هل يعيش السويسريون على كوكب آخر؟! سؤال تطرحه نفسك عندما تتابع هموم المواطن السويسري السياسية وشجونه الاجتماعية، وتقرأ عناوين صحفه اليومية، في حين العالم من حوله غارق في الأزمات الاقتصادية والحروب التجارية والهجرة والتهديدات النووية. وبما أن سويسرا هي الديمقراطية المباشرة الوحيدة في العالم، لا بد أن تكون الكلمة الفصل في معالجة هذه الهموم والشجون عند الشعب الذي يقرر صغائر الأمور قبل كبائرها في الاستفتاءات التي يدعى السويسريون إليها مراراً كل عام.
آخر هذه الهموم كانت حول قرون البقرة السويسرية الشهيرة التي ترعى هانئة في الحقول الخضراء وتزين صورها أغلفة الشوكولاتة ذائعة الصيت، التي تكاد أن تصبح مهددة بالانقراض. والسبب هو أن ثلاثة أرباع قطعان البقر التي تعتبر من أبرز الرموز الوطنية والسياحية في سويسرا، أصبح بلا قرون لأنها خضعت لعملية قطعها عند الولادة، أو لأنها من سلالة محوّرة وراثياً تولد من دونها. هذا ما عزم على تغييره أحد المزارعين الذي يدعى آرمين كابول ويعيش في كانتون جورا شمال شرقي البلاد عندما تقدم باقتراح لإجراء استفتاء بشأن تخصيص مساعدات رسمية من موازنة وزارة الزراعة لمربي الماشية الذين يقررون الحفاظ على قرون البقر.
وكان كابول قد بدأ حملته في عام 2010، عندما وجّه رسالة إلى المكتب الفيدرالي للزراعة، مطالباً بإدراج الحفاظ على قرون البقر ضمن برنامج العناية بالثروة الحيوانية. ويقول إن المسؤولين سخروا يومها من طلبه، بحجة أن قطع قرون البقر يحول دون وقوع الحوادث بين القطعان، ويتيح بناء حظائر أصغر. لكن بعد أن فشل في إقناع الأحزاب السياسية بتبني اقتراحه، عمد إلى إطلاق مبادرة شعبية لإجراء استفتاء يقضي به النظام الديمقراطي السويسري إذا توفر له الدعم من مائة ألف مواطن.
وجمع كابول نحو 120 ألف توقيع من مواطنيه الذين كانوا يتابعون حكاياته عن الحيوانات التي كانت «تطلب مني مساعدتها لكي تتمكن من الاحتفاظ بقرونها». ويعتبر هذا المزارع الذي يبلغ من العمر 66 سنة، أن «قرون البقرة بمشيئة الخالق، وليس من حقنا أن نعدّل ما أراده لها». ويقدر عدد الابقار في سويسرا بنحو 700 ألف وفقاً لبيانات وزارة الزراعة.
الحكومة الفيدرالية من جهتها، كانت ضد الفكرة؛ إذ اعتبرت أن برنامج العناية برفاه الحيوان يلحظ مساعدات لتربية الماشية وفقاً للشروط المطلوبة، ولا حاجة إلى تخصيص مساعدة من أجل الحفاظ على القرون، التي تقدر كلفتها بنحو 20 مليون دولار من أصل موازنة وزارة الزراعة التي تبلغ ثلاثة مليارات دولار سنوياً. المهم أن نتيجة الاستفتاء جاءت لصالح الإبقاء على النظام الحالي بأغلبية 54 في المائة، ورفض مبادرة آرمين كابول، الذي أكد التحضير لاستفتاء شعبي آخر.
استفتاء سويسري بشأن قرون الأبقار
استفتاء سويسري بشأن قرون الأبقار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة