القفطان المغربي يلعب دور {البطولة} في مهرجان مراكش السينمائي

تتوالى دورات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش وتتغير أسماء ووجوه المدعوات، من فنانات وفاعلات في المجتمع أو زوجات فنانين ومسؤولين ومدعوين. وحده القفطان، هذا الزي النسائي التقليدي المغربي، حافظ على حضوره كل عام. أحياناً باستيحاء وأحياناً بقوة كما هو الحال هذه المرة، حيث لعب دوراً بطولياً.
على مدى أيام التظاهرة، اختالت النجمات والضيفات على حد سواء في قفاطين منسابة زادتهن أناقة كما أضفت على مراكش جواً شرقياً يعبق بالغموض وسحر ألف ليلة وليلة. بالنسبة للنجمات الشابات تحديداً، كان بمثابة المنقذ لهن من حيرة الاختيار والأخطاء، وهو ما شهدته مهرجانات أخرى وقعت فيها بعض النجمات في مطب سوء التقدير باختيار فساتين فاضحة لا تناسب البيئة العربية، وليس أدل على هذا من فستان الممثلة المصرية رانيا يوسف الذي لا تزال تداعياته مستمرة على شبكات التواصل الاجتماعي. لكن الفرق بينه هذا العام وبينه في الأعوام الماضية أنه زاد أناقة بفضل تلك الجُرعة المتوازنة من العصرية، التي أضافها عدد من المصممين مثل روميو وغيره ممن تفننوا في تطريزاته وألوانه وقصاته، بحيث أغنى عن أجمل الفساتين وأفخمها من الماركات العالمية. لم يحاولوا أن يختلفوا لكي يُعرفوا، بل حافظوا على أساسياته وتجنبوا أي لمسة يمكن أن تشي بالجرأة، وهو ما كان يميل إليه البعض منه في عروضهم وأثار جدلاً بين رافض للمساس به ومتفهم أن التطور من الضروريات.
لكن النتيجة التي توصلوا إليها أن قوة القفطان تكمن في حشمته وعنفوانه، وبأنه يريح الناظر وصاحبته على حد سواء. لا تعقيدات في التنسيق ولا حاجة إلى جواهر أو أي إكسسوارات. وهذا يعني أنه يُغني عن وجع الرأس، كما يقي من أي جدل قد يتفجر في حال اعتبر المتتبع أن الزي العصري «فاضح» أو «جريء» يُظهر أكثر مما يخفي.
من الفنانات اللواتي توخين السلامة والأمان، ولجأن إلى القفطان كقطعة تُغني عن أي تصاميم عالمية، فرح الفاسي وزينب عُبيد التي ارتدت قفطانا على شكل «جامبسوت» جمع التقليدي بالعصري، والفنانة والوزيرة السابقة ثريا جبران وأخريات. حتى الفنانة نادين لبكي اختارت في إحدى الأمسيات زياً مستوحى من القفطان بلون أبيض وتصميم عصري أضفى عليها مظهراً أميرياً بامتياز.
واللافت في الأمر أن النجمات المغربيات كن يتجنبنه في السابق، وكأنهن كن يتخوفن من أن يُضفي عليهن صبغة محلية، هو اللواتي يطمحن إلى العالمية، فيما كانت النجمات الأجنبيات أكثر ما تُقبلن عليه ويرغبن في الاختيال به. وليس أدل على هذا من الأميركية سوزان ساراندون، التي تألقت في الدورة السادسة للمهرجان في قفطان ذهبي، بدت فيه الأبهى والأجمل: ممثلةٌ ذهبيةٌ تختال في قفطان ذهبي، في أمسية كُرمت فيها بكأس ذهبي اللون والقيمة. هذه الصورة أصبحت أيقونية ومرسومة في الأذهان حتى بعد مرور سنوات عليها وكأنها فتحت عيون بنات البلد وغيرهن على سحره، ثم لا ننسى أن تصاميمه تطورت بطريقة معقولة.
فقد تخففت من وزنها الثقيل وفي الوقت ذاته من إغراقها في التقليدي بفضل مصممين شباب يجتهدون لإخراجه إلى العالمية أو ربما سد الأبواب عن أي مصمم غربي قد تُسول له نفسه استغلاله في غفلة منه. يعيد صياغته حسب رؤيته من دون أن يعرف تاريخه أو تجذره في الوجدان المغربي. ويبدو أن هؤلاء المصممين الشباب صاروا يدركون قيمة المناسبات الفنية للترويج لإبداعاتهم.
وطبعاً ليس هناك مناسبة أفضل من مهرجان مراكش السينمائي، الذي يحظى بمتابعة إعلامية عالمية ليكون وسيلة إعلانية له.