت النفطية، الذين أغلقوا حقل «الشرارة» احتجاجاً على سوء الأوضاع في الجنوب. وقالت مصادر حكومية إن السراج طالب بإعادة فتح الحقل المغلق على الفور بهدف تفادي الخسائر المادية التي ستترتب على ذلك، بينما قال بشير الشيخ، منسق حراك غضب فزان، في تصريحات تلفزيونية، إنه لن يتم فض الاعتصام وإعادة فتح حقلي «الشرارة» و«الفيل» إلا بعد تنفيذ المطالب العشرة للحراك، ودعا في المقابل حكومة السراج إلى إثبات حسن النية.
بدوره، قال معاون آمر الكتيبة «30 مشاة» علي الحسيني، في تصريحات تلفزيونية، أمس: «طالبنا السراج بتوفير الإمكانيات لأداء عملنا، ومستمرون في تأمين حقل (الشرارة)». وقبل ساعات من هذه الزيارة، أصدر السراج في بيان له مساء أول من أمس، «قرارات وتوصيات تستهدف تفعيل مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين في المنطقة الجنوبية». وأعلن السراج في بيان وزعه مكتبه «أنه تم تخصيص 120 مليون دينار للمشاريع الخدمية العاجلة، بالإضافة إلى تخصيص ترتيبات مالية استثنائية بمبلغ مليار دينار لمشاريع تنموية، وتطوير الجنوب لتنطلق مطلع العام المقبل». وأضاف السراج أن «المنطقة الجنوبية واجهت إهمالاً على مدار عقود، لذلك نتفهم دوافع حراك غضب فزان، الذي انطلق ليعبر عن المطالب المشروعة لأبناء الجنوب. إلا أننا لا نقرّ أبداً أن يتم تهديد أي مصدر لقوت الليبيين، أو مرافق البلاد الحيوية».
وسبق للسراج أن أكد خلال اجتماعه مساء أول من أمس، مع عدد من ممثلي الجنوب الليبي في مجلس النواب، والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، أنه «يتابع وبصفة يومية تطورات الأوضاع في المنطقة، نظراً إلى ما تمثله من أهمية بالغة في تحقيق الأمن والاستقرار في كامل البلاد».
وحراك «غضب فزان» عبارة عن تجمع مدني من شباب الجنوب الليبي، له مطالب خاصة بجنوب البلاد، وفي مقدمتها توفير فرص العمل، وتوفير الوقود والمخصصات المالية لمناطقهم. وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أعلنت الأسبوع الماضي حالة «القوة القاهرة» في حقل «الشرارة» النفطي، ورفضت دفع أي فدية مالية من أجل فتحه، إذ تعتبر هذه الحالة بمثابة حماية يوفرها القانون بمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناشئة عن توقف أداء العقود النفطية، نتيجة أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية في بيان مقتضب عبر «تويتر» أن الولايات المتحدة تواصل مراقبة الوضع في حقل «الشرارة» النفطي، وأكدت دعوة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى الانسحاب الفوري وغير المشروط للعناصر المسلحة في المنطقة، معتبرة أن هذا بمثابة أمر حاسم للسماح بإنتاج النفط لصالح جميع الليبيين. ودعت الوزارة جميع الأطراف إلى حل القضايا من خلال الحوار البناء والوسائل السلمية بروح التوافق، وليس من خلال التهديد بالعنف.
في سياق آخر، أعلنت قوات الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أنها حققت أمس انتصاراً مهماً ضد الجماعات الإرهابية والمسلحة، التي كانت تحتشد في منطقة السدادة شبه الصحراوية بالقرب من مدينة مصراتة، الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس.
وقالت مصادر عسكرية إن طائرات حربية تابعة للجيش قصفت مواقع للمسلحين، الذين يُعتقد أنهم خليط من فلول من ميليشيات إبراهيم الجضران، الرئيس السابق لجهاز حرس المنشآت النفطية، وعناصر ما كان يعرف باسم تنظيم «شورى ثوار بنغازي» المتطرف.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.